أبرز الإنجازات العلمية في «عام الجائحة»

أول مهمة عربية إلى المريخ... ونظام للتنبؤ بشكل البروتينات... وشريحة كومبيوتر في الدماغ

رسم تخيلي لمسبار الأمل الإماراتي
رسم تخيلي لمسبار الأمل الإماراتي
TT

أبرز الإنجازات العلمية في «عام الجائحة»

رسم تخيلي لمسبار الأمل الإماراتي
رسم تخيلي لمسبار الأمل الإماراتي

رغم أن معظم الناس سيربطون على الأرجح عام 2020 بظهور وباء «كوفيد - 19»، فإن من الإنصاف القول إن هذا العام كان مليئاً بالاختراقات في مختلف مجالات الحياة، توارت أخبارها خلف متابعة أعداد الإصابات والوفيات جراء الوباء، الذي ظلت بعض ألغازه عصية على الفهم حتى الآن.
وإذا كانت بعض هذه الاختراقات لم تأخذ حظها من الاهتمام، فربما تكون نهاية العام هي فرصة مناسبة لنقول إن عام 2020 لم يكن عاماً استثنائياً بسبب ظهور الوباء فقط، لكنه كان كذلك أيضاً بسبب بعض الإنجازات غير المسبوقة في مجالات المهام الفضائية والتشخيص الطبي والتقنيات العصبية.

مهام فضائية

يعد هذا المجال هو الأكثر إنجازاً في عام 2020، لا بسبب عدد المهام الفضائية التي انطلقت، فحسب، بل بسبب قيمة هذه المهام وانضمام شركاء جدد لهذا المجال الذي كان حكراً على دول ومؤسسات بعينها، ومن أبرز هذه المهام:
> ثلاث رحلات فضائية للمريخ. تظهر في رحلات الفضاء إلى المريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، كأول دولة عربية ترسل مسباراً فضائياً إلى الكوكب الأحمر هو مسبار الأمل، حيث انطلق من قاعدة «مركز تانيغاشيما الفضائي» في اليابان يوم 20 يوليو (تموز)، ومن المقرر وصوله إلى المريخ في شهر فبراير (شباط) من عام 2021.
ولن يحط «مسبار الأمل» على الكوكب، لكنه سيبدو في مداره الأحمر لمدة عامين على الأقل، بهدف دراسة الغلاف الجوي العلوي ومراقبة تغير المناخ على كوكب المريخ، وهو ما يميزه عن المهمة الأخرى التي ستحط على أرض الكوكب، والتي أطلقتها الصين في 23 يوليو (تموز) من قاعدة فضائية في وينتشانغ في جزيرة هاينان.
ويتوقع بلوغ المسبار الصيني (المريخ 5) الحامل للمركبة «تيانوين» الكوكب الأحمر في شهر فبراير (شباط) أيضاً، وستكون نقطة الهبوط المستهدفة سهلاً مسطحاً يقع داخل حوض يعرف باسم «يوتوبيا» شمال خط استواء المريخ، وستدرس المركبة جيولوجية المنطقة، من على السطح وما تحت السطح.
وبعد إطلاق المهمة الصينية بسبعة أيام، أطلقت كالة الفضاء الأميركية (ناسا) في 30 يوليو (تموز) المسبار الأميركي «برسفيرنس» باتجاه الكوكب الأحمر، ومن المقرر وصوله أيضاً في فبراير (شباط)، ليكون خامس مسبار أميركي يحط على هذا الكوكب، وستكون مهمته هي اكتشاف آثار لجراثيم قديمة كان يعج بها الكوكب الأحمر على الأرجح قبل ثلاثة مليارات سنة.
> أول رحلة مأهولة لـ«سبيس إكس». انطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) أول رحلة لشركة «سبيس إكس» المملوكة لرائد التكنولوجيا إيلون ماسك إلى المحطة الدولية، حيث حملت 4 رواد فضاء، في أول مهمة كاملة ترسل فيها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) طاقماً إلى الفضاء على متن مركبة مملوكة للقطاع الخاص... وإضافة إلى ذلك، كانت أول رحلة تعود من خلالها أميركا إلى عهد انطلاق الرحلات لمحطة الفضاء الدولية من أراضيها، بعد أن اضطر رواد الفضاء الأميركيين خلال السنوات الماضية، للقيام برحلاتهم إلى الفضاء على متن مركبة الفضاء الروسية سويوز.

