حل الحكومة السودانية وإعادة تشكيلها قبل نهاية العام

الحركات المسلحة تطالب بـ«الخارجية» و«المالية» و«الحكم الاتحادي»

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حل الحكومة السودانية وإعادة تشكيلها قبل نهاية العام

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (غيتي)

قال قيادي بقوى «التغيير»، (التحالف الحاكم في السودان)، إن حل الحكومة الانتقالية الحالية وإعلان التشكيل الوزاري الجديد سيتم قبل نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن ما يتداول بشأن تقسيم الوزارات بين شركاء الفترة الانتقالية، مجرد مقترحات يجري التشاور حولها بين الأطراف المعنية، ولم نصل إلى اتفاق نهائي بشأنها.
وكشف القيادي، وهو عضو بارز في المجلس المركزي لقوى التغيير، عن مطالبة الحركات المسلحة بعدد من الوزارات السيادية (الخارجية، المالية والحكم الاتحادي)، بجانب وزارتي التربية والتعليم والتنمية العمرانية.
والمجلس المركزي أعلى هيئة سياسية لتحالف قوى التغيير، ومن مهامه تسلم الترشيحات المقدمة من الكتل المكونة له وإجازاتها قبل الدفع بها لرئيس الوزراء، للاختيار بين المرشحين وفقاً لمعايير الكفاءة والقدرة المتفق عليها.
وأوضح القيادي، الذي فضل حجب اسمه، أن الإجراء المتفق عليه حل الحكومة بالكامل، وإعادة تشكيلها من جديد، وليس إجراء تعديل وزاري.
وتتكون الحكومة الجديدة من 23 وزارة، بعد تفكيك عدد من الوزارات، (التجارة والصناعة، والطاقة والتعدين، والعمل والتنمية الاجتماعية)، بجانب اقتراح وزارة جديدة للسلام، كما تشمل السلطة الانتقالية تعيين ممثلي الحركات المسلحة في مجلس السيادة الانتقالي، والمجلس التشريعي.
وبحسب مصادر متطابقة، فإن رئيس الوزراء اقترح في وقت سابق الإبقاء على وزراء العدل والري والأوقاف الإسلامية، ضمن التشكيل الوزاري الجديد.
ويتوقع أن تضم الحكومة وجوهاً جديدة من قيادات الأحزاب السياسية بعد الانتقادات التي وجهت لأداء عدد من الوزراء المستقلين.
وتشير المصادر إلى أن قياديا شابا بأحد أحزاب قوى التغيير، من أقوى المرشحين لتولي منصب وزير الخارجية، ويحظى بدعم من رئيس الوزراء، وبعض الكتل المكونة للتحالف.
ومن المقرر أن تعقد أطراف الحكم اجتماعاً خلال الساعات المقبلة للتوافق على قوائم المرشحين في كل الوزارات. وتضغط الجبهة الثورية خلال الاجتماعات في اتجاه زيادة عدد مقاعدها في مجلس الوزراء إلى أكثر من النسبة المتفق عليها في اتفاقية السلام، بحجة أن الحكومة سيتم حلها وإعادة تشكيلها من جديد.
ومن جهة ثانية، تشهد أروقة تحالف قوى «التغيير» مشاورات مكثفة لتسريع تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، والنظر في الطعون المقدمة في بعض القوائم المرشحة من لجان قوى «التغيير» بالولايات.
ونفى التحالف الحاكم في السودان في وقت سابق وجود أي اتفاق محاصصة على تقاسم الوزارات في التشكيل الوزراء الجديد، وأقر المجلس المركزي اختيار المرشحين والمرشحات بناءً على معيار الكفاءة.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، كشف عن تشكيل حكومة من 25 أو 26 وزارة، بعد تفكيك وزارات: الطاقة والتعدين والصناعة والتجارة والعمل والرعاية الاجتماعية، لاستيعاب أطراف عملية السلام، ومعالجة الخلل في الفترة الماضية، وتحسين الأداء.
ووفقاً لاتفاقية السلام، تشارك الحركات المسلحة بنسبة 25 في المائة في مجلس الوزراء، و3 مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي، بجانب 75 مقعداً في المجلس التشريعي الانتقالي المزمع تكوينه في الفترة المقبلة.
ويتوقع أن يشهد هيكلا السلطة الانتقالية في السودان (مجلسا السيادة والوزراء) تغييراً في بعض الوجوه، بعدما عبرت بعض القوى السياسية عن رغبتها في استبدال ممثليها بآخرين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.