تركيا تربط تحسين علاقاتها مع فرنسا وأميركا بـ«تنازلات» في سوريا

الاتحاد الأوروبي يقدم دعماً جديداً للاجئين السوريين

تركيا تربط تحسين علاقاتها مع فرنسا وأميركا بـ«تنازلات» في سوريا
TT

تركيا تربط تحسين علاقاتها مع فرنسا وأميركا بـ«تنازلات» في سوريا

تركيا تربط تحسين علاقاتها مع فرنسا وأميركا بـ«تنازلات» في سوريا

رهنت تركيا تحسين علاقاتها مع فرنسا والولايات المتحدة بتغيير موقف الأولى من عملياتها العسكرية في شمال سوريا ووقف الثانية دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعد أكبر مكونات تحالف سوريا الديمقراطية (قسد) بينما انتقد مشرعان أميركيان تدخل تركيا العسكري في المنطقة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده يمكنها أن تطبع العلاقات مع فرنسا لكن على باريس أن تغير موقفها بشأن العمليات العسكرية التركية في سوريا.
وتبادلت تركيا وفرنسا الانتقادات الحادة، مرارا، بشأن السياسات التركية في سوريا وليبيا وإقليم ناغورني قره باغ. وترفض باريس بشكل قاطع التدخل العسكري التركي في شمال سوريا وعملياتها ضد القوات الكردية ودعمها لفصائل متطرفة بل وقيامها بنقل مرتزقة سوريين إلى ليبيا وقره باغ.
وتتهم فرنسا تركيا بالوقوف وراء حالة الفوضى التي يشهدها الشمال السوري بسبب دعم الفصائل المسلحة والمتشددة في مواجهة المقاتلين الأكراد الذين يدافعون عن مناطقهم والذين كان لهم الدور الأبرز في هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي.
كما وجه جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس (الخميس) انتقادات إلى الولايات المتحدة لاستمرارها في دعم قسد مشيرا إلى أن ذلك يشكل أحد الملفات الخلافية في العلاقات بين البلدين، معتبرا أن على الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن أن توقف الدعم المقدم إلى وحدات حماية الشعب الكردية إذا كانت تريد تحسين العلاقات مع تركيا.
في السياق ذاته، انتقد مشرعان أميركيان الهجوم التركي على شمال وشرق سوريا، وارتكاب الفصائل السورية المسلحة الموالية لها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في المنطقة.
وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الأميركي، مايكل مأكول، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، إليوت إنجل، في بيان مشترك الأربعاء: «نشعر بقلق بالغ من التهديد الذي يمثله سلوك تركيا الاستفزازي المتزايد على علاقتنا الثنائية، ولحلف الناتو، وللمنطقة».
وشدد المشرعان الأميركيان على ضرورة وقف أفعال أنقرة المزعزعة للاستقرار، وضرورة أن تعمل واشنطن مع حلفائها وشركائها الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي (ناتو) لمواصلة استخدام جميع الأدوات المتاحة من أجل مطالبة تركيا بتغيير مسارها، وحثا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على وضع حد للسلوك الاستفزازي والالتزام بقيم حلف الناتو.
وانتقدا العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا التي تهدد جهود مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، وقيام الفصائل المدعومة من أنقرة في شمال سوريا بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
على صعيد آخر، طالب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، خلال لقاء الليلة قبل الماضية عبر الفيديو كونفرانس مع سفراء وممثلي بعثات دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، بضرورة أن يفي الاتحاد الأوروبي بالتعهدات التي قدمها لتركيا حيال أكثر من 4 ملايين سوري على أراضيها. وقال عدنان أردم، نائب وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية، إن الاتحاد الأوروبي قدم دعما إضافيا بقيمة 245 مليون يورو، لتحسين ظروف اللاجئين في تركيا.
وأضاف أردم، خلال مؤتمر صحافي عبر تقنية الفيديو كونفرانس عقدته بعثة الاتحاد الأوروبي في تركيا أمس (الخميس)، أن الدعم المالي المقدم من قبل الاتحاد لبلاده، يأتي ضمن إطار برنامج المساعدة على الانسجام الاجتماعي الذي يشرف عليه الهلال الأحمر التركي، وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، وسيتمم تخصيصه لتحسين الظروف المعيشية للاجئين.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سيقدم منحة إضافية بقيمة 20 مليون يورو، ستخصص لتعزيز وصول الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، إلى الخدمات الاجتماعية.
وأكد المسؤول التركي أهمية حزم الدعم المالي المقدمة من الاتحاد الأوروبي من أجل تقاسم الأعباء على الصعيد الدولي، فيما يخص استضافة اللاجئين والمهاجرين ممن يعانون ظروفا معيشية سيئة.
كان الاتحاد الأوروبي تعهد خلال القمة التركية الأوروبية في 2015، بتخصيص 3 مليارات يورو من أجل السوريين في تركيا. وقرر خلال القمة التركية الأوروبية في 18 مارس (آذار) 2016، تخصيص مبلغ إضافي بقيمة 3 مليارات يورو للصندوق ومنح تركيا امتيازات أخرى بموجب اتفاق الهجرة واللاجئين الذي وقع خلال تلك القمة. وقرر الجانبان تخصيص هذا المبلغ لمشاريع سيتم تطويرها لتلبية احتياجات الصحة والتعليم والبنى التحتية والغذاء والاحتياجات الأخرى للسوريين في تركيا. وتتهم أنقرة الاتحاد الأوروبي بعدم إرسال المساعدات المالية المخصصة للسوريين بالسرعة الكافية.
ميدانيا، سيرت القوات التركية والروسية، أمس، دورية مشتركة تضم 4 مدرعات من كل جانب في ريف الحسكة، انطلقت من معبر شيريك الحدودي مع تركيا، وجابت عددا من القرى والبلدات قبل العودة إلى نقطة انطلاقها.
في الوقت ذاته، واصلت قوات النظام القصف على محاور في حلب حماة وجنوب إدلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن النظام نفذ قصفا صاروخيا مكثفا على محاور ريف حلب الغربي، بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة، بالإضافة إلى انتشار القوات التركية على طريق حلب – اللاذقية الدول (إم 4) لأسباب مجهولة.
وبالتزامن، واصلت قوات النظام قصفها الصاروخي على مناطق في البارة وفليفل وسفوهن والفطيرة وكنصفرة بريف إدلب الجنوبي، والعنكاوي بسهل الغاب شمالي غربي حماة، كما شهد محور المشاريع بسهل الغاب، استهدافات متبادلة بالرشاشات الثقيلة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، وفصائل المعارضة المسلحة من جانب آخر.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.