اكتشافات كونية

ورغم أن نتائج تلك المهام الفضائية لم تظهر بعد، لكن كانت هناك مهام فضائية تم التخطيط لها في أعوام سابقة، حققت بعض الاكتشافات الكونية المهمة في 2020، ومن أهمها:
> اكتشاف ثقب أسود قريب من الأرض. وتم وصف هذا الاكتشاف وتوثيقه في مايو (أيار) بدورية «الفلك والفيزياء الفلكية»، وهو عبارة عن ثقب أسود يمكن رؤيته بالعين المجردة، إذا تم النظر إليه من الجهة الجنوبية للأرض في سماء رائقة، ويقع على بعد نحو 1000 سنة ضوئية، أو ما يعادل تقريباً 9.5 ألف مليون كيلومتر في كوكبة المرقب، وتم الاستدلال عليه من الطريقة التي يتفاعل بها مع نجمين قريبين منه، أحدهما يدور في مدار الثقب والنجم الثاني يدور في مدار حولهما معاً، على خلاف الطريقة المعتادة لاكتشافات الثقوب السوداء.
والطريقة المعتادة هي تتبع كيفية تفاعل الثقب الأسود بعنف مع سحابة الغاز والغبار التي تتراكم حوله، إذ يمزق هذه المادة المحيطة به وينجم عن ذلك انبعاث غزير لأشعة أكس يلتقطه التلسكوب.
> أكبر انفجار كوني. ويتعلق هذا الاكتشاف برصد أدلة على حدوث انفجار كوني هائل في الفضاء يفوق 5 مرات الانفجارات التي رصدت من قبل، وتم وصفه بأنه «أكبر انفجار كوني منذ نشأة الكون». ونشرت دورية الفيزياء الفلكية في فبراير (شباط) دراسة عن هذا الاكتشاف، ذهب فيها الباحثون إلى القول إن الطاقة الضخمة المرصودة قد انبثقت من ثقب أسود هائل على بعد 390 مليون سنة ضوئية من الأرض.
> ميلاد كوكب واختفاء آخر. وعثر علماء فلك فرنسيون في مايو (أيار) على أول دليل مباشر على ولادة كوكب جديد، ووثقوا هذا الاكتشاف في دورية «علم الفلك والفيزياء الفلكية»، أعلن علماء أميركيون في أبريل (نيسان) أن كوكباً آخر اختفى.
وقال العلماء الفرنسيون عن ميلاد الكوكب، إنهم رصدوا باستخدام تلسكوب المرصد الجنوبي الأوروبي الكبير جداً (VLT)، ميلاد هذا الكوكب الذي يحيط بنجم وليد اسمه «إيه بي أوريجا» (AB Aurigae)، على بعد نحو 520 سنة ضوئية من الأرض.
أما عن قصة اختفاء الكوكب، فقد كان مصدرها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، التي أعلن علماؤها في 21 أبريل (نيسان) أن الكوكب المعروف باسم Fomalhaut b، والمشهور بأنه أحد أول الكواكب الخارجية المكتشفة خارج النظام الشمسي، اختفى.
ودفع هذا السلوك غير المتوقع لـ«الكوكب» الواقع على بعد 25 سنة ضوئية من الأرض، إلى استنتاج أن ما كان يعتقد أنه كوكب، كان في الواقع سحابة من الغبار، تُركت في أعقاب التصادم الكوني.

