الأدوية هدايا المغتربين لذويهم في لبنان

بسبب فقدانها من الأسواق المحلية

TT

الأدوية هدايا المغتربين لذويهم في لبنان

منذ أشهر ولبنان يعاني من أزمة شحّ في توافر الدواء تصل إلى حدّ الانقطاع الكلي في بعض الأحيان ولمدة طويلة، الأمر الذي دفع المواطنين إلى البحث عن طرق بديلة تؤمن لهم حاجتهم من الدواء، وعمادها الأساسي المغتربون الذين باتوا يحملون الدواء معهم إلى لبنان بدلاً من الهدايا.
غادة هي واحدة من هؤلاء اللبنانيين تعمد منذ فترة إلى التواصل مع أقارب وأصدقاء لها في أوروبا لتأمين أدوية والدتها التي تعاني من أمراض في الغدة والضغط وإرسالها مع أي شخص قادم إلى لبنان.
«ما أن يسألني أحد من أقاربي المغتربين عن هدية يحضرها معه حتى أجيبه ومن دون تفكير: «دواء». تتحدث غادة لـ«الشرق الأوسط» عن قلق يلازم والدتها خوفاً من عدم قدرتها على تأمين الدواء، ما جعلها في حال بحث دائم في الصيدليات.
وتوضح غادة أنّ الأدوية ليست مفقودة بشكل كامل، فهي تنقطع بين الفترة والأخرى ومن ثمّ تتوافر بكميات محدودة، ما يجعل عملية الحصول عليها تتطلب جولة على عدد من الصيدليات.
ما تقوم به غادة بشكل فردي تحوّل إلى عمل شبه منظم عبر شبكات وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي تعرض حاجة لبنانيين لأدوية مفقودة في الأسواق المحليّة وتطلب من مغتربين لبنانيين تأمينها من الخارج من دون أي تكلفة إضافية على سعرها الذي يكون في الكثير من الأحيان أكثر من سعره في السوق اللبنانيّة، لأنه يسعّر بالدولار أو اليورو في وقت يعاني فيه لبنان من شح في العملات الأجنبية وارتفاع في سعر الدولار في السوق السوداء.
وأمام هذا الواقع ارتأى عدد من اللبنانيين المغتربين أن يسهّلوا الموضوع كما فعلت داليا عبيد (متخصصة في الصحة العامة) وأحمد عيساوي (صيدلي) المقيمان في فرنسا، فمنذ شهر يونيو (حزيران) الماضي يعملان مع مجموعة من الأشخاص على تأمين أدوية مفقودة لمرضى لبنانيين، وذلك عبر التواصل معهم من خلال شبكة علاقات واسعة على تطبيق «واتساب» أو حتى عبر الـ«فيسبوك». تقوم هذه المجموعة بتأمين الأدوية وتجميعها ومن ثمّ إرسالها مع أشخاص متجهين لزيارة لبنان فيأتي المريض ويستلم دواءه من الشخص القادم من فرنسا إما في المطار أو من بيته كما توضح عبيد في حديث مع «الشرق الأوسط».
عمل هذا الفريق وصل أيضاً إلى الأطباء في لبنان، إذ تشير عبيد إلى إرسال أدوية إلى أطباء في مستشفيات خاصة لتأمينها لمرضاهم ولا سيما أدوية أمراض الأعصاب. وتوضح أنّ تأمين الدواء من فرنسا وإرساله إلى لبنان ليس بالعمل السهل فهناك عملية بحث عن الدواء أو عن الجنريك (البديل عنه) ومن ثمّ تأكّد المريض في لبنان وعبر طبيبه أنّه يمكنه تناول هذا الدواء، فضلاً عن بعض العقبات التي قد يواجهها حامل الأدوية من فرنسا إلى لبنان في مطار بيروت، ففي بعض الأحيان يتعرض للمساءلة عن سبب إحضار الدواء ووجهته.
وفي هذا الصدد، توضح عبيد أنّ هناك 6 صناديق أدوية مرسلة عبرهم من جمعية فرنسية إلى جمعية لبنانية لا تزال عالقة في المطار منذ 3 أشهر مع العلم بأنّ مصدرها ووجهتها واضحتان من خلال المستندات.
عمل هذه المجموعة لا يقتصر فقط على تأمين الأدوية المفقودة بل أيضاً يصل إلى مساعدة مرضى لبنانيين غير قادرين على شراء الدواء، إذ قامت المجموعة في السابق بعدد من الأنشطة بهدف تأمين المال لمساعدة هؤلاء، فضلاً عن تلقي تبرعات، وفي السياق نفسه، تعمل المجموعة على إعادة تدوير الدواء، إذ تجمع بعض الأدوية التي لا تزال صالحة للاستعمال ولكنّ أصحابها لم يعودوا بحاجة إليها وتقوم بإرسالها إلى أناس يحتاجونها في لبنان بشكل مجاني.
تؤمن هذه المجموعة شهرياً حاجات ما بين 20 و25 مريضاً لبنانياً لا يستطيعون تأمين الدواء بسبب عدم توافره في السوق اللبنانية، من دون تكلفة إضافية، وبشكل مجاني لأكثر من 8 عائلات تعاني من مشاكل اقتصادية، حسب ما يوضح عيساوي لـ«الشرق الأوسط» مشيراً إلى أنّ تأمين المال لمساعدة العائلات غير القادرة على دفع ثمن الدواء بات صعباً إذ مع الإجراءات التي فرضتها «كورونا» في فرنسا بات من غير الممكن إقامة نشاطات تهدف إلى جمع الأموال.
أما عن الأدوية الأكثر طلباً كونها مفقودة في لبنان، يوضح عيساوي أنها أدوية الضغط بشكل أساسي، وأدوية أمراض السكري، وأمراض المعدة وسيلان الدم، فضلاً عن أدوية السرطان وتحديداً سرطان الثدي.
إلى ذلك، عمد عدد من اللبنانيين إلى تأمين الدواء المفقود في السوق المحلية من سوريا، إذ يقومون بالطلب من أشخاص يترددون إلى دمشق أو حتى من سائقين عاملين على خط سوريا - لبنان إحضار بدائل الأدوية المفقودة (جنريك) التي غالبا ما تكون أرخص.
الأزمة ممتدّة
يؤكّد نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين أنّ لا أزمة جديدة في موضوع الدواء وأنّ الوضع حاليا أفضل منه منذ الأشهر الماضية، لافتا في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ هناك شحا في بعض الأدوية كأدوية الغدة والأمراض المزمنة والأعصاب، وذلك لأنّ الوكيل قنّن الكميات التي كان يعطيها للصيدليات، وبالتالي قامت الصيدليات بدورها بتقنين الدواء عبر بيعه إلى زبائنها فقط.
ويوضح الأمين أنّ هذا التقنين يهدف إلى الحدّ من عملية التخزين التي يقوم بها اللبنانيون، فضلاً عن منع المتاجرة بالدواء وتهريبه. ويلفت إلى أنّ أسباب أزمة الدواء هي ذاتها أي تراجع الاستيراد بسبب تأخّر موافقة مصرف لبنان على الاعتمادات ومشكلة شحّ الدولار، وإقبال المواطنين في الأشهر الماضية على تخزين الدواء خوفاً من رفع الدعم عنه وبالتالي ارتفاع سعره، فضلاً عن التهريب الذي نشط كون سعر الدواء في لبنان الذي يباع بالليرة اللبنانية أصبح الأرخص في المنطقة بعدما فقدت الليرة الكثير من قيمتها مقابل الدولار.



«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.