عجز الميزانية البريطانية يواصل اتساعه رغم النمو القياسي

تراجع بالغ لعائدات السياحة وقلق حول الإمدادات

يزداد القلق في بريطانيا حول وضع إمدادات السلع مع انتهاء الشهر الجاري من دون اتفاق مع أوروبا (أ.ف.ب)
يزداد القلق في بريطانيا حول وضع إمدادات السلع مع انتهاء الشهر الجاري من دون اتفاق مع أوروبا (أ.ف.ب)
TT

عجز الميزانية البريطانية يواصل اتساعه رغم النمو القياسي

يزداد القلق في بريطانيا حول وضع إمدادات السلع مع انتهاء الشهر الجاري من دون اتفاق مع أوروبا (أ.ف.ب)
يزداد القلق في بريطانيا حول وضع إمدادات السلع مع انتهاء الشهر الجاري من دون اتفاق مع أوروبا (أ.ف.ب)

رغم بيانات النمو الفصلية القياسية الخاصة بالربع الثالث من العام، أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني الثلاثاء، بارتفاع عجز الميزانية إلى ثالث أعلى مستوى له منذ بدء التسجيلات عام 1993. وقال المكتب إن الدين العام بلغ نحو 2.1 تريليون جنيه إسترليني، أو 99.5 بالمائة من الناتج السنوي، وهي أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ 1962.
وارتفع عجز الميزانية، باستثناء بنوك القطاع العام، بـ26 مليار جنيه إسترليني عن العام الماضي إلى 31.6 مليار جنيه إسترليني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وهذا هو أعلى معدل اقتراض تاريخياً في شهر نوفمبر، وثالث أعلى اقتراض شهري منذ بدء التسجيلات الشهرية في عام 1993.
ومع انخفاض ضريبة القيمة المضافة والضرائب على العقارات المخصصة لأغراض الأعمال، انخفضت الإيرادات الضريبية بنحو 3.2 مليار جنيه إسترليني إلى 38.9 مليار جنيه إسترليني. وبسبب الإنفاق الإضافي، البالغ 5.9 مليار جنيه إسترليني، على خطط دعم الوظائف بسبب فيروس كورونا، أنفقت هيئات الحكومة المركزية 80.6 مليار جنيه إسترليني على الأنشطة اليومية في نوفمبر.
وخلال الفترة من أبريل (نيسان) إلى نوفمبر، ارتفع صافي اقتراض القطاع العام بمقدار 188.6 مليار جنيه إسترليني إلى 240.9 مليار جنيه إسترليني، وهو أعلى اقتراض في مثل هذه الفترة منذ أن بدأت التسجيلات في عام 1993.
ورغم ذلك، أظهرت بيانات رسمية أن التعافي الاقتصادي في بريطانيا من الانهيار الناجم عن فيروس كورونا في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، كان أسرع بعض الشيء مما كان يعتقد في السابق.
فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل قياسي بلغ 16 بالمائة في قراءة معدلة بالرفع من تقدير سابق عند 15.5 بالمائة، لكن يظل ذلك غير قادر على التعويض عن التراجع البالغ 18.8 بالمائة في الفترة من أبريل إلى يونيو (حزيران)، عندما كانت أغلب قطاعات الاقتصاد في حالة توقف. وأوضح المكتب أن الناتج المحلي الإجمالي أقل بنسبة 8.6 بالمائة عما كان عليه في نهاية عام 2019.
ومن جهة أخرى، أفادت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني بأن عائدات البلاد من الزوار الأجانب تراجعت بنسبة 72 بالمائة إلى 3.1 مليار جنيه إسترليني (4.16 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2020، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ»، فإن هذا يمثل ثالث تراجع فصلي على التوالي. وشكلت عائدات السياحة 4.6 في المائة من صادرات الخدمات، مقابل 14 بالمائة في العام السابق، و2.2 بالمائة من إجمالي صادرات البلاد من السلع والخدمات.
وفي الوقت نفسه، أنفق المقيمون في المملكة المتحدة 3.43 مليار جنيه إسترليني (4.61 مليار دولار) في الخارج، بانخفاض نسبته 77 بالمائة عن العام الماضي. وقبل تراجعه في الأيام الأخيرة، ارتفع سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 3.5 بالمائة مقابل الدولار في الربع الثالث، وكان ارتفع بنسبة 3.7 بالمائة خلال العام الماضي.
وفيما يتعلق بجانب من المخاوف المتعلقة بـ«بريكست»، فقد تلعب صناعة الشحن بسكك الحديد في بريطانيا دوراً حاسماً في الحفاظ على تدفق السلع الأساسية إلى البلاد قبل موعد خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة، على الرغم من أنها أصغر بكثير من قطاع النقل البري.
وتشكل الشاحنات العالقة المتوجهة إلى ميناء دوفر على الساحل الجنوبي لإنجلترا والعائدة منه، طوابير طويلة بينما تحاول الشركات تخزين البضائع قبل انتهاء المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 ديسمبر (كانون الأول). وتفاقم الوضع بسبب إغلاق بعض الدول حدودها أمام بريطانيا لاحتواء سلالة سريعة الانتشار من فيروس كورونا المستجد.
وتستعد مجموعة «فريتلاينر» الرائدة لنقل الحاويات الكبيرة من موانئ المملكة المتحدة بالقطار إلى محطات المستودعات في أنحاء البلاد، لاحتمال اللجوء إلى خدماتها لنقل مزيد من المنتجات عبر بريطانيا، إذا قررت الشركات العالقة في طوابير دوفر نقل بضائعها إلى موانئ أخرى.
وقال بيتر غراهام رئيس استراتيجية السكك الحديد في شركة «فريتلاينر» لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما قد نبدأ في رؤيته هو تأثير نقل البضائع إلى موانئ بحرية أخرى في أنحاء بريطانيا».
وتنقل قطاراتها الأطول (775 متراً) التي يمكنها نقل نحو 60 حاوية، حالياً البضائع شمالاً من ميناء ساوثهامبتون الإنجليزي. وبينما قلصت التدابير التقييدية بشكل كبير حركة القطارات للركاب في بريطانيا، تعمل الشحن في حدود مستويات ما قبل الوباء مع نقل سلع حيوية مثل المعدات الوقائية التي تحتاج إليها المستشفيات.
وقالت ماغي سيمبسون المديرة العامة لمجموعة «ريل فريت» التجارية إن قطارات الشحن تأثرت «أقل من قطاع قطارات الركاب»، مضيفة أن قطاع الصناعات البيتروكيميائية ما زال «متقلباً بعض الشيء»، وأوضحت: «لم يعد الطلب على النفط العالمي كما كان في السابق. عاد قليلاً إلى ما كان عليه، لكننا لا ننقل كثيراً من وقود الطائرات على سبيل المثال».
وأشارت سيمبسون إلى أنه مع أول إغلاق في المملكة المتحدة في أواخر مارس، انخفضت نسبة عمليات الشحن بالقطارات في بريطانيا «إلى حد كبير بين عشية وضحاها إلى نحو 50 في المائة». وقال غراهام: «لكن كان هناك تعافٍ يمكنه الصمود».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.