«إجراءات مؤقتة» بين أوتاوا ولندن للحفاظ على تدفق السلع

كندا ترفض استحواذاً صينياً لـ«أسباب أمنية»

TT

«إجراءات مؤقتة» بين أوتاوا ولندن للحفاظ على تدفق السلع

وافقت الحكومتان الكندية والبريطانية على إجراءات انتقالية للحفاظ على تدفق البضائع بين الدولتين بدءاً من 1 يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن تكون هذه الترتيبات المؤقتة سارية المفعول إلى أن تتم الموافقة على اتفاقية استمرارية التجارة بين المملكة المتحدة وكندا من قبل البرلمانين الكندي والمملكة المتحدة في أوائل العام المقبل.
ورحبت وزيرة المالية ونائبة رئيس الوزراء الكندية، كريستيا فريلاند، ووزيرة الأعمال الصغيرة وترويج الصادرات والتجارة الدولية، ماري نغ، مساء الثلاثاء، بتوقيع مذكرة تفاهم بين كندا والمملكة المتحدة تحدد الالتزامات التي سيتخذها كل بلد لضمان استمرار المعاملة الجمركية التفضيلية للسلع من تاريخ توقف تطبيق الاتفاقية الاقتصادية والتجارية الشاملة بين كندا والاتحاد الأوروبي على المملكة المتحدة؛ حتى يتم التصديق على اتفاقية استمرارية التجارة بين كندا والمملكة المتحدة وتنفيذها.
كما تقوم المملكة المتحدة وكندا بوضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات للحفاظ على قواعد الاعتراف المشتركة بشأن الامتثال لممارسات التصنيع الجيدة للمنتجات الصيدلانية، وتوفير الاستمرارية فيما يتعلق بالقبول المتبادل لنتائج تقييم المطابقة لأجهزة الراديو والاتصالات السلكية واللاسلكية والتوافق الكهرومغناطيسي.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الكندي في بيان رسمي: «كندا دولة تجارية... مع هذا الإعلان، ستضمن حكومتنا استمرار حصول الشركات الكندية التي تتاجر بالسلع مع المملكة المتحدة على وصول تفضيلي... هذا الإجراء مهم لكثير من الشركات والوظائف في كندا، والتي تستفيد من العلاقات الاقتصادية القوية بين بلدينا».
وفي سياق منفصل، رفضت السلطات الكندية خطة شركة تعدين الذهب الصينية «شاندونغ غولد ميننغ» للاستحواذ على شركة «تي إم إيه سي ريسورسز» التي تدير منجماً للذهب في المنطقة القطبية الكندية، لأسباب تتعلق بالأمن القومي الكندي.
وأشارت وكالة «بلومبرغ»، مساء الثلاثاء، إلى أن شركة «تي إم إيه سي» الموجود مقرها في مدينة تورونتو الكندية، تمتلك منجم الذهب «هوب باي» في منطقة نانافوت الشمالية، الذي يضم ميناء وخطوطاً جوية. وكانت «شاندونغ» المدعومة من الدولة الصينية قد وافقت على شراء الشركة الكندية مقابل نحو 150 مليون دولار في مايو (أيار) الماضي. ولكن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ذكرت شركة «تي إم إيه سي» أنها تلقت إشارة إلى أن الحكومة الكندية أجرت «مراجعة أمنية» للصفقة.
وقالت الشركة الكندية إن الحكومة أصدرت أمراً وفقاً لقانون الاستثمار الكندي لوقف صفقة استحواذ الشركة الصينية على «تي إم إيه سي». ولم تكشف الشركة الكندية عن أسباب الرفض الحكومي للصفقة.
من ناحيتها أصدرت «شاندونغ» بياناً الثلاثاء تؤكد فيه إبلاغها رفض الحكومة الكندية الصفقة، مشيرة إلى أن هذا القرار صدر «بغرض حماية الأمن القومي» لكندا. وقالت صوفي لامبرت راسين، المتحدثة باسم وزارة الصناعة الكندية، إنها لا تستطيع شرح أسباب رفض صفقة «شاندونغ» بسبب بنود السرية في قانون الاستثمار، مضيفة أن «كندا ما زالت منفتحة على الاستثمارات التي توفر الوظائف والنمو وتفتح الباب أمام الوصول إلى التجارة العالمية مع سلاسل القيمة والازدهار طويل المدى للكنديين، في الوقت الذي نحمي فيه مصالح الأمن القومي لكندا».
وقال مراقبون أمنيون إن الصفقة كان يمكن أن تمثل تهديداً لكندا، لأنها كانت ستعطي للصين فرصة أكبر للوصول إلى الممر الشمالي الغربي في القارة القطبية الشمالية وللاقتراب من محطات رادار الإنذار المبكر الكندية.
يذكر أن العلاقات بين كندا والصين متوترة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2018 عندما ألقت السلطات الكندية القبض على المديرة المالية لشركة «هواوي تكنولوجيز» الصينية، مينغ وانشو، في مدينة فانكوفر بناء على طلب من السلطات الأميركية التي تتهم المواطنة الصينية بالاحتيال. ومنذ ذلك الوقت ما زالت وانشو محتجزة في مدينة فانكوفر الكندية تمهيداً لصدور قرار بشأن الطلب الأميركي لتسلمها ومحاكمتها.



منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

مع تحول «ترمب 2.0» إلى واقع، أصبحت أوروبا على استعداد لنزول مستنقع جيوسياسي وتجاري جديد مع أكبر شركائها التجاريين.

وقد يلحق فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الضرر بالاقتصاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية الأميركية المقترحة بنسبة 10 في المائة قد تؤثر على الصادرات الأوروبية، مثل السيارات والمواد الكيميائية، مما يؤدي إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة أو نحو 260 مليار يورو.

ويحذر المحللون من خفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة، وضعف اليورو، وخطر الركود.

وفق كثير من التحليلات الاقتصادية، هناك اتفاق واسع النطاق على أن التعريفات الجمركية الشاملة التي اقترحها ترمب بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات الأميركية، قد تعطل النمو الأوروبي بشكل كبير، وتزيد من حدة التباين في السياسة النقدية، وتفرض ضغوطاً على القطاعات الرئيسية المعتمدة على التجارة، مثل السيارات والمواد الكيميائية.

وقد تكون التأثيرات طويلة الأجل على مرونة الاقتصاد الأوروبي أكثر أهمية؛ إذا كانت التعريفات الجمركية أدت إلى صراعات تجارية مطولة، مما دفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى الاستجابة بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير لتخفيف التأثير، وفق «يورو نيوز».

والرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب على الواردات، بما فيها تلك الآتية من أوروبا، قد تؤثر بشكل عميق على قطاعات تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى أميركا.

وتظهر بيانات «المفوضية الأوروبية» أن «الاتحاد الأوروبي» صدّر سلعاً بقيمة 502.3 مليار يورو إلى الولايات المتحدة في عام 2023، وهو ما يمثل خُمس إجمالي الصادرات غير الأوروبية.

وتتصدر الصادراتِ الأوروبية إلى الولايات المتحدة الآلاتُ والمركباتُ (207.6 مليار يورو)، والمواد الكيميائية (137.4 مليار يورو)، والسلع المصنَّعة الأخرى (103.7 مليار يورو)، وتشكل معاً نحو 90 في المائة من صادرات الكتلة عبر المحيط الأطلسي.

ويحذر محللون في بنك «إيه بي إن أمرو» بأن الرسوم الجمركية «ستتسبب في انهيار الصادرات إلى الولايات المتحدة»، حيث من المرجح أن تكون الاقتصادات المعتمدة على التجارة، مثل ألمانيا وهولندا، الأكثر تضرراً.

ووفق «البنك المركزي الهولندي»، فإن الرسوم الجمركية المتوقعة من شأنها أن تخفض النمو الأوروبي بنحو 1.5 نقطة مئوية، وهو ما يعني خسارة اقتصادية محتملة قدرها 260 مليار يورو، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي المقدر لأوروبا في عام 2024 بنحو 17.4 تريليون يورو.

وإذا تعثر نمو أوروبا تحت وطأة هذه الرسوم الجمركية المقترحة، فقد يضطر «البنك المركزي الأوروبي» إلى الرد بقوة، وخفض أسعار الفائدة إلى نحو الصفر بحلول عام 2025.

وفي المقابل، قد يستمر «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي في رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى «أحد أكبر وأطول الاختلافات في السياسة النقدية» بين «البنك المركزي الأوروبي» و«الاحتياطي الفيدرالي» منذ إنشاء اليورو في عام 1999.

يرى ديرك شوماخر، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الأوروبي في مؤسسة «ناتيكسيس كوربوريت» الألمانية، أن زيادة التعريفات بنسبة 10 في المائة قد تقلل الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.5 في المائة بألمانيا، و0.3 في المائة بفرنسا، و0.4 في المائة بإيطاليا، و0.2 في المائة بإسبانيا.

ويحذر شوماخر بأن «منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود بتأثير التعريفات الجمركية الأعلى».

كما أن أرباح الشركات الأوروبية والاستثمارات في خطر، فوفقاً لخبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية واسعة النطاق إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنحو واحد في المائة.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي خسارة واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ضربة لأرباح سهم «EPS» للشركات الأوروبية بنسبة بين 6 و7 نقاط مئوية، وهذا سيكون كافياً لمحو نمو ربح السهم المتوقع لعام 2025.