لا تقدم في اجتماعات ترسيم الحدود السودانية ـ الإثيوبية

التوترات الأمنية تلقي بظلالها على محادثات الخرطوم

TT

لا تقدم في اجتماعات ترسيم الحدود السودانية ـ الإثيوبية

انفضت المحادثات السودانية الإثيوبية التي عقدت بالخرطوم على مدى اليومين الماضيين، دون إحراز تقدم بشأن معالجة قضايا الحدود بين البلدين، واتفق الطرفان في ختام الاجتماعات أمس على رفع تقارير إلى قيادة البلدين، وعقد اجتماع لاحق يحدد عبر القنوات الدبلوماسية. وألقى انتشار الجيش السوداني في مناطق واسعة على أراضيه المتاخمة للحدود الاثيوبية، في أعقاب اعتداءات قوات ومليشيات إثيوبية، على قواته بمنطقة جبل أبو الطيور بولاية القضارف، بظلاله على الاجتماعات.
وذكر بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، أن اجتماع اللجنة السياسية المشتركة رفيع المستوى، بشأن قضايا الحدود بين السودان وإثيوبيا، عقد في أجواء ودية تجسد العلاقات الأخوية بين السودان وإثيوبيا، المستندة إلى مبادئ حسن الجوار والتعاون والتفاهم المشترك وبعد تبادل الآراء في القضايا.
وأضاف البيان «اتفق الطرفان على رفع التقارير إلى قيادة البلدين على أن يعقد الاجتماع القادم في موعد يحدد لاحقا عبر القنوات الدبلوماسية بأديس أبابا».
وترأس وفد السودان، وزير شؤون مجلس الوزراء، عمر بشير مانيس، فيما ترأس الجانب الإثيوبي، نائب رئيس الوزراء الاثيوبي، وزير الخارجية.
وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، دعا لدى تدشينه عمل اللجنة العليا لترسيم الحدود بين البلدين، أول من أمس، إلى ضرورة إجراء حوار شفاف بين قيادات البلدين العسكرية والسياسية لإنهاء مسألة ترسيم الحدود. وبحسب مجلس الوزراء السوداني، فإن اجتماعات اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين، معنية بمعالجة قضايا الحدود بين البلدين من خلال الأطر القائمة وعلى أساس الوثائق المتفق عليها والموقعة، وتحديد موعد بدء العمل الميداني لترسيم الحدود.
واتفق رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ونظيره الإثيوبي، آبي أحمد، خلال لقاء على هامش القمة الاستثنائية لمنظمة (إيقاد) بجيبوتي (الأحد) الماضي على الإسراع بانعقاد اللجنة العليا المشتركة.
وكان رئيس الوفد السوداني، عمر مانيس، أكد في الجلسة الافتتاحية لاستئناف المحادثات، أن اللجنة ستناقش بندا مهما وهو تحديد موعد عمل بدء العمل الميداني لترسيم الحدود بين البلدين، وحسم المسائل العالقة بين الطرفين فيما يتعلق بمسألة الحدود.
وبدوره شدد نائب رئيس الوزراء، الإثيوبي، ديميكي مكونين، على أهمية ألا تعكر بعض التوترات على الحدود صفو العلاقات المتجذرة بين البلدين، ونبه إلى أن التصعيد من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع وتعطيل الأنشطة اليومية للشعبين.
وأعلن الجيش السوداني، (الأربعاء) الماضي، مصرع عدد من قواته بينهم ضابط برتبة كبيرة وخسائر في المعدات في كمين نصبته قوات وميليشيات إثيوبية على منطقة (خور الجبل) بولاية القضارف شرق البلاد على الشريط الحدودي بين البلدين.
وعلى أثر الاعتداءات أعاد الجيش السوداني انتشاره في أراض كثيرة كانت تسيطر عليها قوات وميليشيات إثيوبية منذ ستينات القرن الماضي، وتبقت أجزاء بسيطة.
وفور اندلاع النزاع الإثيوبي بين الحكومة الاتحادية والمجموعات المسلحة في إقليم (التغراي)، نشر الجيش السوداني قواته في المناطق الحدودية لحماية أراضيه والحيلولة دون استغلال أطراف الصراع في إثيوبيا لأراضيه، وانطلاق أي نوع من العمليات العسكرية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.