اتصالات حثيثة في إسرائيل لتجنب الانتخابات

TT

اتصالات حثيثة في إسرائيل لتجنب الانتخابات

تكثفت الاتصالات بين حزبي الليكود وكحول لفان في ربع الساعة الأخيرة من الموعد النهائي لحل الكنيست الإسرائيلي ليلة الثلاثاء - الأربعاء، في محاولة للتوصل إلى تسوية للأزمة السياسية، وتجنب انتخابات رابعة في إسرائيل في غضون عامين. وقالت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية إن ثمة اقتراحاً وسطاً على الطاولة، يتم بموجبه سن قانون يرجئ الموعد الأخير لإقرار الموازنة العامة إلى الـ15 من الشهر المقبل، على أن يتم في هذا الموعد تمرير موازنة العام المقبل أيضاً، لكن أياً من الحزبين لم يؤكد المعلومات، وسط تضارب في التقارير الأخرى.
وفي الوقت الذي ذكرت فيه «القناة 12» العبرية أن هناك حالة من التشاؤم تسود أوساط قيادات الحزبين لعدم وجود تقدم حقيقي لحل الخلافات بينهما، ذكرت مصادر سياسية لصحيفة «يسرائيل هيوم» أن هناك تقدماً في المفاوضات مع صعوبات. وقالت المصادر إن حزب كحول لفان استعد لتأجيل تمرير الميزانية، مقابل أن يكون هناك مخطط واضح يسمح بمنع الانتخابات، وينفذ من خلاله التناوب بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس على رئاسة الوزراء. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية أنها متفائلة تجاه إمكانية حل الأزمة من خلال تمرير الميزانية للعام الحالي والعام المقبل، وأن يكون هناك تنفيذ لمخطط التناوب في الوقت المناسب. والخلاف حول الميزانية العامة يشكل العقدة الأساسية أمام الاتفاق، إذ إنها مرتبطة كذلك بالتناوب. ويقول نتنياهو إن حزبه (الليكود) مستعد للمصادقة على ميزانية 2020 فقط، بينما يصر غانتس وحزبه (كحول لفان) على الموافقة على ميزانية 2021 لضمان التناوب على رئاسة الوزراء، وفقاً لاتفاق الائتلاف الموقع بين الحزبين في أبريل (نيسان) الماضي. وإذا تم اعتماد ميزانية عام 2021، فلن يكون لدى بنيامين نتنياهو أي وسيلة لتجنب اتفاق التناوب المخطط له، وسيتعين عليه التنازل عن منصبه لغانتس في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل.
وإضافة إلى الميزانية العامة، ثمة خلاف حول الحقائب الوزارية، إذ يريد الليكود أخذ حقيبة القضاء من كحول لفان، أو تنحية وزير القضاء آفي نيسنكورن أو تقليص صلاحياته. وتوجد أمام الطرفين مهلة حتى الثلاثاء، لأنه من دون الاتفاق فإن الكنيست سيحل نفسه تلقائياً ليلة الثلاثاء - الأربعاء، ما يعني الذهاب إلى انتخابات ستكون الرابعة في غضون عامين. وقالت مصادر في كحول لفان، أمس، إنه لا توجد فرصة لحدوث ما يطلبه الليكود بشأن وزير القضاء أو منع التناوب.
وأصدر حزب كحول لفان بياناً، نفى فيه وجود أي خلافات بين قياداته، على خلفية المفاوضات السرية مع الليكود، في محاولة للتوصل إلى حل بشأن الأزمة السياسية الحالية. وحمل البيان توقيع زعيم الحزب بيني غانتس، وغابي أشكنازي الرجل الثاني في الحزب، ووزير القضاء آفي نيسنكورن، وجاء فيه أن ما يُنشر «مجرد خطاب إعلامي كاذب لا يعبر عن سلوك ومواقف الحزب»، مضيفاً أن «الحروب الأهلية محجوزة لأطراف أخرى، نحن نعمل معاً لتحقيق مبادئ كحول لفان».
وأضاف البيان: «لن نتنازل عن مواقفنا بضرورة وجود حكومة فاعلة، مع الحفاظ على الديمقراطية وسيادة القانون، وضمان تمرير ميزانية الدولة التي ستهتم بقضيتي كورونا والوضع الاقتصادي. وأي تقرير أو تلاعب من قبل أصحاب المصلحة هو من وجهة نظر المراسل الذي يخرج مثل هذه التقارير؛ ويكفي أكاذيب».
وكان البيان يرد على تقارير إعلامية تحدثت عن تقدم في المفاوضات الجارية مع الليكود، مع خلافات داخل حزب كحول لفان، خصوصاً بين غانتس ووزير القضاء. وقالت التقارير إنه جرت مشادة بين نيسنكورن وغانتس الذي اتهمه بأنه «يهتم بمنصبه أكثر من اهتمامه بالحزب». وقالت «القناة 12» إن جهات في كحول لفان عبرت عن تخوفها من أن الوضع يهدد بانشقاق محتمل داخل الحزب، وأن نيسنكورن لا يزال يتمسك بموقفه الرافض لتقليص صلاحياته بصفته وزيراً للقضاء.
وتحدث غانتس مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مساء أمس، لكنه أيضاً التقى مع المسؤول السابق في الليكود غدعون ساعر الذي انشق عن الحزب، وأسس حزباً جديداً ليخوض من خلاله الانتخابات. ويسعى ساعر إلى منافسة نتنياهو على رئاسة الحكومة. ولم تتوفر تفاصيل حول مضمون الاجتماع بين غانتس وساعر، لكنها تصب في اتفاق محتمل من أجل تحالفات مستقبلية إذا ما تمت الانتخابات. وحسب استطلاعات الرأي، يحل حزب ساعر ثانياً بعد الليكود، إذا جرت انتخابات. ويتطلع ساعر وغانتس وآخرون إلى هزيمة نتنياهو الذي يواجه أيضاً مظاهرات ضده. ودعا متظاهرون، في وقت متأخر السبت، رئيس الوزراء بالتناوب بيني غانتس إلى الذهاب إلى انتخابات، وعدم الوصول إلى تسوية مع نتنياهو. وخرج بضعة آلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع للتظاهر ضد نتنياهو، مطالبين باستقالته، متهمين إياه بالتورط بالفساد، والفشل في التعامل مع جائحة فيروس كورونا. ورفع المتظاهرون لافتات تقول: «اذهب»، و«الجميع متساوون أمام القانون». كما حمل كثير منهم نماذج غواصات بلاستيكية منفوخة، في إشارة إلى شراء غواصات ألمانية بقيمة ملياري دولار يزعم منتقدو نتنياهو أنه متورط فيها. ويقول المتظاهرون إن نتنياهو يجب أن يستقيل بسبب تهم التورط بالفساد الموجهة إليه، قائلين إنه فقد ثقة الجمهور، ولا يمكنه إدارة البلاد بشكل سوي ف ظل تهم الاحتيال وخيانة الأمانة وقبول الرشى. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات في جميع التهم التي تدور حول سلسلة من الفضائح.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.