البنوك اليمنية في مرمى تنظيم القاعدة

نهب عشرات الملايين من الريالات وتوقعات باستخدامها في تمويل العمليات الإرهابية

البنوك اليمنية في مرمى تنظيم القاعدة
TT

البنوك اليمنية في مرمى تنظيم القاعدة

البنوك اليمنية في مرمى تنظيم القاعدة

في تطور غير مسبوق تعرضت معظم المؤسسات المالية الحكومية والمصارف الخاصة، في اليمن إلى عمليات نهب بشكل متسارع خاصة في المحافظات الجنوبية في ظل اضطرابات أمنية وضبابية في المشهد السياسي في ظل سيطرة تفرضها ميليشيات الحوثي على معظم مؤسسات الدولة.
وارتبطت معظم عمليات النهب للمصارف الحكومية والخاصة بالجماعات المسلحة وتحديدا تنظيم القاعدة المنضوي تحت اسم «أنصار الشريعة» الذي بات يستغل انفلات الأوضاع الأمنية ويقوم بنهب المصارف في وضح النهار، حيث تعرضت عدد من البنوك والمصارف إلى عملية سطو أكثر من مرة وفي أقل من شهر معظمها تركزت في المدن الجنوبية ابتداء من مدينة حضرموت الجنوبية التي هاجمتها عناصر «القاعدة» أكثر من مرة ونهبت الملايين من مصارفها وبنوكها لكنها تركزت بشكل أكبر على مكاتب البريد التي تعتبر المصرف الرئيسي لمعظم مؤسسات الدولة.
وسارع البريد اليمني لإعلان خسائره جراء عمليات الاعتداءات التي طالت مكاتبه في معظم المحافظات للعام الماضي والتي قال إنها «وصلت إلى 170 مليون ريال (المليون 5 آلاف دولار أميركي)»، قائلا في تقرير صادر عن الهيئة العامة للبريد إن «مكاتبه تعرضت لـ9 اعتداءات في المحافظات منها: 3 اعتداءات على مكاتبها في مدينة المكلا، واعتداء على مكتب البريد في منطقة الحيمة بمحافظة صنعاء، واعتداء على مكتب الشيخ عثمان بعدن، وآخر على مكتب مديرية العدين بمحافظة إب، واعتداء على مكتب بريد محافظة البيضاء، واثنان على مكتب بريد مدينة سيئون ومكتب البريد بمنطقة حوره بسيئون».
وحسب التقرير التي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، أول من أمس، فإن خسائر الاعتداءات قدرت بـ170 مليون ريال، منها 140 مليونا تم نهبها وسلبها من سيولة نقدية، و30 مليون ريال خسائر الأضرار التي لحقت بالمكاتب جراء الاعتداءات، مشيرا إلى اتخاذ الهيئة جملة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الظاهرة المزعجة، إضافة إلى تعميم عدد من الإجراءات المالية والإدارية، منوها بأن المسؤولية الأكبر تبقى بالدرجة الأولى مسؤولية أمنية، في ظل ما تعيشه البلاد من ظروف واختلالات هنا وهناك تؤثر على الأداء العام، وتجعل أموال البريد معرضة للمخاطر.
وشكك مصدر مسؤول في الهيئة العامة للبريد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حول الجهة التي تقف وراء عمليات السطو التي تطال مكاتبه، متوقعا أن يكون هناك تواطؤ من قبل عدد من المسؤولين سواء كانوا موظفين في البريد أو في البنوك التي طالها السطو، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم القاعدة يقف وراء أغلب تلك العمليات خاصة بعد اعتراف التنظيم بعدة عمليات اقتحام في عدة مدن منها سيئون والمكلا، لكن بعضها قام بها مسلحون مجهولون وهو ما يثير الشكوك حول تورط مسؤولين في ذلك»، متوقعا أن تخف عمليات السطو خاصة في ظل الخطة التي وضعتها الهيئة لذلك.
وكان مسلحون مجهولون نهبوا في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عشرات الملايين من الريالات من مصرفين أحدهما حكومي وهو فرع بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) والآخر خاص وهو فرع بنك التضامن الإسلامي الدولي في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت، حيث أوضح موقع وزارة الدفاع اليمنية على لسان مصدر أمني أن 25 مسلحا كانوا على 3 سيارات هاجموا البنكين بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، في وقت واحد، حيث قاموا بنهب 32 مليونا من بنك التسليف، و20 مليونا من بنك التضامن، وأسفرت عملية السطو المسلح عن مقتل جندي من حراسة بنك التسليف التعاوني والزراعي، وإصابة جندي آخر من حراسة بنك التضامن.
وذكرت المصادر أن عملية السطو على هذين المصرفين تزامنت مع هجوم مماثل على فرع مؤسسة البريد في مدينة الشحر، غير أن جنود حراسة البريد كانوا على يقظة عالية فأطلقوا النار عليهم قبل أن يتمكن المهاجمون من اقتحام مقر البريد. وكان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية اتهم «أنصار الشريعة» بالوقوف وراء عملية السطو التي طالت عددا من المؤسسات الحكومية والبنوك والمصارف الخاصة، قائلا إن «أكثر من 25 عملية نهب حصلت لمؤسسات مالية وبنوك حكومية وخصوصا، في عدد من المحافظات معظمها في محافظة حضرموت»، ولم يستبعد المصدر الأمني أن يكون هناك أطراف أخرى متورطة في عمليات السطو وذلك من خلال تزويده بمعلومات لعناصر «أنصار الشريعة» لتسهيل مهمتهم في تلك العمليات.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.