مساعي الراعي مستمرّة لإخراج الحكومة من عراقيلها

TT

مساعي الراعي مستمرّة لإخراج الحكومة من عراقيلها

في ظل جمود المشاورات الحكومية التي يبدو واضحاً أنها لن تشهد أي جديد قبل بداية العام المقبل، تتجّه الأنظار إلى الخطوة المقبلة التي سيقوم بها البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي سبق أن عبّر عن استيائه لعدم تجاوب المعنيين بعد دخوله على خط تقريب وجهات النظر ودعوته للإسراع بتأليف الحكومة، متحدثاً عن شروط وشروط مضادة وربط التأليف بصراعات المنطقة.
وفيما يؤكد المسؤول الإعلامي في البطريركية المارونية، وليد غياض أن جهود الراعي لم تتوقف واتصالاته عبر ممثليه متواصلة مع المعنيين لتأليف الحكومة، تعتبر مصادر في «التيار الوطني الحر» أن مبادرة الراعي انتهت عند لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
يقول غياض لـ«الشرق الأوسط»: «مساعي البطريرك لا تزال متواصلة وهو يتواصل عبر ممثلين له مع الأطراف المعنية، لا سيما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، لقناعته أن تأليف الحكومة أمر ملحّ وضروري، ولا يجوز ترك البلد في هذه الأوضاع وهي تذهب شيئاً فشيئاً نحو الانهيار». ومع تأكيده أهمية عقد لقاءات بين الراعي وهذه الأطراف، لفت إلى أنه حتى الساعة لا مواعيد محددة في الأيام المقبلة.
من جهة أخرى، نفى غياض المعلومات التي أشارت إلى أن غياب الرئيس عون عن قداس عيد الميلاد كان رسالة سياسية من الرئاسة، إثر تحميل الراعي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة، رغم أن اعتذار عون جاء لأسباب صحية مرتبطة بانتشار فيروس كورونا. وقال: «هذا التحليل غير صحيح والرئيس عون اتصل بالبطريرك وأوضح له الأسباب التي تفهّمها الأخير الحريص أيضاً على صحة الرئيس»، مشدداً على ضرورة عدم تحميل الأمر أكثر مما يحتمل.
في المقابل، أشارت مصادر «التيار» لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن لا شيء جديداً ينتظر، لا سيما مع دخول لبنان في فترة عطلة الأعياد». وقالت إن مبادرة الراعي كان هدفها عقد اللقاء بين الحريري وعون، «وهو ما تحقّق وانتهت هنا... وبالتالي الأمور لا تزال عالقة بين الأخيرين، ولا بدّ أن تعود حركة الاتصالات مجدداً بينهما مع بداية العام الجديد».
يذكر أن فشل اللقاءين الأخيرين بين عون والحريري بداية الأسبوع وسقوط أي آمال بتأليف حكومة قبل رأس السنة، كان قد أعاد السجال والاتهامات المضادة بين كل من «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، حيث بدا واضحاً أن الأمور وصلت إلى مرحلة كبيرة من الخلاف مع تمسّك كل منهما بموقفه، علماً بأنه وفق المعلومات فإن العقدة الأخيرة كانت متوقفة عند مطالبة عون بوزارتي الداخلية والعدل، إضافة إلى وزارة الدفاع، وهو ما لم يقبل به الحريري، بينما رسا الاتفاق على تشكيل حكومة مصغرة من 18 وزيراً.
ورغم أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لم يتحدث بشكل مباشر عن الحكومة، فقد لمح إلى التعطيل بحديثه أمس عن «الإنكار المتعمد للمتغيرات الداهمة». وكتب في تغريدة له في ذكرى اغتيال الوزير السابق محمد شطح قائلاً: «سبع سنوات على رحيلك يا أعز الرفاق وأوفى الأوفياء وأصدق الأصدقاء محمد شطح، نشهد لك كل يوم والوطن في قلب المعاناة الاقتصادية والمعيشية والهبوط السياسي والإنكار المتعمد للمتغيرات الداهمة».
وكانت مواقف عدة أجمعت أيضاً على ضرورة إخراج لبنان من أزمته والإسراع بتشكيل الحكومة، حيث دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى إسقاط كل المعايير، مؤكداً أن البلد بحاجة إلى مَن يتنازل، وذلك في اتصالات معايدة للبطريرك المراوني بشارة الراعي ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة والمرجعيات الروحية المسيحية، مهنئاً بعيد الميلاد المجيد. وأكد أن «البلد لم يعد يحتمل كل هذه الصراعات والتحديات، وبات في حاجة إلى من يضحي ويتنازل من أجل هذا الشعب الذي تحمل الكثير ودفع من الأثمان غالياً». وأضاف: «من الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني أن تسقط كل المعايير وتزول كل الشروط والشروط المضادة أمام هول الكارثة التي حلت بلبنان وأصابت جميع اللبنانيين، ونذهب إلى حكومة قادرة على وقف الانهيار».
وعن جهود الراعي أيضاً، قال أمين سر تكتل «القوات اللبنانية» النائب السابق فادي كرم، إن «البطريرك الماروني لن يستسلم للواقع السلبي الذي تفرضه السلطة بأدائها الحالي، وهو مستمر في محاولة خرق الجدار القائم أمام الحلول»، مؤكداً أن «الدعوة إلى الحياد مستمرة لفك أسر الشعب اللبناني وعدم السماح بأخذه رهينة لتأمين مقومات استمرارية قوى معينة». ورداً على سؤال، اعتبر كرم أن «الفخ الذي أدى إلى تأخير ولادة الحكومة كان بمطالبة فريق معيّن بحقيبة المالية»، في إشارة إلى حزب الله وحركة أمل. مشيراً إلى أن «ضمانة استمرارية المسيحيين والمسلمين تتأمّن بحكومة وحدة معايير اختصاصية مستقلة بعيداً عن التوزيع الطائفي والمذهبي الذي لا خلاف عليه».
الموقف نفسه عبّر عنه النائب زياد الحواط معتبراً أن ما يحصل على صعيد التأخير بتشكيل الحكومة «فضح المستور»، مؤكداً أن من حق اللبناني أن يعرف من يعرقل التشكيل ويمنع البدء بالإصلاحات، ومن هم «خفافيش» الليل كما سموهم، الذي يسعون إلى إجهاض وإسقاط كل المبادرات الإنقاذية والإصلاحية من المبادرة الفرنسية، وصولاً إلى مساعي سيد بكركي البطريرك بشارة الراعي.
وطالب الحواط في بيان له الحريري بوضع المسودة الحكومية أمام الرأي العام، وأن يصارح اللبنانيين بكل الحقيقة التي رافقت عملية محاولة تشكيل الحكومة، كما على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يشرح للبنانيين أسباب العقد وأن يحدد المسؤول عنها، مشدداً على أن من حق كل لبناني أن يعلم من هو المعرقل الحقيقي لعملية التأليف؛ أكان حزب الله أو رئيس الجمهورية وحزبه أو الرئيس المكلف أو غيرهم أو أي جهة خارجية، لأن الفاتورة الباهظة الناتجة عن كل يوم تأخير في إتمام التشكيل يدفعها الشعب اللبناني فقط ولا أحد سواه. ودعا الحواط رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية، معتبراً «أننا متجهون نحو كارثة كبرى ومجهول حتمي في حال عدم الإفراج سريعاً عن حكومة الاختصاصيين الإنقاذية».



«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.


الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان، وذلك بعد أربعة أيام من اعتراف إسرائيل باستقلال إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.

وأوضح دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.