بوتين يحصن نفسه «مدى الحياة»... والدوما يطلق «تصفير العداد» الرئاسي

وقع قانون «الضمانات للرؤساء السابقين» في إطار التعديلات الدستورية

بوتين يرأس اجتماعا بتقنية الفيديو من مقر إقامته بموسكو أمس (د.ب.أ)
بوتين يرأس اجتماعا بتقنية الفيديو من مقر إقامته بموسكو أمس (د.ب.أ)
TT

بوتين يحصن نفسه «مدى الحياة»... والدوما يطلق «تصفير العداد» الرئاسي

بوتين يرأس اجتماعا بتقنية الفيديو من مقر إقامته بموسكو أمس (د.ب.أ)
بوتين يرأس اجتماعا بتقنية الفيديو من مقر إقامته بموسكو أمس (د.ب.أ)

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، قانون الضمانات الممنوحة للرؤساء السابقين وأفراد عائلاتهم. ودخل القانون الجديد حيز التنفيذ مباشرة بعد نشره على البوابة الإلكترونية الرسمية للمعلومات القانونية. وتعد الوثيقة جزءا من رزمة تعديلات دستورية واسعة، تم إقرارها في تصويت شعبي عام في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويمنح القانون الجديد الرئيس الذي يغادر منصبه حصانة كاملة مدى الحياة، يحظر بموجبها ملاحقته قضائيا أو إداريا أو ماليا، أي إنه «لا يمكن تقديمه إلى مسؤولية جنائية أو إدارية، أو احتجازه، أو اعتقاله، أو استجوابه، أو القيام بأي عمليات تفتيش في أماكن المعيشة والمكاتب التي يشغلها والمركبات ووسائل الاتصالات والوثائق والأمتعة والمراسلات، كما لا يمكن أن يخضع لأي عملية تفتيش جسدي».
وتعد هذه الامتيازات مطابقة للحصانة التي يمتلكها الرئيس أثناء تأدية مهامه، ما يعني أنها توسع بشكل كبير بعض الامتيازات التي كان الرئيس في السابق يحصل عليها إذا غادر مقعده الرئاسي. ولفتت وسائل إعلام روسية أمس، إلى أن نص القانون حمل عبارات صريحة ومباشرة، لا يمكن تأويلها، ليس فقط بمنع محاسبة الرئيس على أي أخطاء ارتكبت خلال فترة رئاسته، بل وتحصينه سلفا من أي مخالفات قد ترتكب بعد مغادرة المنصب. بهذا المعنى فإن الرئيس السابق لن يتحمل أي مسؤولية قانونية عن ارتكاب المخالفات الإدارية، وكذلك الجرائم الجنائية البسيطة أو المتوسطة، والتي تشمل وفقا للائحة طويلة وضعتها الصحافة الروسية الضرب أو حتى التسبب في الوفاة بسبب الإهمال نتيجة حادث سير أو دفاعا عن النفس.
لكن البند الذي أثار حفيظة المعارضة الروسية أكثر، يتعلق بقيود صارمة تجعل رفع هذه الحصانة عن الرئيس السابق شبه مستحيلة، ما يعني أن البرلمان أو الحكومة في المستقبل لن يكونا قادرين على إجراء أي مراجعة على القانون الذي بات يحظى بقوة دستورية.
ويتطلب رفع الحصانة عن الرئيس السابق اتخاذ خطوات معقدة، بينها تبني القرار من قبل مجلس الاتحاد (الشيوخ) على أساس توجيه اتهام للرئيس في مجلس الدوما (النواب) بالخيانة العظمى أو بارتكاب بعض الجرائم الخطيرة الأخرى، وأن يقوم بالمبادرة لطرح هذا الاتهام ثلث نواب مجلس الدوما على الأقل، وفي هذه الحال يجب أن يتخذ القرار النهائي ثلثا أعضاء البرلمان في كل من المجلسين (الدوما) و(الشيوخ). وحتى بعد اتخاذ قرار الاتهام في البرلمان يحال لتأكيده من قبل المحكمة العليا والمحكمة الدستورية، ثم يعود إلى مجلس الشيوخ لاتخاذ قرار بحرمان الرئيس من الحصانة في غضون ثلاثة أشهر. وتظهر هذه الشروط التعجيزية استحالة تغيير وضع الحصانة الممنوحة بموجب القانون للرئيس السابق، حتى إن أحد نواب مجلس الدوما قال إن «هذه الإجراءات أشد تعقيدا من مسار حجب الثقة عن الرئيس الفعلي أثناء تأدية مهامه».
