وزير الطاقة الإيراني في بغداد لحل مشكلة الديون

على وقع أزمة كهرباء في العراق بعد خفض طهران إمدادات الغاز

TT

وزير الطاقة الإيراني في بغداد لحل مشكلة الديون

وصل وزير الطاقة الإيراني رضا إردكانيان، إلى بغداد، أمس، في إطار زيارة رسمية يُعتقد أنها تهدف إلى التباحث مع الجانب العراقي بشأن مستحقات مالية لطهران بذمة بغداد عن مبيعات الغاز الإيراني للعراق التي هددت طهران بخفضها مؤخراً، ما عرّض أوضاع إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق للخطر، وخفض إنتاجها بواقع 7 من مجموع 19 ألف ميغاواط، وتسبب بخلق أزمة للحكومة نتيجة تراجع تجهيز المنازل في الطاقة إلى نحو 5 ساعات فقط في اليوم الواحد.
والتقى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الوزير الإيراني الذي تعهد بـ«استئناف ضخ الغاز الإيراني بشكل عاجل»، طبقاً لبيان صادر عن رئاسة الوزراء. كما التقى الوزير الإيراني، وزير الكهرباء ماجد حنتوش، ومحافظة البنك المركزي، ووزير التجارة علاء الجبوري.
وكان المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي، قد قال في تصريحات سبقت الزيارة، إنها مخصصة لـ«بحث موضوع الغاز والديون والمستحقات الواجبة الدفع للجانب الإيراني المقدّرة بمليارين و600 ألف دولار أميركي».
وأضاف أنه «ستتم أيضاً مناقشة تراجع إطلاقات الغاز المجهّزة لمحطات الإنتاج والتي تسببت بخروج 7 آلاف ميغاواط من المنظومة الوطنية، مما أثر وبشكل كبير على ساعات التجهيز»، مؤكداً أنه «سيتم مباحثة كذلك الخطوط الناقلة للطاقة والمربوطة تزامنياً مع المنظومة العراقية بشكل مستفيض لمعالجة الموضوع».
ويَشيع اعتقاد محلي مفاده أن الإيرانيين يعرفون تماماً متى يمسكون المسؤولين العراقيين من «اليد التي تؤلمهم»، ويعتمدون الإعلان عن إيقاف إمدادات الغاز إلى العراق في ذروة حاجة البلاد إلى الطاقة الكهربائية كما حدث في الصيف الماضي ويحدث اليوم، بهدف الحصول على ديونهم المستحقة على العراق.
ويعاني العراق، خصوصاً العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، من أزمة شديدة في تجهيز الطاقة، دفعت وزارة الكهرباء إلى التلويح بإمكانية انهيارها في حل لم تتدارك الأمر.
وكان المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي قد قال قبل يومين لـ«الشرق الأوسط»: إن «الجانب الإيراني كان يجهّز العراق سابقاً بنحو 50 مليون متر مكعب لليوم الواحد، أما اليوم فلا تصل إلينا إلا نحو 5 ملايين متر مكعب، ما تسبب في تراجع كبير في الإنتاج». وأضاف: «سبق وحذّرنا من أن ملف الكهرباء قد يطيح بأي حكومة في حال لم تتم معالجته بصورة صحيحة. أمام الحكومة اليوم التفاوض مع الجانب الإيراني حول الديون المستحقة أو إطلاقها، وهناك أيضاً خيار الإيعاز إلى وزارة النفط لتعويض الغاز بالوقود السائل»، لكنه استبعد قدرة وزارة النفط على التعويض، لأن ذلك «خارج إمكاناتها الإنتاجية».
وتحدث بيان لوزارة التجارة التي التقى وزيرها علاء الجبوري مع الوزير الإيراني عن أن اللقاء «تداول عقد اجتماع تمهيدي للجنة العراقية الإيرانية المشتركة، ومناقشة رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين وإجراء مفاوضات حول توقيع مشروع الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين البلدين».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».