جريمة تهزّ منطقة عاليه... وتحذيرات من الفلتان الأمني

اغتيل بمسدس كاتم للصوت أمام طفلتيه والجناة استولوا على هاتفه الجوال

كاميرا مراقبة توثق لحظة الاغتيال (الوكالة المركزية)
كاميرا مراقبة توثق لحظة الاغتيال (الوكالة المركزية)
TT

جريمة تهزّ منطقة عاليه... وتحذيرات من الفلتان الأمني

كاميرا مراقبة توثق لحظة الاغتيال (الوكالة المركزية)
كاميرا مراقبة توثق لحظة الاغتيال (الوكالة المركزية)

في مشهد يؤكد التفلت الأمني الذي يعيش فيه لبنان في الفترة الأخيرة، قتل شاب في منطقة الكحالة، في قضاء عاليه، صباح أمس (الثلاثاء) بواسطة مسدس كاتم للصوت أمام منزله وعلى مقربة من طفلتيه.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن «المواطن (ج. ج. ب). قُتل بإطلاق النار عليه صباحاً على يد مسلحين مجهولين يستقلان دراجة نارية، فيما كان يوصل ابنتيه إلى المدرسة، فأصيب بطلقات عدة نقل على أثرها إلى المستشفى، لكنه ما لبث أن فارق الحياة». ولفتت إلى أن «المسلحين فرا إلى جهة مجهولة، في حين حضرت عناصر من الأجهزة الأمنية إلى المكان وباشرت التحقيق بالحادث».
وفيما لم تعلن أي معلومات أمنية رسمية عن الجريمة، قال رئيس بلدية الكحالة جان بجاني في أحاديث تلفزيونية، إن «المغدور جوزيف بجاني الذي يبلغ 36 عاماً من العمر، موظف في شركة ألفا للاتصالات ويعمل مصوّرا وكان متطوعا في قسم التصوير في قيادة الجيش».
ونفت مصادر عسكرية لبنانية أن يكون المغدور متعاقداً مع الجيش بصفة مصور، فيما قالت مصادر أخرى إن النيابة العامة حولت التحقيق إلى شعبة المعلومات التي بدأت بتحليل «داتا» الاتصالات ومحتوى كاميرات المراقبة في المكان.
وأفادت معلومات «الشرق الأوسط» بأن الكاميرا القريبة من نزل الضحية صورت عملية الاغتيال التي نفذها شخصان يضعان كمامتين متشابهتين، فيما يعتمر أحدهما خوذة حماية يرتديها سائقو الدرجات. وتظهر الكاميرا عملية إطلاق النار التي حصلت بمسدسات كاتمة للصوت، ثم ذهاب أحد الجانيين إلى المقعد المجاور للسائق لفترة فيما بدا أنه مسعى منه للتأكد من وفاة الضحية، وسحب هاتفه الشخصي الذي لا يزال مفقوداً.
ولاقت الجريمة رفضاً واسعاً في الكحالة حيث أقفلت الطريق احتجاجاً وصدرت مواقف مستنكرة من قبل عدد من النواب والأحزاب.
وقطع أهالي الكحالة الطريق الدولية (طريق الشام) في الاتجاهين لبعض الوقت، مطالبين بكشف ملابسات الجريمة سريعاً، ومؤكّدين أنّهم لن يسكتوا عما حصل.
وخلال التحرك الاحتجاجي، قال رئيس بلدية الكحالة إن «البلدة استفاقت على جريمة بشعة نفذها أشخاص بطريقة محترفة السابعة صباحاً حيث قتلوا جوزيف في سيارته بإطلاق 3 أو 4 رصاصات عليه»، مؤكداً أن «المغدور معروف بسيرته وصيته الحسن وهو غير حزبي ولا أعداء لديه». واعتبر أن «وراء هذه الجريمة قصة كبيرة»، داعيا إلى «كشف الحقيقة في أسرع وقت ممكن»، ومهدداً بـ«التصعيد».
واستنكر رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل الجريمة، وقال عبر «تويتر»: «تحولون البلد إلى دولة تمارس فيها كل أنواع الارتكابات الميليشياوية والمافياوية التي تسري في الدول المارقة. المطلوب الكشف فوراً عن منفذي الجريمة بحق بجاني ومحاكمتهم. فاللبنانيون يرفضون استمرار إفلات أي كان من العقاب بعد كل المصائب التي مروا بها».
كذلك كتب النائب المستقيل ميشال معوض على حسابه على «تويتر»، إن «جريمة اغتيال المواطن جو بجاني بدم بارد أمام منزله اليوم، كما جريمة اغتيال المقدم (المتقاعد في الجمارك) منير أبو رجيلي في سريره في قرطبا (قبل أسابيع)، تنذران بعواقب وخيمة وتهددان أمن كل مواطن»، مؤكداً أن «على الأجهزة الأمنية والقضائية، كما كل مسؤول، المسارعة إلى كشف الفاعلين وخلفياتهم وإنزال أشد العقوبات في حقهم تفادياً للعودة إلى منطق الأمن الذاتي وهذا يعني الانحلال الكامل لما تبقى من الدولة».
بدوره، أدان الحزب التقدمي الاشتراكي الجريمة وحضّ في بيان له الأجهزة الأمنية المعنية إلى إجراء التحقيقات السريعة لكشف ملابسات ما حصل وسوق المجرمين إلى القضاء وإنزال أشد العقوبات بهم. وإذ عبّر الحزب عن قلقه البالغ من تتالي مثل هذه الحوادث وما تحمله من مؤشرات خطرة، أهاب بالأجهزة الأمنية تكثيف جهودها حفاظاً على الأمن والأمان والاستقرار الداخلي، وجدد التأكيد على مرجعية الدولة في كل الظروف، وضرورة الاحتكام الدائم إلى القانون الذي وحده ينصف الجميع ويحقق العدالة تحت سقف دولة المؤسسات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».