مخاوف شعبية من «تعويم» العملة العراقية

غداة تراجع أسعار صرف الدينار أمام الدولار... والبرلمان يعتزم التدخل

TT

مخاوف شعبية من «تعويم» العملة العراقية

شهدت الأيام الثلاثة الماضية تراجعاً غير مسبوق في سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي، ما أثار مخاوف شعبية من إمكانية انعكاس ذلك على المستوى المعيشي لعموم السكان وللطبقات الفقيرة بشكل خاص نتيجة الارتفاع المتوقع لأسعار السلع المستوردة، ويعمق من تلك المخاوف احتمال لجوء السلطات العراقية إلى خفض سعر الدينار أمام الدولار ليقارب حاجز الـ1500 دينار للدولار الواحد أو ذهابها إلى خيار «تعويم» العملة لمواجهة أزمتها المالية.
وتراجع سعر صرف الدينار في الأيام الأخيرة ليصل إلى أكثر من 1300 دينار مقابل الدولار الواحد بعد أن استقر لسنوات طويلة عند أقل من 1200 دينار للدولار. وتواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ أشهر صعوبات بالغة في تأمين مبالغ النفقات العامة ورواتب القطاع العام، ما دفعها إلى الطلب من البرلمان مرتين التصويت على قانون الاقتراض الداخلي لتمويل عجزها.
وحيال الارتفاع المقلق في أسعار الصرف، يتحدث نواب في البرلمان عن تحرك نيابي لاستضافة محافظ البنك المركزي لمعرفة الأسباب التي تقف وراء ذلك ومعرفة خطط الحكومة لمواجهة تراجع سعر صرف الدينار.
وقال النائب عن تحالف «الفتح» عدي شعلان، أمس: إن «مجلس النواب العراقي، سيكون له موقف وقرارات بعد استضافة المسؤولين عن هذا الملف، فلا يمكن السكوت عن هذا الارتفاع، الذي بدأ يؤثر على أسعار السوق العراقية، وهذا الأمر ستكون له تبعات سلبية خصوصاً على المواطن الفقير وصاحب الدخل المحدود». ويقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي جمال كوجر: إن «هناك توجهاً حكومياً لزيادة سعر الصرف، بشكل تدريجي، لأن قانون موازنة 2021 فيه عجز مالي كبير، وأحد سبل تخفيض هذا العجر هو زيادة سعر صرف الدولار».
وفيما ظهرت دعوات شعبية وسياسية خلال اليومين الأخيرين إلى محاسبة المسؤولين عن تراجع سعر الصرف، برزت آراء مقابلة لخبراء اقتصاديين لا ترى ضيراً في الموضوع وتعتقد أنه مفيد لإصلاح الاقتصاد العراقي على المديين المتوسط والبعيد.
وقال السياسي المستقل عزة الشابندر، في تغريدة عبر «تويتر» إن «الانهيار المفاجئ واللافت لسِعْرِ صَرف الدينار العراقي بعد ثبات دام أكثر من عقد ونصف، يدعو رئيس الوزراء للتحقيق وكشف الجهات التي تقف وراء اختيار محافظ البنك المركزي الحالي وترسم له سياساته المثيرة للجدل».
أما أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية صادق البهادلي، فيرى أن «انخفاض أسعار الصرف بنسبة 30%، ربما يقلل عجز الموازنة العامة بذات النسبة، وهذا مفيد للحكومة، لكنها قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطيرة على الشرائح الفقيرة». ويضيف البهادلي لـ«الشرق الأوسط» أن «رفع سعر الصرف ربما يمكن السيطرة عليه في الدول المستقرة والقوية، أما في دولة هشة مثل العراق، فالأمر لا يخلو من مجازفة وخطورة، لأن إقبال الناس على استبدال العملة المحلية بالدولار ربما يرافقه صعود متواصل في أسعار السلع نتيجة تراجع قيمة الدينار».
ويرجح بعض الاقتصاديين أن الحكومة ستوفر نحو 20 مليار دولار من مجموع 60 مليار دولار مخصصة لرواتب القطاع العام في حال استقر سعر الصرف عند حدود الـ1500 دينار مقابل الدولار الواحد.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عبد اللطيف سالم، إن «التوقعات، وهي منطقية جدّاً، تفيد بأن سعر صرف الدينار مقابل الدولار (رسميّاً) لن يبقى كما هو الآن، وسيرتفع تدريجياً من 119، إلى 130، وإلى 140 ألف دينار للدولار، وصولاً إلى 150 ألفاً». ويضيف أن «سعر الصرف المتوقع هذا، سعر صرف مُدار، ومدعوم من البنك المركزي... ولن يكون خيار (التعويم)، أي ترك سعر الدولار يتحدّد في السوق حسب العرض والطلب، قائماً، أو مطروحاً الآن».
ويعتقد سالم أن قرار رفع أو خفض قيمة الدينار «لن يكون دون كلفة، وبالذات على الفقراء، والفئات الأكثر هشاشة من السكان، إلا أنّ هذه الكلفة لن تكون باهظة جداً كما يعتقد الكثيرون، ويفترض أنّ الاقتصاد سيكيّف نفسه، وسيعمل على الاستفادة من الفرص التي يتيحها تحويل المستوردات، إلى سلع أعلى سعراً من مثيلاتها المحليّة».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.