«رسالة تحذيرية» من واشنطن للمنطقة: لا تضعفوا قدرتنا للضغط على دمشق

«الفريق السوري» في إدارة ترمب يتوقع استمرار السياسة الأميركية مع بايدن

دورية أميركية شرق الفرات في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية أميركية شرق الفرات في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

«رسالة تحذيرية» من واشنطن للمنطقة: لا تضعفوا قدرتنا للضغط على دمشق

دورية أميركية شرق الفرات في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية أميركية شرق الفرات في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

رسالة «القائمة القاسية» في العقوبات الأميركية الأخيرة والجولة التي قام بها المبعوث الأميركي جويل روبرن إلى عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، هي أن «تغيير الإدارة الأميركية لا يعني تغيير السياسة، ولا خروج دمشق من صندوق العزلة»، وأنه حتى «لو حصلت تغييرات تكتيكية، فلن تحصل تغييرات استراتيجية في الاتجاهات والشروط المتوقعة في سوريا».
ألحقت بـ«رسالة تحذيرية»، مفادها «عدم اتخاذ خطوات تضعف قدرة واشنطن على الاستمرار في حملة الضغط» على دمشق، في وقت اختار فريق «الملف السوري» في إدارة الرئيس دونالد ترمب الحزمة الأخيرة في العقوبات لـ«يغلق أبواب مفاوضات المسار الثاني بين جهات أميركية وسوريا»، ويعرقل احتمالات «فتح أقنية الحوار» ويزيد من الضغوط الاقتصادية، بعد معاقبة «المصرف المركزي السوري»، حيث بدأت تأثيرات ذلك تحصل مباشرة ببدء مصارف خاصة خارجية بالانسحاب من دمشق.
- تنسيق مع لندن
كانت الحكومة الأميركية أدرجت كلاً من أسماء الأخرس زوجة الرئيس بشار الأسد، ووالدها وشقيقيها الذين يملكون الجنسية البريطانية وشركات تابعة لهم، إضافة إلى شخصيات أمنية واقتصادية وتنفيذية سورية، بينهم لينا كناية، التي تعمل في القصر الرئاسي، وزوجها محمد همام مسوتي عضو مجلس الشعب (البرلمان) السوري، و«المصرف المركزي السوري». بذلك، ارتفع إلى 114 عدد الأفراد والكيانات المدرجة على قائمة العقوبات منذ بدء تنفيذ «قانون قيصر» في منتصف يونيو (حزيران) الماضي. وهناك معلومات عن قوائم جديدة ستصدر قبل خروج الرئيس ترمب من البيت الأبيض في 20 الشهر المقبل.
وقال روبرن إن الحزمة الأخيرة صدرت مع الذكرى السنوية لتوقيع ترمب على «قانون قيصر». وزاد: «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بتنفيذ حملة متواصلة من الضغط الاقتصادي والسياسي لمنع النظام وأكبر مؤيدين له من حشد الموارد لشحذ حربهم ضد الشعب السوري. وتحقيقاً لهذه الغاية، فرضنا عقوبات على 18 فرداً وكياناً إضافياً، بما في ذلك (مصرف سوريا المركزي). إن هؤلاء الأفراد والشركات يعرقلون جهود التوصل إلى حل سياسي وسلمي للنزاع في سوريا، بحسب قرار مجلس الأمن (2254)».
بالنسبة إلى واشنطن، هناك ثلاثة مضامين جديدة في القائمة الأخيرة، وهي «الأقسى»: الأولى «استمرار جهودنا لعرقلة جهود عائلة الأخرس وأسماء وفريقها بالتحول إلى لاعب أساسي في دمشق واستخدام شبكات النظام والقيام بأعمال خارج سوريا». الثانية «منع سوريين أو غير سوريين لديهم جنسيات أخرى من التعامل مع النظام. العائلة مقيمة في بريطانيا ولدينا جنسية بريطانية، لكن لم يعد ممكناً تجاهل دورها في النظام أكثر من كونهم بريطانيين».
