مصر ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لأوضاع الحريات

TT

مصر ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لأوضاع الحريات

رفض، أمس، نواب وسياسيون مصريون بشكل مكثف «انتقادات وجهها البرلمان الأوروبي لأوضاع الحريات في البلاد». كما لقيت هذه الانتقادات الموجهة إلى القاهرة رفضاً من مجلس النواب المصري (البرلمان)، الذي عدّ الأمر «تدخلاً في الشؤون الداخلية المصرية، ويعبّر عن أهداف مُسيسة».
وقال النائب طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف البرلمان الأوروبي له نهج ممتد تجاه مصر، وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه القرارات والبيانات، وهذا النهج غير مقبول بأي شكل من الأشكال، ويشير إلى عدم فهم لطبيعة ما حققته القاهرة في مجال حقوق الإنسان بمفهومه الشامل».
وأصدر البرلمان المصري أمس، بياناً أظهر فيه رئيسه علي عبد العال «انزعاجه الشديد من القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي». وحسب البرلمان المصري فإن قرار البرلمان الأوروبي «تضمن العديد من المغالطات المغايرة للواقع المصري»، ‏معتبراً أن القرار «لا يلائم الشراكة الاستراتيجية ‏المصرية – الأوروبية»، وأعلن «رفضه للقرار»، الذي وصفه بأنه «نهج غير متوازن».‏
ويطالب قرار البرلمان الأوروبي القاهرة بـ«ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية، التي تتيح للمحبوسين التواصل مع محاميهم وذويهم». إلا أن البرلمان المصري دعا نظيره الأوروبي لـ«النأي عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة ‏أغراض سياسية، والنظر بموضوعية لواقع الأمور، ‏والابتعاد عن ازدواجية المعايير». كما دعا قرار البرلمان الأوروبي مصر أيضاً إلى «ضرورة البحث عن الحقيقة في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني».
وتزامن قرار البرلمان الأوروبي مع تفاعل متسارع في إيطاليا بشأن القضية، عقب توجيه روما «اتهاماً» لمسؤولين أمنيين مصريين في واقعة وفاة ريجيني. وسبق أن أعلنت النيابة العامة في مصر، مطلع الشهر الجاري، أنها «ستتصرف في ملف تحقيقات واقعة ريجيني بإغلاقه مؤقتاً، مع تكليف جهات البحث والتحري بموالاة اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة للوصول إلى مرتكب الجريمة».
من جهته، قال النائب الخولي إن «قرار البرلمان الأوروبي يُعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي المصري»، لافتاً إلى أن «ما تقوم به مصر من جهود إقليمية ودولية انعكس على الأمن والسلم الأوروبي نفسه، من خلال ما قامت به مصر من جهود في مكافحة الإرهاب، والقضاء على الهجرة غير المشروعة، التي كانت متجهة إلى أوروبا».
وأضاف الخولي موضحاً أن «البعض لا يدرك أن ما يصدر عن البرلمان الأوروبي غير مُلزم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ما صدر عنه هو مُجرد رأي غير ملزم، بأي شكل من الأشكال للاتحاد الأوروبي»، داعياً البرلمان الأوروبي إلى أن «ينصبّ جهده الأكبر على مراجعة أوضاع حقوق الإنسان، ومكافحة التمييز في الدول الأعضاء في برلمانه، لأن هناك مشكلات متفاقمة لدى كثير من مجتمعات الدول الأعضاء في برلمانه، وتحتاج إلى مراجعات وإعادة صياغة».
في غضون ذلك، أكد مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) أن «ادعاءات البرلمان الأوروبي مخالفة للحقيقة، وفيها استغلال لملف حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في شؤون مصر، وهو أمر يتنافى مع المواثيق الدولية، ومع سيادة مصر على أراضيها»، مضيفاً في بيان له أمس، أن ما رود عن البرلمان الأوروبي «ابتعد عن الشفافية والموضوعية، ونظر إلى الملف الحقوقي بمصر نظرة سطحية».
ودخل البرلمان العربي أمس، على خط رفض القاهرة لقرار البرلمان الأوروبي، حيث أعلن عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، «رفضه القاطع لقرار البرلمان الأوروبي»، مضيفاً أنه «يعد استمراراً لنهج غير مقبول من القرارات المشابهة، التي يُصدرها البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في عدد من الدول العربية».
وأدان رئيس البرلمان العربي في بيان له أمس، «ما تضمنه هذا القرار من مغالطات وادعاءات، تستند إلى تقارير مشبوهة، ومعلومات لا أساس لها من الصحة، تنم عن تحامل صارخ ضد مصر».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».