اقتتال كردي على حدود سوريا والعراق... وتوتر داخلي شرق الفرات

«البيشمركة» اتهمت «وحدات حماية الشعب» بالتدخل بعد تسلل عناصر «حزب العمال» إلى كردستان

TT

اقتتال كردي على حدود سوريا والعراق... وتوتر داخلي شرق الفرات

جرت اشتباكات مسلحة بين قوات «البيشمركة» في كردستان العراق من جهة، و«وحدات حماية الشعب» الكردية شمال شرقي سوريا من جهة ثانية، ذلك بعد يومين من توتر بين قوى كردية في غرب الفرات.
وحمل وكيل وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان العراق، سربست لزكين، في مؤتمر صحافي، أمس، «وحدات حماية الشعب» المسؤولية عن التسلل إلى داخل الإقليم ومهاجمة نقطة لقوات «البيشمركة» في منطقة سحيلا الحدودية. وقال إن ثمانية مسلحين من «حزب العمال الكردستاني» حاولوا ليل أول من أمس التسلل عبر حدود الإقليم الكردي، لكن «البيشمركة» حاولت منعهم من ذلك، مضيفاً أن قوة مؤلفة من نحو 60 عنصراً تابعين لـ«وحدات حماية الشعب» هاجمت بعد ذلك مواقع «البيشمركة» في سحيلا بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة «ما أدى إلى اندلاع اشتباك مسلح بين الجانبين استمر لنحو ساعتين. ثم اندحروا وعادوا خائبين».
و«جرت محاولات عديدة لتراجع تلك القوات المؤلفة من 8 عناصر، حيث تراجع 3 منهم لكن الباقين حاولوا الدخول إلى إقليم كردستان، ولم تسمح لهم قوات البيشمركة بالتسلل بطريقة غير شرعية، خاصة إلى تلك المنطقة التي تعد حساسة، في منطقة سحيلا وبيشابوور المعروفتين في إقليم كوردستان»، وفقاً للزكين.
ووجه لزكين انتقادات لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تنتمي «وحدات حماية الشعب» الكردية إليها، متهماً إياها بـ«الخضوع لأوامر حزب العمال الكردستاني»، وطالب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى التدخل في الموضوع.
وأفادت قناة «روداو» بأن الاشتباك الذي حصل ليلة الأحد - الاثنين خلّف قتيلاً في صفوف «البيشمركة».
في المقابل، أكد حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» السوري أنباء عن استهداف «البيشمركة» مجموعة من قوات «الكريلا» التابعة لـ«حزب العمال» قرب آمدية، ما أسفر عن «خسائر في الأرواح وإصابات في الطرفين».
كما استنكر قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، على «تويتر» استهداف عناصر لـ«حزب العمال» من «البيشمركة»، داعياً إلى «وضع حد للاقتتال بين الأكراد». كما حذر من استهداف مقار «المجلس الوطني الكردي» وأي أحزاب سياسية أخرى في سوريا، مضيفاً: «قوات الأمن الداخلية ستؤدي مهامها وفقاً للقانون». وقال: «أدين هجوم الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقاتلي حزب العمال الكردستاني في آميدي، وهذا يتسبب بخسارة مكاسب القضية الكردية». ودعا إلى «إنهاء الهجمات وحل المشكلة بالحوار».
ومنذ أكثر من شهر، تمت إعادة نشر «بيشمركة» في مناطق في دهوك، ما أدى إلى حدوث مواجهات بينها وبين «حزب العمال». وسبق أن قتل مقاتل في «بيشمركة» وأصيب ثلاثة آخرون بإطلاق نار مماثل في ناحية جمانكي.
إلى ذلك، حمّل «المجلس الوطني الكردي» الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» مسؤولية الهجوم على مكاتبه وحرقها في عامودا والدرباسية بالحسكة شرق الفرات قبل يومين، داعياً «قوات سوريا الديمقراطية» إلى التحرك.
وأدان في بيان، يوم الثلاثاء، الأعمال التي وصفها بأنها «ترهيبية تقوم بها هذه المجموعات المسلحة»، داعياً «قيادة (قسد) إلى العمل على إيقاف هذه الأعمال التي تضر بالعملية التفاوضية».
وكانت مكاتب تابعة لـ«المجلس» تعرضت للاعتداءات، يوم الأحد الماضي، إذ أقدمت مجموعة مسلحة بالاعتداء على مكتبه في الدرباسية، إلى جانب محاولة حرق سيارة نائب رئيس المجلس المحلي هناك.
كما استهدفت مجموعة أخرى مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا» في الحي الغربي في القامشلي بزجاجات حارقة، إضافة إلى إنزال «العلم الكردي» من على مبنى مكتب تابع لـ«حزب يكيتي الكردستاني - سوريا»، كما قال المجلس في بيان له. والاثنين، أقدم مجهولون على حرق مكتب المجلس في مدينة عامودا بريف الحسكة.
واعتبر «المجلس» في بيانه أن التصعيد الأخير هدفه «ترهيب الشارع الكردي واستهداف المفاوضات الجارية بين المجلس وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية، التي أبدى المجلس دائماً حرصه واستعداده على الاستمرار بها للوصول إلى اتفاق يخدم شعبنا وقضيته».
وفي أبريل (نيسان)، بدأ «المجلس الوطني» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» محادثات لإنهاء حالة الانقسام بدعم الولايات المتحدة وفرنسا. وتوصلا في يونيو (حزيران) إلى رؤية مشتركة. وقال عبدي الذي يدعم الحوار: «لا يحق لأي أحد الاعتداء على مكاتب المجلس الوطني الكردي في سوريا أو أي حزب سياسي آخر في روج آفا»، مضيفاً أن «قوى الأمن الداخلي ستعمل على متابعة الحادثة وفق القانون».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».