هذه النقطة تطلبت مشاورات أميركية - بريطانية. وقال روبرن: «لا شك في أننا قمنا بتنسيق هذا الإجراء مع نظرائنا في المملكة المتحدة الذين هم شركاء مقربون جداً لنا في الملف السوري. لقد قمنا بجميع هذه الأمور معهم، ولا يمكن أن نفاجئهم بشأن موضوع مماثل، لأننا في شراكة استراتيجية وثيقة جداً مع المملكة المتحدة بشأن سوريا». وليس معلوماً ما إذا كانت الحكومة البريطانية أو الاتحاد الأوروبي سيقومان بالخطوات نفسها وإدراجهم في عقوبات.
«المضمون الثالث» في القائمة، حسب تفكير «الفريق السوري» في واشنطن، بموجب «قانون قيصر» لا يهم مكان وجود الشخص ولا جنسيته «حيث إن العقوبات ستطاله. بل إن أي شخص يقوم بالتعامل مع الأشخاص المعاقبين، سيكون عرضة لعقوبات جديدة»، إضافة إلى أنه مجرد إدراجهم على اللائحة، فإن «جميع حساباتهم المصرفية بالدولار ستُجمد حيثما كانت. كما أن المصارف الأجنبية لن تتعامل معهم بأي شكل وبأي عملة».
- إغلاق «الباب الثاني»
سياسياً، بعض الشخصيات المدرجين في القائمة الأخيرة كانت تلعب دوراً في مفاوضات «المسار الثاني» أو «الباب الثاني» مع شخصيات وجهات أميركية، وعقدت لقاءات غير معلنة في لندن تناول ملف العقوبات الغربية على دمشق وأموراً أخرى، لكن وضعهم على القائمة «يجعل هذا غير ممكن قانونياً في المستقبل» ذلك أن رسالة فريق «الملف السوري» هنا «لا يمكن أن تكون وسيطاً في لندن وعاصمة أوروبية أخرى وشريكاً في دمشق. قانون قيصر يمنع قانونياً التعامل مع النظام».
يكتسب هذا العنصر بُعداً إضافياً، ذلك أن بعض الشخصيات الأميركية التي لعبت دوراً في مفاوضات «المسار الثاني» مع دمشق وعقدت لقاءات في لندن، مرشحة للعب دور في الملف السوري في إدارة الرئيس جو بايدن، ما يعني أن قائمة العقوبات الأخيرة «أغلقت هذا الباب إلى حد كبير».
وكان روبرن قام بعد تسلمه منصب المبعوث الأميركي للملف السوري خلفاً للسفير جيمس جيفري قبل أيام، بجولة في المنطقة شملت تركيا ومصر وإسرائيل والعراق وشمال شرقي سوريا ودولاً أخرى. الهدف من تلك الجولة كان «تذكير - تحذير» الدول المعنية بالأهداف الأميركية في سوريا، وهي: «ضمان الهزيمة المستمرة لـ«داعش»، الضغط على إيران للانسحاب من سوريا، الضغط على النظام لتنفيذ القرار (2254)»، وأن هذه الأهداف ليست أهداف وزير الخارجية مايك بومبيو أو جيفري أو روبرن «بل هي أهداف أميركا. لذلك فإن تغيير الأشخاص لن يغير الأهداف. وتغيير الإدارة لن يغير السياسة، ما يعني توقع استمرار أكثر من التغيير في السياسة الأميركية نحو سوريا».
عليه، بعد تسلم إدارة بايدن وتعيين الفريق الخاص بسوريا «قد تحصل تغييرات عملياتية لكن يجب عدم توقع تغييرات استراتيجية»، عما كان عليه الوضع زمن إدارة ترمب، وأنه «على دول المنطقة ألا تقوم بتغييرات استراتيجية تضعف قدرة واشنطن على تحقيق أهدافها الثلاثة: (داعش)، و(إيران)، و(التسوية)، أو أن تخفف أدوات الضغط» ما يعني «إبقاء دمشق في صندوق العزلة السياسية والدبلوماسية وزيادة الضغوط الاقتصادية».
بين «الرسائل الأميركية»، ما كان واضحاً تماماً، إلى حد «التحذير»، مثل: «لا تحاولوا إضعاف قدرة واشنطن للضغط على النظام»، قابلتها أجوبة كانت «مرضية للمبعوثين»، مفادها: «نحن نعرف أن تغير الإدارة لا يعني تغيير عمق السياسة»... بانتظار التعرف إلى السياسة الحقيقية لإدارة بايدن و«فريقها السوري»!



