السودان يتحدث عن خطوة «تاريخية» بعد حذفه من قائمة الإرهاب

لا اعتراض من الكونغرس على الأمر التنفيذي لترمب... وبومبيو يشيد بالسلطة الانتقالية بقيادة «المدنيين»

امرأتان في الخرطوم أمس وسط ترحيب رسمي وشعبي بإخراج السودان من قائمة الإرهاب الأميركية (أ.ف.ب)
امرأتان في الخرطوم أمس وسط ترحيب رسمي وشعبي بإخراج السودان من قائمة الإرهاب الأميركية (أ.ف.ب)
TT

السودان يتحدث عن خطوة «تاريخية» بعد حذفه من قائمة الإرهاب

امرأتان في الخرطوم أمس وسط ترحيب رسمي وشعبي بإخراج السودان من قائمة الإرهاب الأميركية (أ.ف.ب)
امرأتان في الخرطوم أمس وسط ترحيب رسمي وشعبي بإخراج السودان من قائمة الإرهاب الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي أدرجت عليها قبل 27 عاماً، في خطوة سارعت السلطة الانتقالية في الخرطوم إلى وصفها بـ«التاريخية»، معتبرة أنها تنهي العزلة الدولية والحصار الاقتصادي، وتعيد السودان «إلى مكانه الطبيعي» في المجتمع الدولي.
وجاء القرار الأميركي تطبيقاً لأمر تنفيذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب وبعد انتهاء المهلة الرسمية (45 يوماً) لاعتراض الكونغرس عليه، ليدخل القرار حيز التنفيذ في السجلات الفيدرالية في 14 ديسمبر (كانون الأول).
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، إزالة السودان رسمياً من قائمة الإرهاب، وعده يمثل تغييراً جذرياً في العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أنه يدعم عملية التحول الديمقراطي في السودان. وقال بومبيو إن هذا الإنجاز تحقق بفضل جهود الحكومة الانتقالية المدنية في السودان، التي رسمت مساراً جديداً، بعيداً عن إرث نظام الرئيس المعزول عمر البشير. وهنأ الحكومة الانتقالية بقيادة «المدنيين» على شجاعتهم في العمل على تحقيق تطلعات المواطنين السودانيين.
من جانبه، عبّر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، عن تقديره للإدارة الأميركية على اتخاذها القرار «التاريخي» بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما تقدم بالشكر لكل الشركاء الإقليميين والدوليين الذين دعموا السودان لإخراجه من القائمة. وحيّا البرهان، في تغريدة، الشعب السوداني بمناسبة خروج البلاد من قائمة الإرهاب، وقال إن «هذا العمل العظيم نتاج لجهود أبناء السودان الرسمية والشعبية».
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي): «سنعمل على تعزيز هذه الخطوة برفع مستوى العلاقات مع الإدارة الأميركية وجميع شعوب العالم». وأضاف: «بعد 27 عاماً من وضع بلادنا في قائمة الدول الراعية للإرهاب، نبارك لشعبنا الخروج من هذه القائمة التي أضرت بالاقتصاد والعلاقات الخارجية، وحالت دون الاستفادة من المؤسسات الدولية».
من جانبه، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك: «أعلن لشعبنا خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يمثل انعتاقنا من الحصار الدولي والعالمي الذي أقحمنا فيه سلوك النظام المعزول». وأضاف: «اليوم نعود بكامل تاريخنا وحضارة شعبنا وعظمة بلادنا وعنفوان ثورتنا إلى الأسرة الدولية، دولة محبة للسلام، وقوة داعمة للاستقرار الإقليمي والدولي». وقال حمدوك إن الحكومة الانتقالية منذ يومها الأول عملت على إصلاح الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتحويلات المواطنين بالخارج عبر القنوات الرسمية، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، وكثير من الإيجابيات الأخرى.
كذلك رحبت وزارة الخارجية السودانية باكتمال عملية رفع اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، في وقت تتأهب فيه البلاد للاحتفال بالذكرى الثانية لانطلاق ثورة ديسمبر (كانون الأول) ضد نظام البشير وذكرى استقلال البلاد. وقالت في بيان إن الخطوة تأتي تتويجاً للجهود والإصلاحات التي ظلت تضطلع بها الحكومة الانتقالية منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية في أغسطس (آب) 2019، للانتقال نحو التحول الديمقراطي في السودان. وأكدت أن الخطوة تفتح الباب لعودة السودان المستحقة إلى المجتمع الدولي، وإدماجه من جديد في النظام المالي والمصرفي العالمي، كما يؤهل السودان للإعفاء من الديون التي تبلغ أكثر من 60 مليار دولار، ويفتح المجال واسعاً للاستثمارات، والسماح بالتحويلات المالية من وإلى السودان من خلال المؤسسات المالية والمصرفية الرسمية.
