معرض «إحياء»... قصص وحكايات في 70 لوحة

توم يونغ يستعيد ذاكرة مدينة صيدا انطلاقاً من معلم «الحمام الجديد»

معرض «إحياء» يتضمن 70 لوحة زيتية تحكي عراقة صيدا
معرض «إحياء» يتضمن 70 لوحة زيتية تحكي عراقة صيدا
TT

معرض «إحياء»... قصص وحكايات في 70 لوحة

معرض «إحياء» يتضمن 70 لوحة زيتية تحكي عراقة صيدا
معرض «إحياء» يتضمن 70 لوحة زيتية تحكي عراقة صيدا

نجاته من انفجار بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي، دفع بالرسام البريطاني للتمسك بإقامة معرضه للرسوم «إحياء». يومها كان قد غادر منزله في منطقة الجميزة باكراً متوجهاً إلى حمامات صيدا القديمة المعروفة باسم «الحمام الجديد» ليكمل رسم لوحاته الزيتية فيه. فهو عندما زار المدينة الجنوبية أعجب بمعالمها الأثرية وبحنايا شوارعها القديمة وبأهلها الطيبين. قرر بعدها، إقامة معرض يحكي عن كل انطباعاته حول صيدا الجنوبية. نجاته من الكارثة وفرت له مساحة تأمل ووقتاً أطول لرسم المزيد من اللوحات. وبعد التشاور مع رئيس مؤسسة «شرقي» للإنماء والابتكار الثقافي، المهندس سعيد باشو وصاحب الاستثمار لحمام صيدا ولد اسم المعرض «إحياء» (Revival). ويعلق هذا الأخير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي عودة إلى الحياة فعلية عاشها الرسام البريطاني في تجربة الانفجار ورغب في ترجمتها في هذا المعرض».
يتضمن المعرض 70 لوحة زيتية رسمها البريطاني توم يونغ، الذي عشق لبنان، وقرر الإقامة فيه منذ أعوام طويلة. جميعها تروي حكايات وقصصاً عن بحر صيدا وقلعتها وأحيائها وأسواقها القديمة وصيادي السمك فيها. كما تأخذ حيزاً لا يستهان به من تاريخ «الحمام الجديد» (مستضيف المعرض) والشخصيات التي مرت عليه من زبائن مشهورين ومن آخرين أوكلت إليهم مهمة إدارته.
ويروي المهندس سعيد باشو، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قصة عودة الحياة إلى «الحمام الجديد» الذي يعود تاريخه إلى عام 1720. «القصة بدأت في عام 2018 عندما اكتشفنا هذا المعلم الأثري، ويعود إلى الحقبة العثمانية في لبنان. لقد كان مقفلاً منذ نحو 70 عاماً حتى أن كثيرين من نفس أهل صيدا لا يعلمون بوجوده. فقررت كرئيس مؤسسة (شرقي) للإنماء والابتكار الثقافي استثمار هذا المكان وإعادته إلى الحياة.
تم افتتاحه في شهر رمضان من عام 2019 محافظين على هندسته وأصالته وعراقته. فأبقينا على البلاط الموزاييك الذي يغطي أرضه وعلى أجرانه الكبيرة والصغيرة الموزعة على قاعة أساسية كبيرة و10 أخرى صغيرة. كما تركنا الزخرفات والرسومات التي تغطي جدرانه».
تبلغ مساحة «الحمام الجديد» حوالي 500 متر مربع، تتوجه قبب حمراء من القرميد، وتتلون وجهات نوافذه بالزجاج العسلي والأخضر الملكي. أما الرسومات التي تغطي جدرانه المبنية بالحجر الرملي والمطلية بمادة الكلس الأبيض، فتمثل محطات من الحقبات التاريخية التي مرت بها هذه الحمامات.
سبق للرسام البريطاني توم يونغ، أن أقام معرضاً فنياً في فندق صوفر الكبير المدمر. وعندما دعاه سعيد باشو لزيارة «الحمام الجديد» قرر القيام بالخطوة ذاتها من باب إلقاء الضوء على تاريخ صيدا القديمة.
أبحاث ودراسات قامت بها المؤسسة المذكورة ارتكزت على ذكريات شهود أحياء عاصروا «الحمام الجديد». فاستخدمها الرسام البريطاني كموضوعات يعالجها بريشته الفنية.
فكما صاحبة الحمام ومديرته في تلك الحقبة زهية الظريف التي التقى الرسام بأحفادها فهو تحدث مع أشخاص متقدمين في العمر من أهل حي مار نقولا، حيث يقع الحمام في شوارع صيدا العتيقة. ويعلق باشو في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «وجدنا صوراً فوتوغرافية لها ولزوجها، وتفاجأنا بأن العنصر النسائي في الثلاثينات كان يدير موقعاً سياحياً كهذا».
كان «الحمام الجديد» يفتح أبوابه يومياً للنساء في أوقات قبل الظهر وللرجال ما بعده. تسعيرة الدخول إليه لا تتعدى البضعة قروش. وكان يشهد نشاطات اجتماعية عديدة وبينها حفلات زفاف لأبناء الأثرياء.
كل تلك المحطات والأخبار ترجمها توم يونغ بريشته ووزع لوحاته الـ70 على غرف الحمام وقاعته الكبرى. وبذلك أعاده إلى الحياة على طريقته، ووقفت شخصيات لوحاته ومشاهد بحر صيدا وقلعتها وغيرها من معالمها المعروفة، تتفرج مرة أخرى على «الحمام الجديد» الذي يحمل في كنفه ذكريات كثيرة بالنسبة لهم.
«هناك قصص تم سردها وتكرارها علينا من قبل أكثر من شاهد حي فوثقناها ضمن شريط فيديو مصور يستطيع زائر الحمامات أن يشاهده في أي وقت كان»، يوضح سعيد باشو الذي نظم في «الحمام الجديد» أكثر من نشاط ثقافي وفني.
لوحات زيتية بينها ما يروي قصة عرس ضخم لفتاة يهودية ثرية جرى في هذه الحمامات، وأخرى تظهر مديرته زهية الظريف تجلس وراء مكتبها في القاعة الأساسية للحمام، وثالثة تبين جمالية صيدا في بحرها أيام العيد وغيرها تؤلف موضوعات لوحات توم يونغ.
وبموازاة المعرض الذي يستمر فاتحاً أبوابه مجاناً أمام زواره لغاية الربيع المقبل، تنظم مؤسسة «شرقي» للإنماء والابتكار الثقافي نشاطات أخرى. فهي تقيم ورش عمل فنية لطلاب الجامعات وتلامذة المدارس من مختلف مناطق لبنان. وكذلك حفلات موسيقية كان آخرها للموسيقي زياد أحمدية.
يعيش زائر المعرض تجربة ثقافية جديدة تخرج عن المألوف بموضوعاتها وأجوائها المشبعة بعبق تاريخ وذكريات ترتبط بمدينة صيدا الجنوبية. كما يستطيع أن يحمل معه منها كتيباً صغيراً (كتالوغ) يتضمن صور المعرض مع شروحات عنها. ويختم المهندس سعيد باشو لـ«الشرق الأوسط»: «أردناها خطوة أمل في آفاق ثقافتنا المتأثرة سلباً بأوضاعنا غير المستقرة في لبنان. وكذلك محطة مضاءة تشع في مدينة صيدا وتنتشلها من عتمة لا تليق بها طبعتها أحداث أمنية منذ سنوات طويلة. فنادراً ما يجري تناول هذه المدينة من نواحيها الإيجابية. ومع معرض (إحياء) نسهم مباشرة في تغيير هذه الصورة عنها».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.