فضائح التحرش تضرب الأوساط الأدبية في تركيا وتنال من كتّاب بارزين

أحدهم انتحر خجلاً لينفتح الباب أمام شهادات علنية للضحايا

رجل على ضفاف بحر مرمرة في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
رجل على ضفاف بحر مرمرة في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
TT

فضائح التحرش تضرب الأوساط الأدبية في تركيا وتنال من كتّاب بارزين

رجل على ضفاف بحر مرمرة في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
رجل على ضفاف بحر مرمرة في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)

تسببت حملة نسائية على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا عن مزاعم حول وقائع اعتداءات وتحرشٍ أبطالُها عددٌ من الأدباء والكتاب البارزين، في هزّة عنيفة في الأوساط الأدبية في البلاد وأعادت التذكير بمحاولات سابقة للكشف عنها باءت بالفشل بسبب ما يتمتع به المتورطون فيها من شهرة حالت دون خضوعهم لسلطة القانون.
واستقطبت الحملة اهتماماً واسعاً من جانب وسائل الإعلام التركية بعد أن اتخذت أبعاداً مأساوية بانتحار الكاتب البارز إبراهيم تشولاك (51 عاماً) في 10 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بعد الكشف عن رسائل تنطوي على عبارات جنسية وكلام فاحش أرسلها إلى نساء أصغر سناً.
وانطلقت الحملة ضد الأدباء المشهورين برسائل مجهولة المصدر نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي بوسم: «لا تصمت ضد التحرش»، سرعان ما اتسع نطاقها، مع استقطاب شخصيات معروفة وتشجيع النساء على كسر حاجز الصمت للتبليغ عن ممارسات أدباء يظنّون أن شهرتهم كفيلة بحمايتهم من المساءلة.
وبدأت الحملة بتغريدة في 7 ديسمبر الجاري، عن طريق سيدة استخدمت اسماً مستعاراً هو «ليلى سالينغر» نشرت مقطعاً مصوراً للأديب حسن علي طوبطاش (62 عاماً) الملقب في الأوساط الأدبية بـ«فرانز كافكا الشرق» مرفقاً بتعليق مفاده «كم منّا بانتظار الإبلاغ عن هذا الرجل؟».
وفتحت الرسالة الباب أمام نحو 20 امرأة للحديث عن تحرش طوبطاش بهن، تحت وسم «وأنا أيضاً»، كما فتحت الباب أمام شهادات على وقائع تحرش طالت كتّاباً آخرين، حسب تقرير نشره أمس (الثلاثاء) موقع «تي آر تي ورلد» التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية في تركيا.
ونتيجة لهذه الحملة، أقدم إبراهيم تشولاك، أحد الكتّاب الذين نُسبت إليهم أفعال من هذا القبيل، على الانتحار في أنقرة بعد نشره رسالة اعتذار لعائلته وأصدقائه على «تويتر» أعرب فيها عن ندمه وطلب منهم الصفح، قائلاً: «لم أكن مستعداً لنهاية كهذه... كنت أريد أن أكون رجلاً صالحاً، لكنني أخفقت في مرادي... لم أعد أستطيع النظر في أعين زوجتي وأولادي وأصدقائي».
وحسب وسائل إعلام تركية، كان تشولاك قد بعث برسائل تحوي عبارات فاحشة إلى ليلى ستالينغر التي أطلقت شرارة هذه الحملة. وقد أُغلق حسابها على «تويتر» بعد حادثة انتحار تشولاك.
لكنّ هذه الواقعة شجّعت النساء من ضحايا التحرش على الخروج علناً ليتحدثن عمّا تعرضن له. وروت الكاتبة بيلين بوزلوك تجربتها الخاصة مع طوبطاش عبر صحيفة «حرييت» التركية، قائلة: «تراودني ذكريات مروعة». وكشفت كيف اضطرت لحبس نفسها في المرحاض في منزل طوبطاش وإقفال بابه عندما حاول الاعتداء عليها جنسياً عام 2011. وأضافت أن الكاتب طوبطاش سألها بعدما صدّت مغازلته لها: «لماذا إذن ارتديتِ هذا الفستان؟»، ملمّحاً إلى أنها تستحقّ ما يحصل لها.
واختار طوبطاش صب الزيت على النار، بدلاً من تهدئة النقاش المشتعل حول الفضيحة، فخرج ببيان قدّم فيه اعتذاراً لكلّ من أساء إليهن بـ«تصرّفات غير رشيدة» عزاها إلى عقليته «الذكورية»، رافضاً تحمل مسؤولية أفعاله.
ورأت بوزلوك أن هذا «ليس اعتذاراً نابعاً من شخص يأسف فعلاً على ما قام به». لكن طوبطاش نفى روايتها لاحقاً، مؤكّدا في تصريحات لصحيفة «ميلييت» أن «شيئاً من هذا القبيل لم يحصل بتاتاً». لكن الصحيفة نشرت في اليوم ذاته شهادات خمس نساء اتهمنه بالتحرش بهن، ما دفع دار نشر «إيفرست» لوقف تعاونها معه. كما سحبت مؤسسات عدة الجوائز التي كانت قد منحته إياها سابقاً.
شجاعة بوزلوك شجّعت كاتبة أخرى هي أصلي توهومجو، لتعلن أن الأديب بورا عبده تحرش بها، وحاول عبده دحض هذه التهم، لكنّ دار نشر «اليتيشيم» التي تتعاون معه قطعت علاقتها به.
وفي أعقاب سلسلة الفضائح التي تكشّفت في وقت قصير، أُنشئ عنوان بريد إلكتروني لتشجيع النساء اللواتي وقعن ضحايا التحرّش على مشاركة قصصهن. وكانت بلاغات من هذا القبيل قد استهدفت في الماضي القريب الأوساط الأدبية التركية، لكنها مرّت بلا حساب.
وأُعيد أخيراً، تداول مقال طويل حول هذا الموضوع نُشر في عام 2018 عن الفساد في أوساط الأدب ودور النشر في تركيا، مرّ عابراً، ليلقى الصدى المرجوّ هذه المرة، كانت الكاتبة نازلي كارابيك أوغلو قد نشرته عبر أحد المواقع الإلكترونية بعنوان: «التحرش الجنسي والاضطهاد في قطاع النشر في تركيا».
وفي حين اهتزت سمعة بعض الأدباء ذائعي الصيت، لم يؤدِّ أيٌّ من الادعاءات إلى توجيه اتهامات جنائية، بينما تسببت قصص مماثلة طاردت مسؤولين في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم في ادعاءات تتعلق بوقائع تحرش واغتصاب، أدت إلى استقالتهم من الحزب لتفويت الفرصة على النيل من شعبيته باستغلال قضاياهم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».