تقنيات ذكية

> الغرسات العصبية بتقنية «نيورالينك». وكما كان رائد التكنولوجيا الأميركي إيلون ماسك حاضراً في رحلات الفضاء، كان حاضراً في إنجاز آخر، اسمه «تقنية نيورالينك»، بما يجعله الشخص الأبرز في إنجازات عام 2020 العلمية.
وتقنية نيورالينك، هي أحد إنجازات الشركة التي تحمل الاسم نفسه، والتي تأسست عام 2016، وهي شركة تقنية لعلوم الأعصاب تركز على بناء أنظمة الواجهات العصبية الآلية.
وهذه التقنية التي تم الإعلان عنها في أغسطس (آب) عبارة عن شريحة كومبيوتر صغيرة، يتم زرعها داخل الدماغ، بحيث يمكنها قراءة كل أنشطة الدماغ، فضلاً عن المواد الكيميائية، ما يجعلها قادرة على التخطيط وتوقع الوظائف الخاصة بالشخص، كما تتيح المنطقة التي سيتم فيها زرع الشريحة معالجة بعض مشاكل السمع والبصر، فضلاً عن بعض المشاكل النفسية، كما أنه من الممكن مستقبلاً أن تعالج العديد من الأمراض المتعلقة بالأعصاب، ويمكن من خلالها التواصل مع الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر وغيرها.
> رصد البروتينات بنظام «ألفا فولد». في مجال ليس ببعيد عن تقنية «نيورالينك»، تمكن فريق الذكاء الصناعي «ديب مايند» التابع لشركة «غوغل»، في التغلب على تحدٍ بيولوجي بدا مستحيلاً لعقود، وذلك عبر خوارزمية الذكاء الصناعي «ألفا فولد»، التي مكنت من التنبؤ بشكل البروتينات بناء على تكوينها.
والبروتينات هي في الأساس سلاسل من «الأحماض الأمينية» التي تم ثنيها في شكل معقد، ويؤدي توقع بنيتها إلى تحسين العلوم الطبية الحيوية بشكل كبير، والسماح للأطباء بتطوير علاجات جديدة بشكل أسرع.
وقال أندريه لوباس، مدير معهد «ماكس بلانك» لعلم الأحياء التنموي في مدونة «ديب مايند»: «لقد سمحت لنا نماذج (ألفا فولد) الدقيقة بشكل مذهل بحل بنية البروتين التي كنا عالقين فيها لما يقرب من عقد من الزمان».

عام الحفريات

من الحصول على تفسير جديد لحدث وقع قبل 445 مليون سنة، إلى قائمة من اكتشافات الحفريات التي تتعلق بالماضي أيضاً، والتي تجعل من عام 2020 هو عام الاكتشافات المهمة في هذا المجال، ومن أبرز هذه الاكتشافات:
> أول حفرية لديناصور منقار البط. اكتشف فريق بحثي من جامعة باث البريطانية أول حفرية لديناصور منقار البط في المغرب، ما يشير إلى أن الديناصورات عبرت مئات الكيلومترات في المياه المفتوحة للوصول إلى هناك.
ووفق دراسة نُشرت حول هذه الحفرية في دورية «البحث الطباشيري» خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن هذا الديناصور الجديد الذي تمت تسميته «أجنابيا أوديسيوس»، اكتشف في صخور بالمغرب يعود تاريخها إلى نهاية العصر الطباشيري منذ 66 مليون عام، وكان صغيراً مقارنة بأقاربه من ديناصورات منقار البط، حيث كان يبلغ طوله 3 أمتار فقط، وكان بحجم المهر.
> نوع جديد من التيروصور. وكما كان المغرب مكاناً لاكتشاف أول أول حفرية لديناصور منقار البط، كان أيضاً مكاناً لاكتشاف نوع جديد من التيروصور.
واكتشف فريق من علماء الحفريات بجامعتي بورتسموث وباث في بريطانيا في منطقة «كم كم» الصحراوية (جنوب شرقي المغرب) نوعاً جديداً من التيروصورات الصغيرة، مماثلة في الحجم للديك الرومي، وتختلف عن أي من التيروصورات الأخرى التي شوهدت من قبل، وذلك بسبب منقارها النحيل الطويل بلا أسنان.
والتيروصورات هي أقل شهرة من أبناء عمومتها (الديناصورات)، ويوجد أكثر من 100 نوع معروف من هذه الزواحف المجنحة، بعضها بحجم طائرة مقاتلة والبعض الآخر صغير مثل العصفور، ويعد النوع الجديد الذي نشر الموقع الإلكتروني لجامعة باث البريطانية تقريراً عنه في أكتوبر (تشرين الأول) فريداً من نوعه.
> كنز من المعلومات في حفرية قرد. ومن الديناصورات إلى القرود، حيث ملأت حفرية قرد تعود إلى 13 مليون عام، واكتشفها فريق بحثي أميركي شمال الهند، فراغاً كبيراً في سجل أحافير القرود، وقدمت أدلة جديدة حول تاريخ هجرة أسلاف قرد الجيبون من أفريقيا إلى آسيا.
والحفرية المكتشفة التي تم توثيقها سبتمبر ( أيلول) في دورية «بروسيدينج أوف رويال سوسيتي»، وهي ضرس سفلي كامل، ينتمي إلى جنس وأنواع غير معروفة سابقاً من قرد الجيبون، وتمثل أقدم سلف معروف لهذا القرد، وأول نوع من القردة الأحفورية تم اكتشافه في موقع الحفريات الشهير «رامناغار» بالهند منذ ما يقرب من قرن.
> اكتشاف حفرية أقدم بجعة في التاريخ. كان من المعروف أن طيور البجع تمتد أسلافها إلى فرنسا ويرجع عمرها إلى عصر الأوليجوسين (فترة جيولوجية امتدت إلى نحو 34 مليون سنة مضت) بناءً على هيكل عظمي جزئي واحد من جنوب شرقي فرنسا، ولكن حفرية اكتشفت في وادي الحيتان بمصر أعادت كتابة تاريخ حفريات طيور البجع، إذ يرجع تاريخها إلى عصر الإيوسين، تحديداً 36 مليون سنة، أي أقدم بنحو 6 ملايين سنة من أقدم حفرية لطائر البجع.
وتم الإعلان عن هذا الاكتشاف في مؤتمر الحفريات الفقارية في العالم (SVP)، الذي أقيم بشكل افتراضي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بسبب جائحة كورونا، وجاء هذا الكشف في إطار تعاون دولي بين علماء من جهاز شؤون البيئة المصري وجامعة ميشيغان الأميركية.