جاء توقيع القانون، متزامنا مع توقيع رزمة قوانين أخرى، شكلت كلها انعكاسات للتعديلات الدستورية التي اقترحها بوتين الصيف الماضي وتم إقرارها كرزمة متكاملة في التصويت العام.
وبين القوانين الأخرى التي دخلت حيز التنفيذ بعد توقيع الرئيس عليها، قانون بتنظيم عمل «مجلس الدولة» الذي نص المرسوم على أن يكون الرئيس بوتين رئيسا له، ويشمل في عضويته رؤساء الديوان الرئاسي والحكومة والأقاليم والكتل السياسية الممثلة في البرلمان وعددا آخر من المسؤولين الذين يعينهم الرئيس. ولم يكن هذا المجلس مدرجا ككيان سياسي له صلاحيات واسعة في الدستور الروسي سابقا. ورأت بعض الفرضيات أن بوتين يهيئ لاحتمال مغادرة منصبه في وقت لاحق، على أن يبقى محتفظا بحصانة كاملة وصلاحيات واسعة في إطار نشاطه في هذا المجلس. بالإضافة إلى ذلك، وقع الرئيس قانونا آخر، يمنح الرؤساء السابقين عضوية مدى الحياة في مجلس الشيوخ الروسي.
ووفقا للوثيقة، يحصل الرئيس السابق للبلاد على صفة عضو في مجلس الشيوخ منذ لحظة تقدمه بطلب إلى مجلس الاتحاد، ويتم منحه لذلك ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء صلاحياته كرئيس، وإذا انتهت صلاحيته قبل اعتماد القانون، فيمكن تقديم الطلب في أي وقت.
كما يسمح القانون لرئيس الدولة الحالي بتعيين أعضاء مجلس الشيوخ. على ألا يزيد عددهم على 30، منهم سبعة فقط يمكنهم التقدم بطلب للحصول على عضوية مدى الحياة، أما الباقون فيحصلون على مدة العضوية لست سنوات، ويمنح هذا الحق للمواطنين الذين «قدموا خدمات متميزة للبلاد في مجال الأنشطة الحكومية والعامة».
إلى ذلك، دعمت لجنة المراقبة والقواعد بمجلس الدوما (النواب) الروسي مشروع قانون يمنح الرئيس الروسي حق الترشح لولايتين إضافيتين، وينسحب هذا المشروع على الرئيس الحالي. وفي تصريح صحافي، قال نائب رئيس اللجنة ميخائيل رومانوف، إن لجنة المراقبة أوصت النواب بتبني مشروع القانون في القراءة الأولى.
وكانت مسألة «تصفير العداد الرئاسي» لبوتين التي دخلت ضمن التعديلات الدستورية الأخيرة أثارت جدلا واسعا في روسيا، وانتقادات شديدة من جانب المعارضة. وسيعني إقرار القانون بصيغته النهائية وعرضه على الرئيس لتوقيعه، أن بوتين الذي تنتهي ولايته الحالية في العام 2024 سيكون قادرا بموجب القانون على الترشح لولايتين رئاسيتين جديدتين مدة كل منهما سبع سنوات. وكان بوتين سئل أخيرا خلال مؤتمر صحافي عن نيته الترشح لولاية جديدة في العام 2024، فقال إنه «لم يفكر في الأمر بعد».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».