ابتكار سيسهم في تشخيص سرطان الجلد

علماء «كاوست» يطورون «العناقيد المعدنية النانوية» لتطبيقات بيولوجية مفيدة

TT

ابتكار سيسهم في تشخيص سرطان الجلد

توصل باحثون من مختبر المواد الهجينة الذكية (مختبر شمس لعلوم النانو) بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى أن العناقيد المعدنية النانوية التي تحمل ربيطات سطحية قابلة للضبط يمكن أن تساعد على تطوير الجيل التالي من أساليب التصوير والتحفيز الضوئي.
جدير بالذكر أن تقنية النانو تعد أحد حقول العلوم التطبيقية المتخصصة بدراسة المواد في المقياس بين 1 - 100 نانومتر، والتحكم فيها. وقد أدى التطور السريع لتقنية وعلوم النانو إلى تقدم وتطور تقنيات وصناعات أخرى، منها صناعات الأدوية والأنسجة والطلاء وغيرها. كما تُعَد تقنية النانو الطبية واحدة من التقنيات الطبية الحديثة التي تستخدم في التشخيص والعلاج والوقاية من عدة أمراض، وتعتمد ببساطة على استخدام مواد علاجية أو تشخيصية متناهية الصغر مصنعة بحجم النانو.
تطبيقات بيولوجية
ومن المتوقع أن يسهم بحث «كاوست» في تطبيقات بيولوجية مفيدة، لا سيما في التصوير النسيجي العميق دون فتح جراحي، وهو ما سيساعد على تشخيص بعض الأمراض، مثل سرطان الجلد وحالات العيوب الخلقية بالمخ.
وتتكون العناقيد النانوية من عدد صغير من الذرات التي تتكون من عنصر كيميائي واحد أو عناصر متعددة. وقد أظهرت العناقيد النانوية المعدنية -يبلغ حجمها أقل من اثنين نانومتر عادة- خصائص فيزيائية وكيميائية فريدة ذات فائدة في تطبيقات كثيرة، بداية من الحفز الكيميائي وأجهزة الاستشعار، وصولاً إلى التصوير وتوصيل العقاقير الدوائية.
وتتوقف تلك الخصائص على حجم واستقرار العناقيد النانوية. وقد ثبتت فاعلية عدة ربيطات في تحقيق الاستقرار للعناقيد النانوية، وضبط خصائصها وفقاً لاستخدامات محددة. ومع ذلك، لا يزال من الصعب تسخير هذه الخصائص المعتمدة على الحجم.
وتوضح ليلى خليل، طالبة الدكتوراه أحد القائمين على البحث المتخصصة في ابتكار مواد عضوية مسامية وعضوية معدنية، أن عناقيد الفضة النانوية تميل إلى حالة الاستقرار المنخفض.
فرغم أن بعض هذه العناقيد النانوية تبقى مستقرة لبضعة أيام، فإن أغلبها يتحلل في غضون دقائق. وسلط هذا التحلل السريع الضوء على الحاجة إلى تحقيق الاستقرار للربيطات التي عادة ما تكون قادرة على منح زوج من الإلكترونات، لتشكل رابطة تساهمية مع الذرة الفلزية، الذي سيحسن بدوره الخصائص الضوئية لهذه العناقيد النانوية.
وأخيراً، نجح فريق بقيادة الدكتورة نيفين خشاب، الأستاذة المشاركة في علوم الكيمياء، وزملائها من المختبرات المركزية، وقسم العلوم والهندسة الفيزيائية في «كاوست»، في ابتكار وسيلة لتعزيز هذا الاستقرار، إذ طوروا ربيطات كبريتية القاعدة ذات مجموعة حلقية فعالة كبيرة، تسمى «البيلارارين» (Pillararene).
رُبيطات تحاكي الطبيعة
هذه الربيطات يمكنها تحقيق الاستقرار في العناقيد النانوية، وتمثل في الوقت ذاته تجويفاً أسطوانياً بإمكانه استيعاب جزيئات صغيرة، أو ما يطلق عليها «ضيوف»، إذ ترتبط بشكل انتقائي مع هؤلاء الضيوف من خلال تفاعلات غير تساهمية.
وعن أسباب اتخاذ الفريق البحثي قرار إنتاج ربيطات الثيول الحلقية الضخمة، تقول خليل: «نحن نخلق ونصنع الأنظمة التي تحاكي الطبيعة»، موضحة أنه على عكس الربيطات التقليدية القائمة على المجموعات الحلقية الضخمة، مثل «الكاليكسارين» (Calixarenes) مخروطي الشكل الكاره للماء، نجد أن الربيطات القائمة على «البيلارارين» تتألف من هياكل أسطوانية غنية بالإلكترونات، يمكن تعديلها بسهولة باستخدام مجموعات فعالة مختلفة، مما يسمح لها بالاحتفاظ بالمركبات ناقصة الإلكترونات المحايدة في تجويفها، ويوسع نطاق جزيئات الضيف المحتملة، ومن ثم القدرة على تطويع خصائص العناقيد النانوية حسب الغرض.
وأظهر العمل البحثي أن العناقيد النانوية القائمة على مجموعة «البيلارارين» الفعالة بقيت مستقرة لمدة 4 أشهر عندما خزنت في الظلام، وحتى 7 أيام عند تعريضها لضوء النهار.
كما ارتفعت شدة سطوعها الضوئي 30 ضعفاً عند استخدام مجموعة أمينية محايدة كجزيء ضيف.
ونتج عن إضافة المؤثر السطحي الكاتيوني «سيتريمونيوم بروميد» (Cetrimonium Bromide) زيادة قدرت بـ2000 ضعف في شدة السطوع الضوئي، إذ كان مرئياً للعين المجردة، كما تفوقت بذلك على غيرها من عناقيد نانوية أخرى تتمتع بدقة ذرية.
وأثبت الباحثون أن الارتباط الأقوى بين الجزيئات الضيفة والعناقيد النانوية أدى إلى زيادة أكثر وضوحاً في شدة السطوع الضوئي، مما يشير إلى أن الزيادة الهائلة في الانبعاث تنجم عن التفاعلات بين الضيف والمضيف.
وتوضح خليل أن هذا النظام ستنتج عنه تطبيقات بيولوجية مفيدة، لا سيما في التصوير النسيجي العميق دون فتح جراحي، وهو ما سيساعد على تشخيص الأمراض، مثل سرطان الجلد وحالات العيوب الخلقية بالمخ.



«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»