البحرة: النظام يستخدم الضغط العسكري كوسيلة تفاوض

كبير مفاوضي المعارضة السورية أكد لـ («الشرق الأوسط») ثقته في الإبراهيمي

هادي البحرة (إ.ب.أ)
هادي البحرة (إ.ب.أ)
TT

البحرة: النظام يستخدم الضغط العسكري كوسيلة تفاوض

هادي البحرة (إ.ب.أ)
هادي البحرة (إ.ب.أ)

أكد كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية هادي البحرة التزام الائتلاف الوطني السوري بعملية التفاوض على الرغم من مواصلة الحكومة السورية العمليات العسكرية في البلاد. وشدد البحرة على تمسك الائتلاف السوري بالتفاوض على الرغم من عدم إحراز تقدم ملموس في الأيام الأولى من المفاوضات، وخصوصا بعد عدم التزام الحكومة السورية بتطبيق «إجراءات بناء الثقة» مثل رفع الحصار عن المدينة القديمة في حمص وإطلاق المعتقلين. واتهم النظام بـ«التعنت» والتهرب من مناقشة بنود بيان «جنيف1» الخاص بنقل السلطة.
والبحرة، الذي خول بأن يكون كبير المفاوضين مع الحكومة السورية في المفاوضات التي يديرها ممثل الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي في جنيف، حرص على تأكيد ثقته في الإبراهيمي.
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع البحرة خلال لقاء مقتضب قبيل توجهه إلى جولة جديدة من المفاوضات في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحديث:
> كيف تقيمون سير المفاوضات وكيف تجدون أسلوب وفد الحكومة السورية خلال التفاوض؟
- ما زال النظام متعنتا وغير موضوعي في طروحاته ويحاول التهرب من التطرق إلى الموضوع الرئيس للمؤتمر وهو البحث في آلية تطبيق بيان «جنيف1» كاملة، وبدء آليات تشكيل هيئة الحكومة الانتقالية كاملة السلطات التنفيذية.
> ما الأولوية بالنسبة لكم في المرحلة المقبلة من التفاوض، خصوصا بعد الفشل في إحراز تقدم على الصعيد الإنساني؟
- بالتأكيد كل الأمور الإنسانية أولوية ولكن هذه القضايا ليست مطروحة من ضمن إطار المؤتمر. هذه الأمور تأتي في إطار آليات دعم وكسب الثقة وتأسيسها لإظهار جدية الطرف الآخر بالتعاطي في المؤتمر. أما المؤتمر فغايته الرئيسة هي تحقيق الانتقال السياسي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية.
> لم تتوصلوا إلى نتيجة في إجراءات بناء الثقة، فهل يمكن مواصلة الحوار من دون بناء الثقة؟
- لم يبدِ النظام أي جدية في التعاطي مع القضايا الإنسانية، فهذا يعني أنه فعليا لا يتعاطى مع فكرة المؤتمر بمسؤولية وبقدرة على العطاء.
> ولكن أنتم ملتزمون بهذه العملية على الرغم من موقف الحكومة.
- طبعا نحن ملتزمون لخوض هذه العملية إلى آخر مراحلها.
> من الصعب تقدير الإطار الزمني للمحادثات، ولكن إلى متى يمكنكم البقاء في المحادثات مع الواقع الصعب على الأرض؟
- الشخص يفاوض الأعداء ولا يفاوض الأصدقاء. وللأسف النظام يستخدم الضغط العسكري كإحدى وسائل التفاوض. وطبعا للصبر حدود وللمنطق حدود، لن نصبر إلى آخر الدهر. هناك بالتأكيد في خططنا إطار زمني محدد، متى وصلنا إلى قناعة أن لا جدية في التعاطي ولا أمل في الوصول إلى حلول، حينها سنعلن موقفنا للمجتمع الدولي.
> هل يمكن للإطار الزمني أن يكون مرتبطا بولاية الرئيس السوري بشار الأسد في الرئاسة، وهل تنسحبون إذا أصر على أن يترشح للانتخابات؟
- أقترح عليه أن يترشح مبدئيا في (مخيم) الزعتري، ونرى إذا كان سينجح هناك.
> هل لديكم ثقة بالممثل الخاص الإبراهيمي؟
- بالتأكيد، كل الثقة نضعها في الإبراهيمي وفي الأمم المتحدة، وهو وسيط نزيه ويحاول جهده لإنجاح المؤتمر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.