دفن وانقراض
> دليل على دفن الإنسان البدائي لموتاه. وبالرغم من اكتشاف هيكل عظمي لطفل من الإنسان البدائي بعمر نحو عامين، بين عامي 1970 و1973، فإن المجموعات المرتبطة بهذه العينة ظلت غير مستغلة في أرشيف المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بفرنسا، حتى حمل عام 2020 نتائج دراسة أجريت على هذه العينة، وأثبت من خلالها الباحثون من المركز الوطني للبحث العلمي والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي (فرنسا) وجامعة إقليم الباسك (إسبانيا)، أن الإنسان البدائي كان يدفن موتاه.
وأظهر الباحثون في الدراسة التي نشرت في ديسمبر (كانون الأول) بدورية «ساينتيفيك ريبورتيز»، أن الهيكل العظمي قد دُفن في طبقة رسوبية وبقيت العظام، التي كانت غير متناثرة نسبياً، في وضعها التشريحي، ما يشير إلى أنها حفظت أفضل من الحيوانات العاشبة الأخرى الموجودة في الطبقة نفسها، وهو ما يكشف عن سرعة دفنها بعد الموت.
> انقراض جماعي. نجح العلماء في تقديم أدلة على أسباب حادث الانقراض الجماعي الذي وقع قبل 445 مليون سنة، والذي يسمى «الانقراض الجماعي الأوردوفيشي المتأخر».
وكانت النظريات السابقة تتحدث عن أن السبب إما حدوث التبريد أو التجلد، لكن من خلال الجهود المشتركة للمسح الجيولوجي لكندا وجامعة هال في إنجلترا، كشف الجيولوجيون عام 2020 عن السبب الحقيقي لوقوع هذا الحدث.
ووفقاً لدراستهم، كان الاحترار العالمي، الناجم بشكل أساسي عن الانفجارات البركانية ونقص الأكسجين، هو السبب الرئيسي لانقراض جماعي مبكر حدث. رغم اعتراض بعض الباحثين على النتائج، فإن الأدلة المقدمة كانت كافية، وهو جعل الجميع يدرك أن الكوكب الذي نعرفه في عام 2020 يكافح أيضاً من آثار الاحتباس الحراري، وبالتالي، يبدو أن إدراك قضايا الماضي إلزامي لمستقبلنا.

