الرئيس الجزائري يعود إلى بلاده بعد شهرين من الغياب

استياء من دفع فدية لمتطرفين مقابل تحرير رهائن في مالي

TT

الرئيس الجزائري يعود إلى بلاده بعد شهرين من الغياب

عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى بلاده، أمس، بعد شهرين من العلاج في مستشفى بألمانيا إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، وفق صور أظهرها التلفزيون الحكومي.
وظهر تبون (75 عاماً) بحالة أفضل من آخر ظهور له قبل ثلاثة أسابيع، وكان يرافقه رئيسا غرفتي البرلمان ورئيس الوزراء، ورئيس أركان الجيش ورئيس المجلس الدستوري.
وأثار غياب تبون منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تكهنات بخصوص قدرته على إكمال ولايته الأولى.
من جهة أخرى أثارت «قضية دفع فدية لإرهابيين في مالي» من طرف حكومتين غربيتين حفيظة السلطات الجزائرية، التي أعلنت عن ضبط مبلغ باليورو في مخبأ جماعة متطرفة قالت إنه من أموال فدية تسلمها متطرفون بالساحل في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقابل الإفراج عن رهائن.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية، مساء أول من أمس، بموقعها الإلكتروني إن استنطاق متطرف يدعى حسن رزقان، ويكنى «أبو الدحداح»، سمح بعد إلقاء القبض عليه منتصف الشهر الحالي باكتشاف، ثم تدمير 5 مخابئ تابعة لإرهابيين، كان بداخلها مبلغ مالي قدر بثمانين ألف يورو. وجرت العملية في جبل بوطويل بولاية جيجل (400 كيلومتر شرق العاصمة).
وبحسب وزارة الدفاع، يعدّ المبلغ المالي «دفعة أولى من عائدات الفدية، التي كانت محل صفقة في شهر أكتوبر الماضي بمنطقة الساحل، وكانت ستستفيد منه فلول الجماعات الإرهابية المطاردين من طرف المصالح الأمنية بشمال الوطن»، في إشارة إلى عملية إطلاق سراح عشرات المسلحين مطلع أكتوبر (عددهم 200 حسب وسائل إعلام غربية) من طرف الحكومة المالية، ممن أدينوا أو يشتبه بتنفيذهم عمليات إرهابية، وذلك مقابل إطلاق سراح 4 رهائن احتجزهم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وهم: ناشطة فرنسية تسمى صوفي بيترونين، ومعارض بارز من مالي يدعى إسماعيل سيسيه، ورهينتان إيطاليان أحدهما قس اختطف في النيجر.
ولم تذكر وزارة الدفاع كيف جرى التأكد من أن المبلغ، الذي عثر عليه الجيش في المخابئ، من أموال الفدية المفترضة. ويعتقد أن المتطرف «أبو الدحداح»، الذي اعتقل في وقت سابق، هو صاحب التفاصيل المتعلقة بالقضية.
وأكدت وزارة الدفاع أن اكتشاف المخابئ ومحتوياتها يندرج «في سياق الجهود المبذولة ميدانياً لتؤكد مرة أخرى على فعالية المقاربة التي تعتمدها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، قصد القضاء على ظاهرة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله».
وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أعلنت في 28 أكتوبر الماضي عن اعتقال متشدد بغرب البلاد، دخل عبر الحدود، بعد الإفراج عنه ضمن صفقة تحرير الرهائن في مالي. وقالت إن اسمه مصطفى درار «وقد أطلق سراحه بداية أكتوبر (الماضي) بمالي، بعد مفاوضات أسفرت عن إبرام صفقة، تم بموجبها إطلاق سراح أكثر من 200 إرهابي، ودفع فدية مالية كبيرة للجماعات الإرهابية، مقابل الإفراج عن 3 رهائن أوروبيين، إضافة إلى سياسي بارز من مالي»، موضحة أن «هذه التصرفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية، التي تجرّم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، من شأنها أن تعرقل الجهود المبذولة قصد مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله».
وأشارت الوزارة، ضمناً، إلى أن الحكومتين الفرنسية والإيطالية دفعتا الفدية في نهاية مفاوضاتهما مع التنظيم المغاربي المسلح. كما أعلنت في وقت لاحق عن اعتقال متشدد آخر ينتمي للمتشددين الذين أفرج عنهم في إطار الصفقة.
وصرّح رئيس الوزراء الجزائري، عبد العزيز جراد، مطلع الشهر أن بلاده «تعبر عن قلق كبير بسبب تواصل تحويل مبالغ هامة للجماعات الإرهابية مقابل تحرير الرهائن». وأكد أن ذلك «يعيق جهودنا في محاربة الإرهاب». وكان يشير بذلك إلى الحكومة الفرنسية، بحسب مصادر قريبة من السلطات تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، في الموضوع، التي أكدت أن «الجزائر باتت مستهدفة لأن كثيراً من الإرهابيين المعنيين بالصفقة جزائريون، وسيعودون إلى بلادهم، مما سيشكل خطراً كبيراً على أمنها».
وصرّح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، منذ شهر، بخصوص هذه القضية، بأنه «من غير الممكن إجراء حوار مع التنظيمات الجهادية، التي تشنّ تمرداً دامياً في منطقة الساحل منذ 8 سنوات... لنقُل الأمور بوضوح كبير: هناك اتفاقات السلام (بين باماكو وحركات التمرد في شمال مالي)، ثم هناك المجموعات الإرهابية، التي لم توقع اتفاقات السلام (...). الأمور بسيطة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.