تجدد الاشتباكات في عين عيسى بين فصائل موالية لأنقرة و«قسد»

دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
TT

تجدد الاشتباكات في عين عيسى بين فصائل موالية لأنقرة و«قسد»

دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)

تجددت الاشتباكات على محور جهبل والمشيرفة بريف عين عيسى شمال الرقة بين الفصائل الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تزامناً مع قصف تركي واستهدافات متبادلة بين الجانبين، وتبادلت فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا و«قسد» القصف الصاروخي على محاور القتال. وتوجه رتل عسكري من القوات الروسية، أمس، إلى مطار القامشلي قادماً من عين عيسى عبر طريق حلب - الحسكة الدولي، ضم 20 عربة تحمل معدات عسكرية ولوجيستية لإمداد النقاط الروسية المنتشرة في المنطقة.
ونفّذ أهالي عين عيسى، أول من أمس، اعتصاماً أمام القاعدة الروسية في المنطقة، تنديداً بالصمت الروسي إزاء التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة من قصف واشتباكات يومية، بالإضافة للمساعي التركية إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة تهدف للسيطرة على عين عيسى.
وأنشأت القوات الروسية قاعدة عسكرية جديدة في قرية كالطة الواقعة في الريف الجنوبي لناحية عين عيسى شمال الرقة، في ظل الاشتباكات على محاور قريتي جهبل والمشيرفة.
وتحوّلت ناحية عيسى إلى مسرح لجهات متحاربة، فالقوات الروسية المنتشرة في محيط المنطقة تلعب دور الشرطي والحارس في نفس الوقت، حيث تحمي قوات النظام الموالية لها من فصائل سورية مسلحة مهاجمة تدعمها تركيا، كما تفصل عن «قوات سوريا الديمقراطية» المتحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية وتسيطر على مركز الناحية والقسم الأكبر من ريفها.
في مدخل الناحية الرئيسي، رفعت قوات «قسد» سواتر ترابية عالية وتحول المكان إلى أشبه بثكنة عسكرية مغلقة. على طول الطريق المؤدي للناحية من جهتها الشرقية والغربية حفرت القوات الأنفاق والخنادق ووسعت من تحصيناتها العسكرية، كما تمنع تنقل المدنيين خشية تعرضهم للقصف ورصاص القناص. وعين عيسى ناحية إدارية تتبع بلدة تل أبيض بمحافظة الرقة شمالي سوريا، تُبعد نحو 55 كيلومتراً عن الرقة باتجاه الشمال الغربي وكان يبلغ عدد سكانها قرابة 100 ألف كانوا موزعين بين مركزها وريفها المترامي الأطراف، قبل نزوح قسمهم الأكبر نحو الرقة والمدن المجاورة.
وتتخذ عين عيسى أهمية استراتيجية نظراً لموقعها الحيوي المطل على الطريق الدولي، إذ تربط محافظات الحسكة والرقة ودير الزور شرقاً بمدينة حلب شمالاً كما توصل عبر شبكة طرق رئيسية شرق الفرات بغربها، وتسعى جميع الأطراف المتحاربة والمدعومة من جهات دولية وإقليمية لفرض سيطرتها الكاملة على الناحية، لقطع طريق الإمداد بين مدينتي عين العرب «كوباني» ومنبج بريف حلب الشرقي؛ بمناطق الجزيرة السورية ومدن الرقة ودير الزور.
وباتت المنطقة منقسمة السيطرة بين جهات محلية وإقليمية ودولية، حيث يخضع مركزها وقسم من ريفها الغربي والشرقي وكامل الريف الجنوبي حتى بلدة تل السمن القريبة من محافظة الرقة، لقوات «مجلس الرقة العسكري» التابعة لـ«قسد»، فيما تسيطر الفصائل السورية المسلحة المنضوية في صفوف «الجيش الوطني السوري» التابعة لحكومة الائتلاف المعارضة والمدعومة من تركيا، على كامل ريفها الشمالي حتى بلدة تل أبيض وجزء من ريفها الشرقي والغربي حتى مخيم عين عيسى سابقاً، والأخير يبعد نحو كيلومترين شمالاً عن الناحية.
فيما تنتشر الشرطة العسكرية الروسية والقوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، في ثلاثة مواقع عسكرية أُنشئت بعد الهجوم الأخير، أولها يقع في الجهة الشرقية ويرفرف العلم السوري إلى جانب العلم الروسي على قاعدة توسطت مبنى أُحيط بساتر ترابي عالٍ. والثاني يقع في مقر اللواء 93، بينما يتمركز الثالث شرقي البلدة بالقرب من محطة وقود عين عيسى المركزية.
