«عاشق الكتب»... حين يتحول الحب إلى هوس قاتل

سرق كتباَ نادرة بمئات آلاف الدولارات

«عاشق الكتب»...  حين يتحول الحب إلى هوس قاتل
TT

«عاشق الكتب»... حين يتحول الحب إلى هوس قاتل

«عاشق الكتب»...  حين يتحول الحب إلى هوس قاتل

سرقة الكتب النادرة أكثر انتشاراً من سرقة اللوحات الفنية. فمعظم اللصوص يسرقون من أجل الربح، لكن جون تشارلز جيلكي يسرق من أجل حب الكتب فقط. وفي محاولة لفهمه بشكل أفضل، انغمست الصحافية أليسون هوفر بارتليت في عالم شهوة سرقة الكتاب واكتشفت مدى خطورة ذلك. تندرج رواية «الرجل الذي أحب الكتب كثيراً»، التي صدرت عن «دار المدى» بعنوان «عاشق الكتب» بترجمة حنان علي، وبمهمة صحافية، ضمن إطار الصحافة الأدبية، وهو النوع الرائج في الولايات المتحدة ؛ وهذه الرواية تأتي كاملة بعد نشرها في شكل مجموعة من المقالات، فقد نشرت بارتليت أجزاء تحقيقها الاستقصائي في مجلة «سان فرنسيسكو»، لتقدمه فيما بعد مكتملاً عبر رواية «عاشق الكتب».
تتابع بارتليت حوادث سرقة الكتب التي تبدأها من خلال افتتاح معرض نيويورك للكتب الأثرية، الذي يقام سنوياً، حيث حشود الزائرين المتعطشين للكتب، وضمنها كتب القانون، والطبخ، وكتب الأطفال، وكتب الحرب العالمية الثانية، والمخطوطات؛ سواء أكانت باكورة الطباعة الحديثة أم غيرها، والنصوص الموشحة بالمنمنمات.
جون جيلكي؛ بطل قصة بارتليت، لص كتب مهووس وغير نادم، سرق كتباَ نادرة بقيمة مئات آلاف الدولارات من معارض الكتب والمتاجر والمكتبات في جميع أنحاء البلاد. وكين ساندرز هو الذي نصب نفسه بنفسه (تاجر كتب لديه ميل للعمل التحري) مدفوعاً للقبض عليه. أقامت بارتليت صداقة مع كل من الشخصيات الغريبة، ووجدت نفسها عالقة في وسط جهودها لاستعادة الكنز المخفي، وبمزيج من التشويق والبصيرة والفكاهة، نسجت مطاردة القط والفأر المسلية، فالقصة لا تكشف فقط عن كيفية تنفيذ جيلكي أقذر جرائمه،، وكيف أمسك به ساندرز في النهاية، ولكنها تكشف أيضاً «رومانسية الكتب»، وإغراء جمعها وسرقتها، وتكشف لنا الكاتبة عن تاريخ من الشغف بالكتب وجمعها وسرقتها عبر العصور، لفحص الرغبة التي تجعل بعض الناس على استعداد لعمل أي شيء عند أي شيء، لامتلاك الكتب التي يحبونها.
بين عامي 1999 و2003، استخدم جون جيلكي العشرات من أرقام بطاقات الائتمان التي حصل عليها من وظيفته في متجر متعدد الأقسام، لسرقة ما يعادل أكثر من 100 ألف دولار من الكتب النادرة قبل القبض عليه وإرساله إلى السجن. وعندما وجدت قصة جيلكي وساندرز طريقها إلى الصحافية أليسون هوفر بارتليت، رأت أنها «لا تتعلق فقط بمجموعة من الجرائم، ولكن أيضاً تتعلق بعلاقة الأشخاص الحميمة والمعقدة والخطيرة أحياناً بالكتب».
وتستخدم بارتليت هذين الرجلين نقطة انطلاق للكيفية التي يتحول بها حب الكتب إلى جنون. فتستعرض لنا قصصاً أخرى، تتراوح بين الرجل «غريب الأطوار» والمختل اجتماعياً؛ من الأستاذ الذي أُجبر على النوم على سرير أطفال في مطبخه لإفساح المجال أمام 90 طناً من كتبه، إلى الراهب الإسباني في القرن التاسع عشر الذي خنق رجلاً وطعن تسعة آخرين من أجل الاستيلاء على مكتباتهم.
صور بارتليت عن هوس الكتب منفذة بشكل دقيق، وغالباً ما تكون رائعة. فليس الأمر أن أفعال جيكلي ليست مثيرة للاهتمام؛ بل ما الذي يجعله يخاطر باستمرار بالسجن من أجل الكتب. حين كان صبياً، كانت أول تجربة لجيكلي الاحتيال على بطاقة ائتمان حصدت له «ساعة وبيتزا وملصقاً لفيلم (سايكو)، وخلال المقابلات التي أجراها مع بارتليت، تحدث عن السفر الجوي «المجاني» وغرف الفنادق والوجبات. بعبارة أخرى، جيلكي ليس مهووساً بالكتب فقط، بل مصاب بهوس السرقة الذي يدفعه في النهاية إلى سرقة الكتب. وعلى هذا النحو، فهو شخصية صعبة يمكن بناء عمل عن «الهوس الأدبي» حولها.
تكرّس الكتابة عن الجريمة الحقيقية تمجيد المجرم في كثير من الأحيان، حيث يجري تجاهل الطبيعة المعقدة له، إلا إن أليسون هوفر بارتليت لم تقع في هذا الفخ، حيث قدمت لنا عبر حبكتها اللص والمحقق وتعقيدات عالم الهوس الأدبي.
في النهاية؛ «عاشق الكتب» رحلة رائعة إلى عالم غريب وهوس متنام، حين يتحول حب الكتب في بعض الأحيان إلى هوس قاتل.



