3 تشكيليين مصريين يعزفون «اتجاهات» فنية متداخلة دون نشاز

35 لوحة تعكس ملامح شعبية وحالات نفسية متنوعة

من أعمال الفنان حسني أبو بكر
من أعمال الفنان حسني أبو بكر
TT

3 تشكيليين مصريين يعزفون «اتجاهات» فنية متداخلة دون نشاز

من أعمال الفنان حسني أبو بكر
من أعمال الفنان حسني أبو بكر

بثلاثة اتّجاهات تشكيليّة متنوّعة، تجعل المتلقّي يرى الحياة من حوله بثلاث زوايا مختلفة، يأتي المعرض الفني «اتجاهات»، جامعاً بين عدّة أساليب فنيّة، تتراوح بين التجريدي والتعبيري والواقعي، مقدّماً وجبة دسمة على مائدة المشهد التشكيلي المصري، تلبّي ذائقة المشاهد، من دون إحداث تداخل أو «شوشرة» تخل بالعرض.
يضم المعرض، الذي ينظّمه غاليري «الكحيلة» في القاهرة، ويستمر حتى 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، 35 لوحة، يستحوذ على نصيب الأسد منها الفنان حسني أبو بكر، وتقتسم باقي الأعمال الفنانتان دينا محمود ومايا شافع، إلا أن وراء كل منهم نجد رؤية ورسالة، وذوقاً وحساً فنياً، يكمل بعضه بعضاً، بما ينمّ عن مساحات من العمق والتنوع الإبداعي.
تقول منسقة المعرض، هبة متولي، لـ«الشرق الأوسط»: «يجمع المعرض بين ثلاثة فنانين يمثلون ثلاثة اتجاهات فنّية، فكل منهم يسير في اتجاه غير الآخر، ولكل واحد منهم بصمته وفكره وأسلوبه، إلّا أنّ الجمع بينهم في مكان واحد يخلق حالة من الحوار الفني الذي يميزه التكامل، وتلبية الرغبات وتوسيع ذائقة محبي الفن التشكيلي، وفتحها على مدارس متعددة، الأمر الذي ينعكس بإيجابية على إثراء الحركة الفنية في مصر».
وتتابع: «رغم التداخل بين المدارس، واختلاف النمط والأسلوب والطريقة والألوان، فإن لوحات الفنانين الثلاث تُسلم بعضها بعضاً، حيث تقدّم الأعمال في نغمة واحدة دون نشاز، لتكون المحصلة توليفة بين عبق الماضي والتجديد المعاصر، ففي أعمال الفنان حسني أبو بكر نجد صبغة الكاريكاتير الشعبي، وفي أعمال الفنانة مايا شافع نجد الخط التجريدي، بينما تعكس أعمال الفنانة دينا محمود الخط التعبيري».
بدوره، يقول الفنان حسني أبو بكر لـ«الشرق الأوسط»: «أؤمن أنّ كل فنان حقيقي يجب أن يكون لديه رسالة يؤديها نحو مجتمعه ووطنه، بمعنى أن تجمع أعماله بين الإمتاع التشكيلي مع تقديم رؤية ورسالة للمجتمع، وهذا ما نجده في أعمال رواد الفن التشكيلي، ومن واقع إيماني بدوري كفنان تشكيلي له رسالة نحو مجتمعه، ومن أجل استكمال مشروعي الفني الذي بدأت فيه منذ فترة لتوثيق الحياة المصرية بلوحاتي التشكيلية التي أستلهم موضوعاتها من الشارع المصري، تأتي أعمالي في معرض اتجاهات لأستكمل بها هذا المشروع، من أجل أن يكون هناك أرشيف فني بصري يحفظ الماضي ويرصد الحاضر». ويتابع: «أحاول أن أقدم أسلوباً بسيطاً يقترب من الجميع ويفهمه غير المتخصص والبسطاء، من أجل الحفاظ على الهوية والبصمة المصرية، لذا تعكس أعمالي طقوساً وسلوكيات كثير منها آخذ في الاندثار بفعل تطور الحياة المتلاحق والحداثة، أقدمها كفنان مصري يستند على حضارة عريقة وتراث زاخر إلى الأجيال القادمة، كي يشعروا دوماً أنهم يمتلكون إرثاً عريقاً في وطن متفرد ذي خصوصية، وهو ما يدفعهم للأمام».
في أعمال الفنان يمكننا أن نشاهد ملامح متعددة من الشارع والحارة المصرية، والمولد الشعبي، والمقهى، والبائع المتجول على الشاطئ، والمصطافين، والتحطيب، وطقوس شهر رمضان، وجميعها ملامح تتسم بالشعبية. يقول: «رسالتي أن يكون الفن التشكيلي غير متعالٍ، وبالتالي يصل للبسطاء، لذا أغوص دائماً في أعمالي في الشارع، حيث أجد فيه زخماً وعشوائية منظمة، لذا فالثيمة الأساسية في لوحاتي هو الشارع المصري، الذي أرى فيه خصوصية قلما تتكرر في أي دولة».
ويشير أبو بكر إلى أن التطرق للملمح الشعبي كثير من الفنانين لجأوا إليه، وهنا كانت الصعوبة في كيفية تقديم مشروعه الفني، وهو ما أخذ منه وقتاً طويلاً من الإعداد حتى يبعد تماماً عن أي تشابه أو تقليد في الشخوص أو الملامح.
أما الفنانة مايا شافع؛ فهي تلجأ إلى المدرسة التجريدية، حيث تتسم أعمالها بتناسق الألوان ومزجها ووضوح الخطوط المستخدمة، مما يُشعر المتلقي بتناغم اللوحة واتزان إيقاعها، كما تلجأ أحياناً إلى أن تدمج بعض الآيات القرآنية في اللوحة، التي قد ترى أو لا ترى للمشاهد، وتعتمد في أحيان أخرى على أسلوب «mixed media” (ميكسد ميديا)، الذي يعتمد على جمع الكثير من المواد معاً على سطح اللوحة، فهي تلجأ إلى ورق الذهب والفضة بجانب الألوان الأكريلك. لتقدم تشكيلات مختلفة.
وتأتي أعمال الفنانة دينا محمود منتمية إلى المدرسة التعبيرية، حيث تظهر الطائرة الورقية كبطلة في جميع لوحاتها بالمعرض، لتمثل بها حالات نفسية مختلفة، تتراوح بين الحزن والدموع والابتسامة والضحك والترقب، تتنقل بينها من لوحة إلى أخرى.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».