يوم ثالث من الغارات الغربية على مواقع حوثية في عمران وصعدة

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

يوم ثالث من الغارات الغربية على مواقع حوثية في عمران وصعدة

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي باتجاه إسرائيل، الاثنين، في حين ضربت لليوم الثالث على التوالي موجة من الغارات الغربية مواقع للجماعة في محافظتي عمران وصعدة إلى الشمال من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

وتقود واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي تحالفاً، أطلقت عليه «حارس الازدهار»، لإضعاف قدرات الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، إلا أن ذلك لم يمنع من تكرار الهجمات من وقت إلى آخر.

مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وأوردت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية أن سبع غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

ولم تكشف الجماعة عن الآثار الناجمة لهذه الضربات التي يُعتقد أنها استهدفت مستودعات أسلحة. كما لم يعلن الجيش الأميركي على الفور تفاصيل حول الغارات.

وكانت الجماعة أقرت، الأحد، بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

وكانت الجماعة زعمت، الجمعة الماضي، إسقاط مُسيّرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

ضربات غير مجدية

بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ في حين لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

الحوثيون زعموا إسقاط 12 طائرة مسيّرة أميركية منذ بدء تصعيدهم ضد السفن قبل عام (رويترز)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

صاروخ باتجاه إسرائيل

في سياق الهجمات التي تتبنّاها الجماعة الحوثية باتجاه إسرائيل، تبنّى المتحدث العسكري باسمها، يحيى سريع، في بيان، الاثنين، إطلاق صاروخ باليستي «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه قاعدة إسرائيلية.

وزعم المتحدث الحوثي أن الصاروخ استهدف قاعدة «ناحال سوريك» العسكرية جنوب شرقي تل أبيب، وأنه أصاب هدفه وأدى إلى نشوب حريق في محيط الموقع المستهدف.

صاروخ أطلقه الحوثيون من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

وتوعد سريع، في بيانه المتلفز، باستمرار الهجمات باتجاه إسرائيل ضمن ما وصفه بـ«المرحلة الخامسة من التصعيد» لإسناد الفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان.

في غضون ذلك أعلن جهاز الإطفاء الإسرائيلي أنه يعمل، صباح الاثنين، على إخماد حرائق اندلعت في بيت شيمش غرب القدس، ناتجة عن «شظايا صواريخ اعتراضية أو صواريخ»، في حين أكد الجيش اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن. قبل أن يعود «جهاز الإطفاء» لتأكيد أن الحرائق ناجمة عن فعل جنائي وليس نتيجة الشظايا.

وأطلقت صفارات الإنذار في بيت شيمش قبيل الساعة السادسة (04.00 ت غ). وحسب بيان عسكري، اعترض سلاح الجو «مقذوفاً كان يتجه نحو إسرائيل من اليمن»، مؤكداً أن الاعتراض تم «قبل اختراقه الأجواء الإسرائيلية»، حسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الجماعة تبنّت، الجمعة الماضي، عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، زاعمة أنه أصاب هدفه، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وفي 28 من أكتوبر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

الحوثيون يزعمون أن هجماتهم لمساندة غزة و«حزب الله» ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.