يقول رضوان الخلف، قائد «مجلس تل أبيض العسكري» المنضوي تحت راية «قسد»، إن الروس طلبوا انسحاب قواتهم إلى عمق 5 كلم جنوبي البلدة المحاصرة من جهاتها الثلاث جراء الهجوم التركي منذ بداية الشهر الحالي، وتسليم نقاطها لقوات الجيش السوري وإخلاء مقراتها العسكرية وإبقاء مؤسسات الإدارة ضمن مربع أمني داخل مركز البلدة.
وحسب القيادي العسكري: «قيادة (قسد) لم توافق على الشروط الروسية بتسليم المدينة للحكومة، كما لم توافق على إخلاء مواقعها لا سيما خطوط الجبهة للنظام، نحن ندرس كل الخيارات وقواتنا تصد الهجوم وأوقعنا خسائر بصفوفه المهاجمين»، وأضاف الخلف أن الروس كانوا قد طلبوا مراراً إنشاء قاعدة عسكرية لهم: «وهذا الأمر تم بالفعل وتمركزوا في 3 مواقع، والسماح للقوات الحكومية بالانتشار في نقاط التماس وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي، وفي هذا الأمر توصلنا لاتفاق معهم».
وقالت مصادر روسية في موسكو إن روسيا تضغط على قيادة «قسد» لتسليم كامل الناحية وريفها حتى عمق 5 كلم للقوات النظامية، ورفع العلم السوري على المباني والمقرات الحكومية والسيطرة على النقاط المنتشرة على الطريق السريع.، فيما تعمل تركيا على توسيع جغرافية الجيب المعزول الخاضع لها ووصلها ببلدة جرابلس غربي الفرات، لتحقيق هدفها الاستراتيجي بفصل وعزل مناطق الإدارة الذاتية وتقطيع أوصالها وتحويلها إلى جزر معزولة تفصلها مناطق نفوذها.
وكشفت مصادر مطلعة أن التحالف الدولي والقوات الأميركية دخلا على خط النزاع بغية تخفيض التصعيد. وقالت إن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جويل رايبرن بحث مع الرئاسة التركية في 2 من الشهر الحالي التطورات الميدانية في المنطقة والاتفاقية الثنائية التي أُبرمت بين واشنطن وأنقرة وموسكو بعد عملية «نبع السلام» والالتزام بحدود التماس، كما أجرى رايبورن في نفس الفترة اجتماعات مع قيادة «قسد» ومسؤولي الإدارة الذاتية ونقل لهم أن الفريق السوري لدى الإدارة الأميركية يتابع التطورات عن كثب، ونصحوا الجانب التركي بعدم التوغل في أراضٍ جديدة.
على صعيد آخر، قُتل أحد عناصر الفصائل الموالية لتركيا، من أبناء مدينة حرستا بريف دمشق، وأُصيب طفل جراء انفجار قنبلة يدوية في أثناء العبث بها في ناحية جنديرس بريف عفرين شمالي غربي حلب، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس.
وهذا هو الانفجار الثاني خلال 24 ساعة، حيث وقع أول من أمس، انفجار قرب حاجز عسكري للفصائل الموالية لتركيا عند مدرسة ميسلون على طريق عفرين - راجو، ما أدى إلى إصابة 3 أشخاص أحدهم في حالة خطيرة.
في غضون ذلك، جددت قوات النظام قصفها الصاروخي، أمس، على مناطق في محور كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، كما قصفت مناطق في الفطيرة وكنصفرة وسفوهن وفليفل ضمن ريف إدلب الجنوبي.
وشهدت محاور التماس في جبل الزاوية وسهل الغاب استهدافات متبادلة بين قوات النظام والفصائل، بالقذائف الصاروخية والرشاشات الثقيلة.
وأفاد المرصد السوري بمقتل عنصر من قوات النظام، قنصاً برصاص الفصائل، على محور قرية البريج في ريف إدلب الجنوبي، الليلة قبل الماضية، واستهدفت الفصائل بصاروخ موجّه تجمعاً لعناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، على محور الدار الكبيرة في المنطقة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوفهم، وقصفت قوات النظام قرى سفوهن والفطيرة وكفرعويد ومواقع أخرى في جبل الزاوية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.