انقسام قضاة تونس حول الاستمرار في الإضراب

TT

انقسام قضاة تونس حول الاستمرار في الإضراب

أدى إبرام «جمعية القضاة التونسيين» اتفاقاً مع الطرف الحكومي يقضي بإنهاء الإضراب عن العمل الذي يشنه القضاة منذ يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى انقسام بين القضاة الذين يعملون في ظروف العمل نفسها وبالأجور نفسها، إذ أعلنت «نقابة القضاة التونسيين»، وهي هيكل نقابي ثانٍ إلى جانب جمعية القضاة، عن تعثر المفاوضات مجدداً مع الحكومة، ودعت إلى تمديد إضراب المحاكم، في «انتظار استجابة الحكومة لمطالب القضاة كافة»، على حد تعبيرها.
وأعلن أنس الحمادي، رئيس «جمعية القضاة التونسيين»، في مؤتمر صحافي، انتهاء أزمة القضاة، من خلال تعهد الحكومة كتابياً بالاستجابة إلى المحاور الأربعة التي تقرر الدخول في إضراب عام من أجلها، وبالتالي العودة للعمل بداية من اليوم (الاثنين).
وأكد الحمادي حصول تغيير كبير في السلطة القضائية، خاصة إثر القرار الذي اتخذه المجلس الأعلى للقضاء، المتعلق بتجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب. وعد الحمادي أن حكومة هشام المشيشي قد استجابت للطلبات الأساسية كافة التي رفعتها الجمعية منذ إعلانها عن الإضراب، وهي تتمثل خاصة في الحماية الصحية للقضاة وعائلاتهم، وتعقيم المحاكم، وإرساء بروتوكول صحي خاص بالمحاكم يراعي العمل القضائي، ويحمي أجنحة العدالة كافة.
وكشف عن تعهد الحكومة بتفعيل ما سماها «عدالة فاعلة ناجزة، ومحاكم ترتقي إلى مستوى المعايير الدولية»، إلى جانب اعترافها بتطبيق مبدأ الأمان المالي على القضاة، من خلال الاستجابة إلى تحسين الوضعية المادية للقضاة. وشدد الحمادي على أنه بمقتضى الاتفاقية الممضاة بين الجمعية والحكومة، تم بناء أرضية صلبة، سيتم من خلالها جعل السلطة القضائية ناجزة فعالة، على حد تعبيره.
وفي المقابل، أعلنت أميرة العمري، رئيسة نقابة القضاة التونسيين، رفضها للاتفاق الذي وقعته جمعية القضاة التونسيين مع الحكومة، قائلة خلال مؤتمر صحافي إن الاتفاق الممضى «لا يمثلهم، ويعد لاغياً»، وأعلنت الدخول من جديد في تحركات احتجاجية، من بينها الاستمرار في الإضراب، وإعلان «يوم غضب وطني»، على حد قولها.
ومن جهته، قال اتحاد قضاة محكمة المحاسبات إنه شارك مع نقابة القضاة التونسيين في صياغة مقترحات عملية وحلول نهائية تم تقديمها للحكومة لتجاوز الوضع داخل المحاكم. وعد أن الاجتماع الرسمي المستعجل الذي تم عقده مساء الخميس 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي مع مستشار الحكومة المكلف بالمفاوضات لتجاوز الأزمة التي تعيشها السلطة القضائية لم يستجب إلى المقترح القانوني العملي الذي تقدم به مع نقابة القضاة التونسيين لتجاوز الأزمة، وهو ما يعني انضمامه إلى صف نقابة القضاة التونسيين في مواصلتها الإضراب.
وعلى صعيد آخر، انتقدت عبير موسى، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، ما عدته هدماً لمكتسبات دولة الاستقلال والمؤسسات، وإهداراً للمال العام، وتدميراً للاقتصاد، وتخاذلاً من قبل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 عن تطبيق القانون ومكافحة الإرهاب، على حد تعبيرها.
وقالت موسى، في اجتماع عقدته بمدينة المنستير (وسط شرقي تونس)، إنها تطرح «مبادرة مجتمعية تقوم على التنوير، والانفتاح على التعددية والحوار، لإنقاذ تونس من الأزمة التي تتخبط فيها، والخروج بها من هذه المرحلة الصعبة، والوضع المتردي المزري الذي تمر به، للذهاب بها نحو بر الأمان»، كما تلتزم بالفصل بين السلطات الثلاث، وتحافظ على التوازن بينها، على حد قولها.
ودعت موسي إلى الانطلاق في إصلاحات تشريعية وهيكلية، وإيجاد إدارة عصرية قوية محايدة، منتقدة ضرب الإدارة التونسية بعد سنة 2011. وتابعت قائلة إن حزبها «يعمل على التصدي للتكفير، والانتهازية الظلامية، وتغذية النعرات والجهويات»، مشيرة إلى أن «الثقافة ستكون سلاح الحزب لتنوير العقول».
وأكدت موسي ضرورة الدفاع عن النظام الجمهوري في تونس، ومدنية الدولة التي تحتكم للقانون والمعاهدات الدولية، وتضمن الحريات «ولا تسمح لأي قوة سياسية بالتلاعب بالدين أو ضربه لتحقيق أهداف سياسية».
وأقرت بأن الحكومة التونسية الحالية مرهونة للبرلمان الذي يمارس آليات الرقابة عليها، وهو بذلك يكون صمام أمان، إلى جانب أجهزة القضاء المستقل والمحكمة الدستورية، لضمان الحريات واحترام حقوق الإنسان.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.