«منجزات» الجائحة

> لقاحات كورونا. وبينما كان أصحاب هذه الإنجازات العلمية يتحدون الظروف الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا، كان هناك آخرون معنيون بشكل أساسي بالعمل على مواجهة هذه الجائحة عن طريق فهم فيروس كورونا الجديد المسبب لها، ومن ثم العمل على إنتاج لقاح له.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن هناك 191 لقاحاً قيد التطوير، منها 40 لقاحاً في مرحلة التقييم السريري البشري، ومن بينها 10 لقاحات وصلت إلى مرحلة التجارب الثالثة.
ومن بين اللقاحات العشرة التي وصلت إلى مرحلة التجارب السريرية، توجد خمسة لقاحات في الصدارة، بدأت بالفعل عمليات التلقيح ببعضها، ومن هذه اللقاحات لقاحان يستخدمان تقنية «الناقلات الفيروسية»، وهما لقاح «أكسفورد - أسترا زينيكا» واللقاح الروسي «سبوتنيك 5»، ويعتمد الأول على فيروس غدّي معدل وراثياً يتسبب عادة في نزلات البرد لدى الشمبانزي، ليحمل جزءاً من فيروس كورونا المعروف باسم بروتين «سبايك»، وعندما يدخل اللقاح إلى الجسم فإنه يستخدم هذا الرمز الجيني لإنتاج البروتين السطحي للفيروس التاجي، ما يؤدي إلى استجابة تهيئ الجهاز المناعي لمحاربة الفيروس التاجي في حالة الإصابة.
أما اللقاح الروسي، فيعتمد على التقنية نفسها، لكن بدلاً من استخدام فيروس غدّي يتسبب في نزلات البرد لدى الشمبانزي، يتم استخدام فيروس يسبب نزلات البرد عند البشر.
ويعتمد لقاحا موديرنا وفايزر على تقنية جديدة تستخدم لأول مرة، وهي «مرسال الحمض النووي الريبي»، حيث يتم حقن «مرسال الحمض النووي الريبي»، (mRNA) الذي يحمل المعلومات لإنتاج البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، وهي نتوءات «بروتين سبايك» التي بواسطتها يلتصق الفيروس عادة بالمستقبلات على سطح الخلية البشرية، ويمكن أن تكون هذه اللقاحات أسرع في الإنتاج وأكثر فاعلية من اللقاحات النموذجية ويمكن إعادة صياغتها بسهولة إذا تحور الفيروس.
أما اللقاح الصيني الذي طورته شركة «سينوفارم»، فيعتمد على تقنية قديمة، وهي «الفيروس المعطل»، حيث تعتمد تلك التقنية على أخذ عينة من الفيروس يتم عزلها من مريض ثم يتم قتل الفيروس باستخدام مادة كيميائية، ويشتمل اللقاح على الفيروس المعطل ممزوجاً بهيدروكسيد الألومنيوم، وهو مادة مساعدة لأنها تعزز الاستجابات المناعية. وهذه التقنية قديمة تم استخدامها في لقاحات أخرى.
> الجائحة والعصافير. وإذا كانت الجائحة أثرت سلبياً على البشر، وبات الجميع يترقب فاعلية اللقاحات في القضاء عليها، فإنها في المقابل كانت إيجابية على العصافير، حيث نشرت في سبتمبر (أيلول) دورية «ساينس» التي تصدرها «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم»، دراسة لباحثين من جامعة تينيسي الأميركية كشفت أن فترات الإغلاق التي شهدتها دول العالم بسبب الجائحة جعلت صوت العصافير أكثر عذوبة.
وكان كثير من الناس قد لاحظوا خلال فترات الإغلاق، بأن صوت العصافير والطيور من حولهم تغير، وأنهم لم يعودوا يسمعون نفس أنماط التغريد والزقزقة التي كانت سائدة قبل الجائحة، وقاد ذلك الباحثون إلى إجراء دراسة تبين خلالها أن الطيور عمدت إلى درجة تنغيم أخفض في طبقة صوتها، وأداء زقزقات أجمل وأوضح، بسبب اختفاء الضوضاء، حيث يجبر وجودها العصافير على التغيير من طريقة تغريدها، من أجل اختراق الضجيج المستمر الصادر عنها.



«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»