أوساط أميركية تنصح الأكراد بالتوجه إلى روسيا

TT

أوساط أميركية تنصح الأكراد بالتوجه إلى روسيا

اعتبرت أوساط أميركية مطلعة أن «توصيات» المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري للأكراد، تتجاوز ما وصفه البعض بأنه «وديعة» سياسية من إدارة ترمب لإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.
وأضافت الأوساط أن تحذيرات جيفري للأكراد السوريين، والذي اعتبر بند عدم قطع النفط عن النظام السوري تراجعا عن توصياته السابقة لهم في هذا المجال، هي إعلان سياسي عن تغييرات قد تكون مرتقبة في تعامل واشنطن مع الملف السوري برمته. وزادت أن جيفري «حاول أن يظهر في موقف وسطي عبر محاولته تقديم النصح للأكراد، في الوقت الذي لا يخفي فيه أنه من الداعمين لوجهة نظر تركيا بشكل واضح. لا بل ناقش بشكل دائم أن أكراد سوريا أو على الأقل قوات حماية الشعب الكردية الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، لطالما كانوا موالين لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وواشنطن تنظيما إرهابيا».
ورغم أن البعض يعتبر أن «فريق الرئيس المنتخب الذي سيتولى ملف سوريا قد يكون نفسه، لا بل وقد يحمل الأجندة نفسها التي تعتبر أن تركيا هي التي تقف وراء دعم (داعش)، وبالتالي يجب تعزيز التعاون بين النظام وكل المكونات الأخرى لكف يد أنقرة، قد يأخذ بعدا جديدا، مع تصاعد الحديث عن جدوى بقاء القوات الأميركية في سوريا والهدف منه، حتى ولو كان هذا الأمر على حساب عودة تضخم الحضور الإيراني، الذي سيصبح عندها مشكلة لموسكو وليس لواشنطن». ويرون أن «النصيحة للأكراد بتعزيز التفاهم مع النظام للحصول على اعترافه لهم بحقوق سياسية وليست سيادية، تقدم مخرجا من أي تصعيد تركي ضدهم. في حين أن نصيحته بعدم قطع النفط تلغي الحجة التي أعلنتها إدارة ترمب عن أسباب إبقاء الجنود الأميركيين لمنع النظام من السيطرة على منابع النفط. ومع إلغاء خطر (الدويلة الكردية) عن حدودها، ستصبح مواجهة النفوذ الإيراني قضية تركية أيضا، في ظل عدم وجود أي تفاؤل باقتراب الحل السياسي للأزمة السورية».
وتؤكد تلك الأوساط أن مسؤولين كثرا في فريق الخارجية الأميركية المسؤول عن الملف السوري نصحوا الأكراد بالتوجه نحو موسكو في الآونة الأخيرة. ويتوقع هؤلاء بشكل كبير أن يشهد الملف السوري تراجعا ملحوظا في اهتمامات إدارة الرئيس المنتخب بايدن، والذي سيعود ليكون محصورا بشكل أساسي بمواجهة الإرهاب، فيما مواجهة الحضور الإيراني ستكون قضية إقليمية للاعبين الآخرين. وأضافت تلك الأوساط أن جيفري اصطحب جويل ريبورن بنفسه إلى لقاء السفير الروسي في واشنطن لبحث الملف السوري، في حين أشارت معلومات أخرى إلى أن شركة أميركية ستتولى تدريب فريق اللجنة الدستورية التابعة للأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات الرئاسية في سوريا التي ستجري بين 16 أبريل (نيسان) و 16 مايو (أيار) العام المقبل، في إشارة إلى أن بقاء الأسد في السلطة في ظل إدارة بايدن قد يكون أمرا مفروغا منه، لعودة الاستقرار إلى سوريا، علما أن جيفري نفسه لم يمانع في ذلك.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.