القوات الروسية تنشئ قاعدة جنوب عين عيسى

جاويش أوغلو ولافروف يلتقيان في سوتشي الثلاثاء

دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
TT

القوات الروسية تنشئ قاعدة جنوب عين عيسى

دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)
دورية روسية في طريقها إلى عين عيسى (الشرق الأوسط)

أنشأت القوات الروسية قاعدة عسكرية جديدة في قرية كالطة الواقعة في الريف الجنوبي لبلدة عين عيسى شمال الرقة، في وقت شهدت محاور قريتي جهبل والمشيرفة في شمال البلدة تجدد الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى، وسط قصف صاروخي متبادل بين الطرفين، ما يؤكد فشل المباحثات التي أُجريت حولها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قافلة تضم 22 شاحنة محملة بحاويات مغلقة بداخلها معدات عسكرية ولوجيستية، استقدمتها القوات الروسية إلى قاعدتها في عين عيسى، أمس (الخميس).
وتجدد الاشتباكات العنيفة بالمدفعية والرشاشات المتوسطة والثقيلة، بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جانب، وقوات (قسد) من جانب آخر، على محاور قريتي جهبل والمشيرفة بريف ناحية عين عيسى قرب طريق الحسكة - حلب «إم 4»، مع قصف متقطع استهدف قرية هوشان غرب تل أبيض شمال محافظة الرقة، ليل الأربعاء - الخميس.
جاء ذلك بعد فترة من الهدوء الحذر، وتوقف الاشتباكات على تلك المحاور، التي اندلعت في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بين فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، و«قسد»، في محاولة من تركيا للسيطرة على عين عيسى لقطع الصلة بين مناطق سيطرة «قسد» في غرب الفرات وشرقه.
واصلت القوات الروسية إغلاق طريق الحسكة - حلب الدولي (إم 4) الرابط بين عين عيسى وتل تمر وباقي مناطق محافظتي الحسكة وحلب على خلفية تصعيد الفصائل، بدعم من القوات التركية.
ومع تصاعد هجمات القوات التركية والفصائل في عين عيسى، أعادت القوات السورية إغلاق طريق «إم 4» بين الحسكة وحلب، بعدما فتحته في 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلا أن الفصائل المتمركزة في صوامع شركراك قامت باستهداف السيارات والدورية الروسية المرافقة لها، وجرى تبادل إطلاق النار لتتوقف الحركة على الطريق مجدداً. وقررت القوات التركية وقف حركة النقل التجاري ونقل الأفراد حتى توقف التصعيد التركي على عين عيسى وريفها.
كان ضباط روس وأتراك اجتمعوا، الاثنين، في صوامع شركراك بريف الرقة، لبحث الوضع في عين عيسى، لكن الاجتماع لم يسفر عن نتيجة تُذكر. وكذلك فشل اجتماع آخر لضباط روس ومن قوات النظام وممثلين لـ«قسد» في إقناع «قسد» بالانسحاب الكامل من عين عيسى وتسليمها للنظام.
وقالت مصادر دبلوماسية تركية أمس إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف، في مدينة سوتشي الثلاثاء المقبل، لبحث عدد من القضايا الإقليمية في مقدمتها التطورات في سوريا والوضع في قره باغ وليبيا.
وخرج الأهالي بمظاهرة حاشدة في بلدة تل تمر بريف الحسكة، تنديداً بالتصعيد العسكري الذي تشهده عين عيسى من قصف واشتباكات يومية والتهديدات التركية بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق، وساروا باتجاه الحسكة ومنها إلى بلدة المالكية «ديريك» مروراً بمدينة القامشلي.
وكان «المرصد السوري» رصد، أول من أمس، مظاهرة حاشدة خرج بها أهالي مدينة منبج الواقعة بريف حلب الشمالي الشرقي، تنديداً بالتصعيد التركي غير المسبوق على عين عيسى، وسط صمت روسي.
وتتخذ ناحية عين عيسى أهمية جغرافية استراتيجية نظراً لموقعها الحيوي المطل على الطريق الدولي السريع (M4) وتربط محافظات الحسكة والرقة ودير الزور شرقاً بمدينة حلب شمالاً كما توصل شرق سوريا بغربها، وتسعى جميع الأطراف المتحاربة على فرض سيطرتها الكاملة على المدينة، لقطع طريق الإمداد بين مدينتي عين العرب (كوباني) ومنبج بريف حلب الشرقي، بغية تقطيع كامل مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي البلاد.
إلى ذلك؛ أصدر «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) بياناً نشر على حسابها الرسمي، حملت موسكو وواشنطن التصعيد من قبل تركيا وفصائلها الموالية «رغم الاتفاق الذي أبرمها قوات (قسد) مع روسيا، التي تُعتبر الضامن لوقف الأعمال القتالية في المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية».
في السياق، قالت أمينة عمر رئيس مجلس «مسد» لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الهجوم التركي على عين عيسى بهدف احتلال المزيد من أراضي شمال شرقي سوريا، «لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وقطع الطريق بين مناطق شمال وشرق سوريا، نظراً لأهميتها الاستراتيجية ووقوعها على الطريق السريع».
وعلى صعيد آخر، تبادلت قوات النظام وفصائل المعارضة في إدلب القصف الصاروخي على محاور جبل الزاوية في الريف الجنوبي للمحافظة، بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.