«الماموث» يبدد انقسامات الكونغرس

انتقادات لترمب بسبب عدم انخراطه في المفاوضات

بيلوسي تعود إلى مكتبها بعد اتفاق الكونغرس على خطة الإنعاش الاقتصادي أمس (رويترز)
بيلوسي تعود إلى مكتبها بعد اتفاق الكونغرس على خطة الإنعاش الاقتصادي أمس (رويترز)
TT

«الماموث» يبدد انقسامات الكونغرس

بيلوسي تعود إلى مكتبها بعد اتفاق الكونغرس على خطة الإنعاش الاقتصادي أمس (رويترز)
بيلوسي تعود إلى مكتبها بعد اتفاق الكونغرس على خطة الإنعاش الاقتصادي أمس (رويترز)

بعد طول انتظار، انتهت عمليات الشد والجذب السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، واتفق الطرفان على مشروع يتضمن انعاشاً اقتصادياً ضخماً مرفقاً بتمويل المرافق الفيدرالية لعام 2021. ويؤمن هذا المشروع الذي أطلق عليه اسم «مشروع الماموث» نظراً لضخامته، المساعدات المالية للأفراد والشركات الصغيرة والمدارس وغيرها من المؤسسات التي عانت في ظل انتشار فيروس «كورونا»، إضافة إلى تحسين أساليب توزيع اللقاحات وتسهيل وصولها إلى الأميركيين.
ووافق المشرعون بعد جدالات طويلة ومرهقة على تقديم 600 دولار من المساعدات لكل أميركي لا يتخطى دخله 75 ألف دولار سنوياً، ليثير هذا الرقم غضب الكثيرين الذين اعتبروه ضئيلاً للغاية للتصدي للأزمة الاقتصادية والمعيشية الحالية التي يعيشها الأميركيون، خصوصاً أن هذا المبلغ أتى ضمن المشروع الذي بلغت قيمته 900 مليار دولار للإنعاش وتريليون ونصف التريليون دولار تقريباً للتمويل الحكومي.
لكن الأميركيين يعلمون في الوقت نفسه أن التوصل إلى اتفاق بحد ذاته في هذه الأجواء السياسية المحمومة في الولايات المتحدة هو بمثابة معجزة سياسية، فقد انعكست هذه الأجواء بحدة على سير المفاوضات التي استغرقت أشهراً طويلة، وواجهت عراقيل حتى اللحظة الأخيرة.
وخير دليل على ذلك، اضطرار الكونغرس لتمرير مشاريع قوانين متتالية للحؤول دون إغلاق المرافق الفيدرالية أبوابها بسبب فشل المشرعين مراراً وتكراراً في التوصل إلى اتفاق للتمويل على مدى عام، فعمدوا إلى تمرير مشاريع تمول المرافق الحكومية ليومين، ثم لأربع وعشرين ساعة تنتهي منتصف ليل الاثنين.
ويعلم المشرعون والبيت الأبيض أن أي إغلاق حكومي جديد تواجهه البلاد سيشكل إحراجاً كبيراً لهم في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد، ولهذا حرصوا على تخطي خلافاتهم في هذا الشأن للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين قدر المستطاع.
ولعلّ أكثر تحدٍ واجه المفاوضات هو غياب أي دفع فعلي من قبل الرئيس دونالد ترمب لحث الأطراف على تخطي الخلافات والتوصل إلى اتفاق سريع، وتذمرت القيادات الجمهورية من انهماك ترمب بتحدي نتائج الانتخابات بدلاً من التركيز على المواضيع الاقتصادية والحياتية التي تواجهها البلاد حالياً. وقال السيناتور الجمهوري ميت رومني: «ما يجري محزن فعلاً، فبدلاً من أن يركز الرئيس ترمب على موضوع اللقاح ويروج له ولغيره من القضايا المهمة حالياً، فهو سيغادر واشنطن تاركاً وراءه مجموعة من نظريات المؤامرة والمواقف التي تجعل الكثيرين يتساءلون: ما خطب هذا الرجل؟».
وبالفعل فإن الذي قاد المفاوضات نيابة عن ترمب، كان وزير خزانته ستيف منوشن الذي عمل جاهداً لرأب الصدع في اختلافات الطرفين. وقد تسلم منوشن ملف المفاوضات منذ فترة بسبب القطيعة بين ترمب من جهة ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي من جهة أخرى، إذ يرفض الطرفان الحديث مع بعضهما، الأمر الذي يجعل عقد أي مفاوضات مباشرة بينهما مستحيلاً من دون وسيط. وقد بدت هذه المشاكل واضحة حتى بعد التوصل إلى اتفاق، إذ ترددت تساؤلات حول ما إذا كان ترمب سيوقع على نسخة الاتفاق النهائية، أم لا. فجل ما غرد به الرئيس هو اقتباس لتصريحات أحد مقدمي برامج شبكة «فوكس نيوز» الذي قال: «يعود الفضل للرئيس في إرسال الشيكات للأميركيين ضمن مشروع الإنعاش».
وسرعان ما اغتنمت بيلوسي الفرصة للرد، فقالت في خطاب لها بمجلس النواب: «على الأرجح أن يطلب الرئيس ترمب كتابة اسمه على الشيك الذي سيرسل إلى الأميركيين، لكن اسم الشعب الأميركي سيكون على ذلك الشيك».
تصريحات تدل على التجاذب الواضح، وقد تمكن قادة الحزبين من تخطيها بعد مفاوضات حثيثة. وقد اعترف زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر بأن الاتفاق النهائي غير كامل، فقال: «هذا الاتفاق ليس مثالياً، لكنه سيؤمن المساعدات الطارئة لأمة تعيش في وضع استثنائي». وتعهّد شومر بتمرير مشاريع إنعاش اخرى بعد تسلم الرئيس المنتخب للسلطة في العشرين من يناير (كانون الثاني): «لا يمكن أن يشكل هذا المشروع الكلمة الأخيرة للكونغرس. سوف نقوم بالمزيد في العام المقبل مع الإدارة الجديدة التي تحبذ إعطاء الشعب الأميركي المساعدة التي يحتاج إليها».
وكان الديمقراطيون اتهموا الجمهوريين خلال سير المفاوضات بمحاولة تقييد يدي بايدن في الإدارة المقبلة من خلال الحؤول دون السماح للاحتياطي الفيدرالي بتقديم قروض طارئة للشركات، لكن الطرفين توصلا إلى تسوية بهذا الشأن تضع قيوداً على برامج الإقراض الطارئة من دون إلغائها كلياً.
ويشمل الاتفاق مبلغ 1.3 مليار دولار لبناء الحائط مع المكسيك الذي سعى ترمب جاهداً لإقراره. وهذه نقطة خلافية سعى الديمقراطيون إلى تقديم تنازلات بشأنها لضمان توقيع ترمب على المشروع.
وقد أدى هذا الصراع على تمويل الحائط إلى أطول فترة إغلاق حكومي تشهده البلاد في عام 2018، وعلى الرغم من أن ترمب طلب ملياري دولار لبناء الحائط ضمن موازنة العام المقبل، فإنه على الأرجح أن يحظى المبلغ النهائي الذي توصل إليه الطرفان على دعمه.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».