سياسيون يمنيون يرون في تحرير الحديدة وقفاً لتهديدات الحوثيين للملاحة

TT

سياسيون يمنيون يرون في تحرير الحديدة وقفاً لتهديدات الحوثيين للملاحة

دعا سياسيون يمنيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى استئناف عملية تحرير مدينة الحديدة وموانئها من قبضة الميليشيات الحوثية وتجميد «اتفاق استوكهولم» الذي قالوا إنه منح الجماعة الموالية لإيران فرصة لتصعيد هجماتها ضد الملاحة في البحر الأحمر، سواء عبر تسيير الزوارق المفخخة أو زرع الألغام البحرية، إلى جانب منحها فرصة لاستمرار تهريب الأسلحة الإيرانية والسطو على الموارد المالية.
وجاءت هذه الدعوات عقب تصاعد الهجمات التي تستهدف ناقلات النفط في الموانئ السعودية، إضافة إلى المنشآت الحيوية للطاقة، بالزوارق المفخخة والطائرات المسيرة والصواريخ. وأحدث هذه الهجمات التي يرجح وقوف الحوثيين خلفها تمثل في استهداف ناقلة للنفط في ميناء جدة السعودي بزورق مفخخ يوم الاثنين الماضي، بحسب ما أفادت به المصادر الرسمية للمملكة.
ويشدد الشارع السياسي في اليمن على أن استمرار التراخي الدولي مع الجماعة الحوثية سيحرضها على مزيد من الهجمات، بخاصة بعد أن باتت هذه الهجمات تتجاوز المياه اليمنية إلى طرق الملاحة في البحر الأحمر والموانئ السعودية. وفي هذا السياق، يقول الكاتب والأكاديمي اليمني الدكتور فارس البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن تحرير الحديدة باعتبارها المساحة الأخيرة المطلة على البحر التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي؛ كان سيؤثر بشكل واضح على قدرات الحوثي العسكرية، من حيث تزوده بالأسلحة والمعدات أولاً، ومن حيث قدرته على المناورة في البحر واستهداف السفن والناقلات التجارية وقيامة بتلغيم المياه البحرية».
وأضاف البيل: «لكن بقاء هذه المساحة البحرية في يد الحوثي يعد ورقة ضاغطة بيده على الأطراف والوسطاء، كما أنه يمثل علاوة على المنفعة العسكرية؛ مناورة سياسية ومتنفساً اقتصادياً، ومن الصعوبة الحديث عن هزيمة أو الضغط على الميليشيا، وهي تملك هذه المساحة، حتى رضوخها للمطالب الدولية ومساق السلام. فالحديدة الآن هي القنبلة التي تلوح بها الميليشيا في وجه العالم». بحسب تعبيره.
ويعتقد الباحث الأكاديمي والسياسي البيل أنه «كان يفترض بالشرعية أن تستغل رفض الحوثي وإفشاله لاتفاق استوكهولم بالتحرك من جديد نحو الحديدة أو على الأقل إضعاف حالة التمدد الحوثي والتمكن العسكري بها، لكن هذا الفراغ السياسي والجمود العسكري منح الحوثي فرصة كبيرة لاستغلال الحديدة وموقعها لفرض أجندات المشروع الإيراني».
ويبرر البيل لطرحه هذا بالقول: «في حال فقد الحوثي للحديدة والمساحة البحرية تكون الأبواب عملياً قد أقفلت عليه، وسيعود إلى الجبال على شكل عصابات تسهل ملاحقتها، وسيخسر الورقة الاقتصادية والسياسية ويبتعد عن قدرته على تهديد الملاحة الدولية، كما سيخسر الحضور المعنوي الذي تمنحه له هذه السيطرة على شكل سلطة أمر واقع كما يحلو لبعض الأطراف الدولية تسميته، باعتبار إدارته واحداً من أهم موانئ اليمن والمنفذ الوحيد لتلقي الجزء الأكبر من اليمنيين للغذاء والمساعدات وشؤون تجارتهم».
من جهته، يرى الكاتب والإعلامي اليمني أحمد عباس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوثيين يتعاملون مع المجتمع الدولي باستخفاف كبير فهم يعرفون أن أقصى ما يمكن فعله هو تنديد هنا أو هناك أو قلق يبديه المبعوث الأممي غريفيث». ويضيف عباس بالقول: «هذه الجماعة تعرف أنها عصابة وطارئة على المشهد لذلك تتعامل من هذا المنطلق وليس في ذهنيتها ولا ذهنية أفرادها أي مسؤولية دولية، والسبيل الأوحد لوقف هذه العمليات هو تحرير الحديدة وموانئها، لأن هذا التحرير سيحرم الجماعة من الموارد التي يسيطرون عليها من دخل الميناء ويستخدمونها في نشاطاتهم العبثية في المنطقة، كما سيحرمهم من دخول التمويل العسكري من سلاح وخبراء وأدوات تدميرية ترسلها إيران باستمرار، يقتلون بها الشعب اليمني ويقومون بأعمال القرصنة في السواحل اليمنية».
ويؤكد الكاتب اليمني أحمد عباس أن «تحرير الحديدة وموانئها سيسهل من وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها من أبناء الشعب الذين يعانون الأمرين»، فالحوثيون - بحسب تعبيره - «يقومون بنهب هذه المساعدات وإرسالها للجبهات وبيع ما تبقى منها». ومن الفوائد التي يرى الكاتب والإعلامي أحمد عباس أنها ستتحقق جراء تحرير الحديدة «إصلاح الميناء العائم (ناقلة صافر) الذي تبتز هذه الجماعة العالم من خلال المماطلة في إصلاحه والتهديد بتفجيره».
أما من الناحية العسكرية فإن تحرير الحديدة - والحديث لعباس - «سيحرم الحوثيين من الوجود في الساحل وسيكونون بعيدين كل البعد عن تنفيذ مخططاتهم، فهم يقومون بزرع الألغام البحرية وإرسال الزوارق المتفجرة انطلاقاً من سيطرتهم على هذه السواحل ولو حرموا من ذلك فلن يتمكنوا من تنفيذ هذه الأعمال الشيطانية» وفق تعبيره. واستغرب الكاتب والإعلامي اليمني أحمد عباس ما وصفه بـ«تهاون المجتمع الدولي والقوى الكبرى مع هذه التصرفات في واحد من أهم الممرات في العالم». وقال: «أرى أن اللحظة مواتية لتحرير الحديدة وموانئها وعدم القبول بآليات جديدة لن تغير من الواقع شيئاً، فهذه الجماعة لا تفهم إلا لغة القوة».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.