مدنيون يتنقلون برفقة الجيش الروسي بين {حدود النار}

TT

مدنيون يتنقلون برفقة الجيش الروسي بين {حدود النار}

إنها الساعة 7 صباحاً في بلدة تل تمر، الواقعة أقصى شمال محافظة الحسكة. لا يشق نور النهار سوى أصعدة الضباب الكثيف وأنوار السيارات العالية وقطرات الندى المتناثرة على جانبي الطريق السريع. فهذا الأوتوستراد الدولي تحول إلى نقطة التقاء اللاعبين الخارجيين والمحليين والجهات المتحاربة في شمال شرقي سوريا.
وقد اجتمعت نحو 200 سيارة نقل كبيرة ومدنية خاصة في نقطة شرق البلدة تعود ملكيتها لسكان مدن وبلدات الجزيرة السورية، وآخرون قدموا من منبج، وبعضهم من مدن الرقة ودير الزور والطبقة؛ حيث يوصل الطريق السريع المحافظات الشرقية بمدينة حلب التجارية، التي عادت تدريجياً لموقعها السابق قبل 2011 عاصمة اقتصادية للبلاد، وثاني مدينة ومركز تجاري بعد العاصمة دمشق.
تبدأ عناصر القوات الأمنية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية، بأخذ بيانات أصحاب السيارات والركاب المرافقين للرحلة، ثم تسلم القائمة إلى ضابط عسكري برتبة رفيعة، يقود دورية الشرطة العسكرية الروسية، التي كانت مؤلفة من 3 مدرعات، ويطلق على هذه العملية بـ«الترفيق» لإيصال القافلة المدنية من تل تمر بالحسكة إلى بلدة عين عيسى التابعة لمحافظة الرقة.
تقود القوات الروسية القافلة، ويرفرف علمها فوق رتلها العسكري، لتلتحم قافلة عسكرية كبيرة معها بعد عشرات الكيلومترات؛ حيث انطلقت من مدخل تل تمر الغربي، لتسلك الطريق المنقسم بين جهة شمالية، تخضع لسيطرة الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة، وجهة جنوبية خاضعة لقوات «قسد»، وارتسمت علامات الراحة والأمان على وجوه السائقين وأصحاب السيارات لوجودهم بالمقدمة.
يقول ضابط الارتباط الروسي لـ«الشرق الأوسط» إن العملية «تتم بالتنسيق بين القوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، والجيش التركي والفصائل السورية الموالية لها، وقوات (قسد)، لأن هذه الجهات المتصارعة تتقاسم الطريق السريع».
وعن دور موسكو، أشار إلى أنه مقتصر على الضمان والتنسيق بين دمشق وأنقرة والقامشلي لحماية المدنيين من نيران الهجمات المتكررة في محيط «m4»، ويعتبر هذا الطريق عصب الحياة وشريان الحركة التجارية لـ4 محافظات تربطها عقدة مواصلات وشبكة طرق رئيسية وفرعية.
أما أنس، الذي يمتلك سيارة شحن تجارية، فقال نعانى المصاعب والتحديات للتنقل بين حدود النار منذ أشهر، «من تل تمر حتى عين عيسى نسمع أصوات الاشتباكات، فإن وليت وجهك لليمين فستلاحظ تحركات الجيش الحر، وشمالاً تنتشر نقاط قوات (قسد)، فمنذ عام وشهرين وهذه حالتنا».
ويتبضع أنس وغيره من بلدة منبج التجارية قطع تبديل السيارات والكهربائيات وخردوات وتشكيلة من الخضار والفاكهة القادمة من مناطق الساحل السوري ومدن الداخل، ليبيعوها في مدن ومناطق الجزيرة السورية، غير أن هجمات الجيش التركي والفصائل السورية المسلحة الموالية تمنع مرور القوافل الإنسانية. الأمر الذي يجبرهم سلك طريق الرقة الحسكة القديم، الذي يستغرق نحو 8 ساعات، بينما تبلغ المسافة على الطريق الدولي ساعة ونصف ساعة.
ويوصف وليد، وهو يعمل موظفاً في منظمة إنسانية محلية، يقع مكتبها في بلدة عين عيسى، الوضع بالمأساوي: «الأسبوع الماضي تأخرت نحو نصف ساعة وكانت القائمة قد أغلقت وسلمت لضابط الارتباط الروسي، للأسف منعني من السفر وأجبرت على الغياب وتأثر عملي بسبب هذه الإجراءات».
وتبسط القوات النظامية السورية سيطرتها النارية على الطريق الدولي من حلب إلى بلدة تادف التابعة لمدينة الباب شرقاً بمسافة 30 كيلومتراً، ومن تادف حتى بلدة العريمة وبطول 20 كيلومتراً تسيطر عليها فصائل عملية «درع الفرات» الموالية لتركيا، أما من العريمة حتى بلدة عين عيسى، التي تقع بريف الرقة الغربي، وبطول 115 كيلومتراً، فتفرض «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية سيطرتها، بينما تفرض فصائل عملية «نبع السلام» التي أطلقها الجيش التركي وفصائل سورية موالية في 9 من الشهر الماضي، سيطرتها النارية من عين عيسى حتى بلدة تل تمر التابعة لمدينة الحسكة، وتبلغ مسافتها 130 كيلومتراً، بينما لا تزال قوات «قسد» تفرض السيطرة على باقي المسافة من بلدة تل تمر حتى معبر اليعربية مع الجانب العراقي بطول 160 كيلومتراً.
وفي نقطة شركراك، التي انتزعت القوات التركية والفصائل السورية السيطرة عليها بداية الشهر الحالي، لُوحظ تحرك سيارات الجيش الحر دون اعتراض القافلة الإنسانية، وعلى بعد مئات الأمتار انتشرت حواجزها شمالاً، ورفعت راياتها العسكرية، وسط حيرة سكان المنطقة من توالي الجهات العسكرية على حكم المنطقة.
وبينما عززت القوات الروسية وجودها العسكري في هذه المنطقة المتداخلة بين جهات دولية وإقليمية وتحالف تشكيلات عسكرية سورية محلية متناقضة، أكدت مصادر مطلعة و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن الفيلق الخامس المدعوم من روسيا بدأ بالانتشار ضمن عدة نقاط حدودية بالقرب من الحدود السورية العراقية، قريبة من ناحية البوكمال، شرق محافظة دير الزور. وكشفت هذه المصادر أنها تسلمت بعض المواقع من الميليشيات الموالية لإيران، من بينها «حركة النجباء» و«حزب الله العراقي» و«الأبدال»، على إثر اتفاق بين موسكو وطهران لم يتضح بشكل كامل.
وأكدت المصادر أن القوات الروسية قد فتحت قبل أسبوع مقراً وسط مدينة البوكمال. ويعد الانتشار الأول من نوعه منذ اندلاع التوتر بين روسيا وإيران على خلفية انتشار الأخيرة في مناطق حدودية مع العراق، وبمركز مدينة دير الزور وبلداتها الرئيسية.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».