الحكومة اللبنانية إلى العام المقبل... والحريري يتحدث عن «تعقيدات وثقة مفقودة»

العقدة عالقة عند مطالبة عون بوزارتي العدل والداخلية

الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية إلى العام المقبل... والحريري يتحدث عن «تعقيدات وثقة مفقودة»

الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري متحدثاً إلى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)

أسقط الاجتماع الذي عقد أمس بين رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، كل الإيجابيات التي بعث بها الاجتماع الذي عقد أول من أمس بعد انقطاع طويل بين الرجلين، خصوصا مع حديث الحريري أمس عن «تعقيدات وثقة مفقودة».
ولم ينجح لقاء الحريري يوم أمس مع عون في تذليل العقد العالقة وأهمها التي باتت تتمحور، بعد سقوط مطلب «الثلث المعطل»، حول مطالبة الرئيس ميشال عون بوزارتي العدل والداخلية، إضافة إلى الدفاع التي ستبقى من حصته، وهو ما يرفضه الحريري، لا سيما أن أي تعديل فيهما من شأنه أن يؤدي إلى إعادة توزيع جميع الوزارات الأخرى.
وتحدث الحريري بعد لقائه عون عن تعقيدات وعن الثقة التي ضاعت بين الأفرقاء خلال السنة الماضية، مع تأكيد حرصه ورئيس الجمهورية على الإسراع بتشكيل الحكومة. وقال: «كنا نتمنى أن تكون هناك حكومة قبل ذلك، لكن ربما لا تزال هناك تعقيدات واضحة في المشاكل الموجودة بالسياسة، لكني أقول إلى اللبنانيين، لا يقولن أحد لكم أننا غير قادرين على وقف الانهيار، والأهم أن هذا الانهيار يحتاج إلى حكومة لتوقفه، ويحتاج إلى حكومة اختصاصيين لكي نسير بالإصلاح الذي نريده، فخامة الرئيس وأنا وكل اللبنانيين».
وأضاف: «من هذا المنطلق، أتمنى على الجميع أن يدرك أنني لن أتوقف حتى تشكيل حكومة اختصاصيين، وهو ما يريده أيضا رئيس الجمهورية، لكن الخلاف هو على أمور أخرى، وربما مرده إلى الثقة التي قد تكون ضاعت خلال السنة الفائتة، والتي يجب علينا أن نعيد بناءها بين الأفرقاء. لكن على الجميع أن يعرف أن السياسيين لم يعد لديهم وقت، وعلى السياسيين أن يعرفوا أيضا أن البلد ينهار بشكل سريع جدا. والإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، على أن تكون حكومة اختصاصيين وخبراء يعرفون ماذا يفعلون، دون أن يكونوا مسيسين»، مضيفا: «نريد أشخاصا يقولون لنا كلا حين نكون نحن كرؤساء مخطئين. نريد أشخاصا نستفيد منهم بالفعل لمصلحة البلد».
وتوجه الحريري إلى اللبنانيين قائلا: «ربما نتأخر في تشكيل الحكومة، وهذا الأمر يشكل ضغطا للأسف على البلد، ولكني أعرف أن فخامة الرئيس حريص على تشكيل هذه الحكومة، وأنا كذلك لدي نفس الحرص، وسنبقى نعمل ونتواصل مع بعضنا البعض حتى تشكيل هذه الحكومة. لكن لا يقولن أحد إلى اللبنانيين إن هذا الانهيار لا يمكن إيقافه. في لحظة تشكيل هذه الحكومة سنعمل جاهدين لذلك. هناك قرارات صعبة سنتخذها، وهناك قرارات سريعة سنتخذها، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكننا من العمل مع حلفائنا في الخارج والمجتمع الدولي لكي نعيد لبنان إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه».
وشدد الحريري على ضرورة أن يشعر اللبناني «أنه باتت هناك شبكة أمان تحميه في هذا البلد، وهذا لا يتحقق من دون تشكيل حكومة»، داعيا المسؤولين إلى التفكير باللبنانيين بكل فئاتهم الذين باتت رواتبهم لا تساوي شيئا وبالعاطلين عن العمل. وختم داعيا إلى «التواضع والتفكير في مصلحة البلد، من دون أن نغلب مصلحة فريق على آخر، بل مصلحة وطن»، معتبرا أنه لا بد أن تؤلف الحكومة بعد رأس السنة، «فالمواطن اللبناني لا يريد أن يرى سعد الحريري ذاهباً إلى القصر الجمهوري وعائداً منه من دون حكومة».
وزيارة الحريري يوم أمس هي الـ 14 منذ تكليفه بتشكيل الحكومة قبل شهرين، وأتت كما تلك التي سبقتها بعد جهود من البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي تدخّل على خط تقريب وجهات النظر إثر تفاقم الخلافات بين عون والحريري. وكان الراعي التقى الأسبوع الماضي الطرفين اللذين وعداه بتسهيل مهمة تأليف الحكومة كما النائب جبران باسيل، لكن في ما بدا واضحا من المعطيات أن حراك الراعي في موازاة الاتصالات التي كان يقوم بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم نجحت في إسقاط مطلب الثلث المعطل، لكنها أظهرت عقدا أخرى حالت دون التوصل إلى اتفاق وتشكيل الحكومة قبل رأس السنة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».