«فضيحة النفايات الإيطالية» تطيح وزير البيئة التونسي

توقيف 21 متهماً في ملف يتوقع أن يؤدي لاعتقال «رؤوس كبيرة»

TT

«فضيحة النفايات الإيطالية» تطيح وزير البيئة التونسي

كشف جابر الغنيمي، المتحدث باسم محكمة مدينة سوسة التونسية (وسط شرقي)، توقيف السلطات لـ21 متهماً، من بينهم مصطفى العروي وزير الشؤون المحلية والبيئة الذي أقيل من منصبه في ما بات يعرف في تونس بـ«فضيحة استيراد النفايات من إيطاليا»، وأكد أن من بين الموقوفين أيضاً مدير الديوان، وأربعة موظفين من الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات (حكومية)، من بينهم المدير العام السابق لهذه الوكالة، وبعض المديرين في وكالة حماية المحيط، وملازم في الجمارك، إضافة إلى صاحب مختبر تحاليل، مع تفتيش متعلقات وزير البيئة السابق، وقنصل تونس في مدينة نابولي الإيطالية، وصاحب المؤسسة التي قامت بعملية استيراد النفايات.
ومثل أمام المحققين، أمس، 10 متهمين على صلة بالقضية، من بينهم شكري بلحسن وزير البيئة السابق، والمدير العام الحالي للوكالة الوطنية لحماية المحيط، وكذلك مدير عام مقال في الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، وعميد في الجمارك، ومهندس أول في الوكالة الوطنية لحماية المحيط، علاوة على قنصل تونس بمدينة ميلانو الإيطالية.
وكان العروي قد أكد، في جلسة مساءلة أمام البرلمان، أن تونس «تعمل على إعادة حاويات النفايات إلى إيطاليا، وفق الاتفاقية التي تجمع البلدين»، لافتاً إلى أنه تم إعلام السلطات الإيطالية بوجود «تجارة غير شرعية»، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أكد بدر الدين القمودي، رئيس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بالبرلمان، توقيف عدد من القيادات في إدارة الجمارك، بالإضافة إلى مسؤولين في وزارة البيئة. وأوضح أن عمليات التوقيف في هذا الملف «ستتواصل، بعد أن تشمل الأبحاث القضائية مسؤولين آخرين على علاقة بالملف»، وبعض «الرؤوس الكبيرة»، مشيداً بالحرفية العالية للنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بسوسة، والفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة (العاصمة)، في التعاطي مع هذا الملف.
وتأتي إقالة وزير الشؤون المحلية والبيئة عقب جدل كبير أثاره ملف استيراد شحنات من النفايات الإيطالية، تم حجزها من قبل مصالح الجمارك بعد تحركات من قبل منظمات مدنية، واتهامات بقبول نفايات إيطالية خطيرة غير قابلة للتدوير؛ وهي الاتهامات التي أدت إلى فتح تحقيق برلماني حول النفايات المستوردة بطرق غير قانونية، بنية دفنها في تونس.
واتهمت مصالح الجمارك وزارة الشؤون المحلية والبيئة بالوقوف وراء استيراد شحنة النفايات من إيطاليا، وأكدت أنها هي التي «أعطت الإذن بإدخال هذه النفايات إلى تونس»، وهو ما يفسر عدد الاتهامات الموجهة إلى كبار المسؤولين الذين تداولوا على مختلف الهياكل التابعة لهذه الوزارة.
وكانت هيئة الرقابة العامة قد قدمت، في 14 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تقريرها بخصوص ملف النفايات الإيطالية إلى لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد البرلمانية، وهو التقرير الذي كشف عن عدد من الاختلالات التي تستوجب إحالتها إلى القضاء لإجراء تحقيق معمق، وتحديد المسؤوليات.
وقدم التقرير كذلك عدة توصيات حتى لا تتكرر مثل هذه العمليات، موضحاً أن الشركة الموردة لم تلتزم بالاتفاقية التي صادقت عليها تونس سنة 1995، إذ تعهدت بتدوير النفايات المنزلية، في حين أن التجربة لم تنطلق بعد في تونس، مشيراً إلى أن الشركة أبرمت اتفاقية مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات «بنية مبيتة»، لتقوم بردم النفايات بمصب في مدينة سوسة (وسط شرقي). كما اتهم الوكالة الوطنية لحماية المحيط (حكومية) بالتواطؤ في عملية جلب النفايات الإيطالية، وإدخالها إلى الموانئ التونسية، لأنها لم تبد اعتراضها على الدراسات المعروضة عليها، وهو ما يبين «المعاملة التفضيلية» التي حظيت بها الشركة التي تعاملت مباشرة مع بعض أطر الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات «دون اتباع الإجراءات الإدارية الرسمية».
يذكر أن السلطات التونسية فتحت مجموعة من التحقيقات بخصوص ملفات فساد، أبرزها ملف «سوء التصرف» الذي تورط فيه إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة السابق، وصالح بن يوسف وزير الصناعة في حكومة الفخفاخ، والنائب البرلماني جلال الزياني. كما فتح القضاء «ملف القمح الفاسد» المستورد من الخارج، إثر توقيف موظفين اثنين تابعين لوزارة الصحة بسبب عدم إجرائهما التحاليل الضرورية على شحنة قمح مستورد قبل نقلها خارج الميناء للاستهلاك.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.