«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»
TT

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت رواية «أبريل الساحر» للكاتبة البريطانية إليزابيث فون أرنيم، التي وُصفت من جانب كبريات الصحف العالمية بأنها «نص مخادع وذكي وكوميدي». ومنذ صدورها عام 1922 تحولت إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً واقتُبست للمسرح والإذاعة والسينما مرات عديدة.

تتناول الرواية التي قامت بترجمتها إيناس التركي قصة 4 نساء بريطانيات مختلفات تماماً هربن من كآبة لندن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى قلعة إيطالية ساحرة في الريفيرا الإيطالية ليقضين إجازة الربيع. وبعد أن تهدهن روح البحر الأبيض المتوسط يتغيرن تدريجياً ويكتشفن الانسجام الذي تاقت إليه كل منهن، ولكن لم يعرفنه قط.

وتجيب الرواية بشكل مقنع عن السؤال الأبدي حول كيفية تحقيق السعادة في الحياة من خلال مفارقات الصداقة بين النساء والتمكين والحب المتجدد والعشق غير المتوقع. وصفتها صحيفة «الديلي تلغراف» بأنها «على مستوى ما، قد تُعد الرواية هروباً من الواقع، ولكن على مستوى آخر فهي مثال لتحرر الروح»، بينما رأت صحيفة «ميل أون صنداي» أنها تتضمن «وصفاً حسياً حالماً لأمجاد الربيع الإيطالي».

وتُعد إليزابيث فون أرنيم (1866-1941) إحدى أبرز الكاتبات الإنجليزيات واسمها الحقيقي ماري أنيت بوشامب، وهي ابنة عم الكاتبة كاثرين مانسيفيلد. ولدت في أستراليا لعائلة ثرية وتزوجت أرستقراطياً ألمانياً حفيداً للملك فريدرش فيلهلم الأول، ملك بروسيا، واستقرت مع زوجها في عزبة عائلته في بوميرانيا حيث ربيا 5 أطفال.

بعد وفاة زوجها كانت على علاقة عاطفية مع الكاتب المعروف هـ. ج. ويلز لمدة 3 سنوات، لكنها تزوجت بعدها فرانك راسل الأخ الأكبر للفيلسوف الحائز جائزة نوبل برتراند راسل لمدة 3 سنوات ثم انفصلا. وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية انتقلت للإقامة في الولايات المتحدة حتى توفيت. زواجها الأول جعل لقبها «الكونتيسة فون أرنيم شلاجنتين»، أما زواجها الثاني فجعل اسمها إليزابيث راسل.

نشرت روايتها الأولى باسم مستعار ولكن مع النجاح الكبير لكتبها استخدمت اسم «إليزابيث فون أرنيم». أصدرت أكثر من 20 كتاباً وتُعد روايتها «أبريل الساحر» التي نُشرت عام 1922 من أكثر الكتب مبيعاً في كل من إنجلترا والولايات المتحدة ومن أحب أعمالها إلى القراء وأكثرها شهرة.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«بدأ الأمر في نادٍ نسائي في لندن بعد ظهيرة أحد أيام فبراير، نادٍ غير مريح وبعد ظهيرة بائسة عندما أتت السيدة ويلكنز من هامبستيد للتسوق وتناولت الغداء في ناديها. التقطت صحيفة (التايمز) من على الطاولة في غرفة التدخين وجرت بعينيها الخاملتين أسفل عمود مشكلات القراء ورأت الآتي:

(إلى أولئك الذين يقدرون الشمس المشرقة، قلعة إيطالية صغيرة من العصور الوسطى على شواطئ البحر الأبيض المتوسط للإيجار، مفروشة لشهر أبريل (نيسان) سوف يبقى الخدم الضروريون).

كانت هذه بداية الفكرة، ومع ذلك كما هو الحال بالنسبة إلى عديد من الأشخاص الآخرين، لم تكن صاحبتها على دراية بذلك في تلك اللحظة.

لم تكن السيدة ويلكنز مدركة قط أن كيفية قضائها شهر أبريل في ذلك العام قد تقررت في التو والحال إلى درجة أنها أسقطت الصحيفة بحركة غلب عليها الانزعاج والاستسلام في الوقت نفسه، وتوجهت نحو النافذة وحدقت في كآبة الشارع الذي تقطر به الأمطار».