وأثنت الخارجية على دعم الدول الشقيقة والصديقة وأصدقاء السودان والشركاء الدوليين والمنظمات الإقليمية والدولية التي بذلت جهوداً مقدرة لدفع الإدارة الأميركية لرفع اسم السودان من القائمة. وعبرت عن ثقتها بأن الجهود ستتواصل من أجل استعادة السودان لحصانته السيادية في أقرب وقت، وذلك في إطار الثقة المتبادلة والرغبة في تعزيز وتطوير علاقات السودان والولايات المتحدة.
وقال بنك السودان المركزي إن شطب السودان من قائمة الإرهاب يساعد في اندماجه بالنظام الاقتصادي الإقليمي والدولي، ومعالجة ديون السودان الخارجية وتدفق التمويل الميسر والمنح، كما يسهم في انسياب التحويلات عبر المصارف، وعمليات استرداد عائدات الصادرات، ودخول الاستثمارات الأجنبية.
وأدرج السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب في عام 1993 بسبب علاقات نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، بتنظيمات إرهابية، من بينها تنظيم «القاعدة» الذي أقام زعيمه أسامة بن لادن بالسودان لسنوات. ودفعت الخرطوم 335 مليون دولار تعويضات لضحايا الإرهاب في حادثتي تفجير المدمرة الأميركية في خليج عدن عام 2000، وتفجير السفارتين الأميركيتين في تنزاينا وكينيا عام 1998.
وفي سياق متصل، كشفت محطة «آي بي سي نيوز» الأميركية، عن عرض إدارة الرئيس ترمب دفع 700 مليون دولار على ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في سبيل التخلي عن دعاواهم ضد السودان، التي نادوا بها وساندهم في ذلك السيناتوران الديمقراطيان بوب مينيندنز من ولاية نيوجيرسي، وتشاك شومر من ولاية نيويورك، وادّعيا أن السودان مطالب بتعويض أهالي ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر بسبب إيواء السودان تنظيم «القاعدة»، وهو ما رفضته السلطات السودانية نافية أي علاقة لها بالتفجيرات الدموية.
وقالت المحطة، نقلاً عن مصدرين مطلعين، إن المفاوضات التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً واستمرت حتى وقت متقدم من الجمعة (الأسبوع الماضي) تظهر حرص إدارة ترمب على إنقاذ اتفاقها مع السودان لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتعويض ضحايا مجموعة أخرى من ضحايا الإرهاب الأميركيين.
ووافق الرئيس ترمب على رفع السودان من القائمة، وأخطر الكونغرس بذلك في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وينص القانون على مهلة 45 يوماً من تاريخ الإبلاغ يمكن خلالها للكونغرس وقف القرار الرئاسي، وعندما تنتهي المهلة (هذا الأسبوع) ولم يسجل وجود أي عراقيل أمام المصادقة على القرار، فإنه يعد ساري المفعول، وهو ما تم بالفعل في هذه الحالة.
وخلال الأشهر الماضية، طالب السودان بالحصول على حصانة سيادية من الكونغرس من أي ملاحقات قضائية مستقبلية، بيد أن هذه المطالبات والمفاوضات بين الطرفين لا تزال تواجه عقبات. وطلبت رابطة ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، في بيان، من النواب «رفض المقترح القانوني الحالي من وزارة الخارجية» الذي يحرمهم من «الحق في ملاحقة السودان لدوره كداعم للقاعدة» في الماضي.
بدوره، رفض السودان من جانبه الإفراج عن الـ335 مليون دولار الموجودة حالياً في حساب ضمان مجمّد، ما لم يرفع اسمه من قائمة الإرهاب، مع منحه حصانة من الملاحقات.
وعلمت «الشرق الأوسط» من خلال مصادر دبلوماسية سودانية أن الإدارة الأميركية عندما وعدت السودان برفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب بقرار تنفيذي من الرئيس ترمب، توقعت أنه من غير الممكن أن يكون هناك اعتراض على قرار الرئيس في الكونغرس، بيد أن القانون الآخر بعدم ملاحقة السودان قضائياً المطروح في الكونغرس هو ما يواجه صعوبات حتى الآن. وبيّنت المصادر السودانية أن التعويضات المالية لأهالي ضحايا تفجيرات نيروبي ودار السلام قد تم توفيرها، إذ استدان السودان المبالغ المالية الخاصة بذلك مسبقاً، وتم إنشاء حساب بنكي مشترك بهذا الشأن، مضيفة: «هذه المسألة تكاد تكون محسومة، إذ إن الحكومة السودانية استدانت مبالغ مالية لتعويض أهالي هؤلاء ضحايا، وتم إنشاء حساب مشترك لهذا الشأن بالمبالغ المالية التي تتجاوز 320 مليون دولار».
وبحسب مصادر دبلوماسية أميركية أخرى، فإن الولايات المتحدة عملت على تفاصيل دقيقة مع الحكومة الانتقالية الحالية في السودان برئاسة عبد الله حمدوك لرفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومن بينها تفاصيل تعويض الضحايا لأسر المواطنين الأميركيين الذين قُتلوا في الهجمات الإرهابية ضد السفارات الأميركية في أفريقيا عام 1998 وضد المدمرة الأميركية في عام 2000، ولم يتم الحديث عن ضحايا هجمات 11 سبتمبر التي يرفض السودان من الأساس أي علاقة له بها.



مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)

أشاد نائب رئيس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، بـ«التعاون المتطور» بين بلاده وقطر خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت العلاقات بين البلدين تطورات لافتة على المستويين السياسي والاقتصادي.

وخلال مشاركته في احتفالية «العيد الوطني» لدولة قطر، التي نظمتها السفارة القطرية في القاهرة، مساء الثلاثاء، قال عبد الغفار - نيابة عن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي - إن المناسبة «تعكس عمق الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية بين مصر وقطر»؛ مشيداً «بالتعاون المتطور في السنوات الأخيرة، خصوصاً في قطاع الصحة، إلى جانب التنمية والاستثمار والتعليم والعمل الإنساني، بما يخدم مصالح الشعبين».

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري «أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك لدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة، انعكاساً لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين».

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار أثناء مشاركته في احتفالات العيد الوطني لدولة قطر (مجلس الوزراء المصري)

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلنت قطر وقتها «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر»، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار.

وقبل أيام افتتح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري»، بحضور وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، أحمد بن محمد السيد، وبمشاركة واسعة من ممثلي مجتمع الأعمال في البلدين.

وأعلنت الحكومة المصرية خلال المنتدى عن «تسهيلات استثمارية» جديدة لرجال الأعمال القطريين، وقرّر وزير الاستثمار المصري تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة بين بلاده وقطر، وفق ما جاء في بيان رسمي عن الحكومة المصرية.

وانعكس التقارب في العلاقات على حجم التعاون الاقتصادي، إذ وقّعت مصر وقطر في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم»، بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح بشمال غربي مصر، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار.

ووقتها، قال رئيس الوزراء المصري إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري «يُشكّل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وقبل أيام وقَّعت مصر مع شركة «المانع» القابضة القطرية عقد مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام بمنطقة السخنة التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية تبلغ 200 مليون دولار.

مسؤولون مصريون حرصوا على المشاركة في عيد قطر الوطني (مجلس الوزراء المصري)

وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في مصر نحو 3.2 مليار دولار، موزعة على أكثر من 266 شركة، تعمل في قطاعات متنوعة، منها المالي والصناعي والسياحي؛ كما ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 143 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، في مقابل 80 مليون دولار عام 2023، بمعدل نمو يقترب إلى 80 في المائة، وفق إحصاءات وزارة الاستثمار المصرية.

وبمناسبة «العيد الوطني»، نقلت وكالة الأنباء القطرية تصريحات، الثلاثاء، للسفير المصري في الدوحة وليد فهمي الفقي قال فيها إن العلاقات بين مصر وقطر «أخوية وراسخة، وتمتد جذورها عبر عقود من التعاون المشترك، وتشهد اليوم مرحلة جديدة من الزخم والنماء بفضل الإرادة السياسية، والرؤية المتوافقة لقيادتي البلدين».

وأشار إلى «التطور الملحوظ في العلاقات بين القاهرة والدوحة خلال السنوات الأخيرة، من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، وتعزيز التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والثقافة».

وأضاف: «التعاون المصري القطري في الملف الفلسطيني يُمثّل نموذجاً بارزاً للتنسيق البنَّاء بين البلدين، من خلال الجهود المشتركة لوقف العدوان على قطاع غزة، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني»، عادّاً أن قطر «أصبحت نموذجاً للدبلوماسية الهادئة والفاعلة القائمة على الحوار والاحترام المتبادل، ودولة مؤثرة تمتلك رؤية إنسانية ومسؤولية إقليمية ودولية متقدمة».

وتقود مصر وقطر، بالتعاون مع الولايات المتحدة، جهود الوساطة التي أدت إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعمل الدول الثلاث مع تركيا لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ باقي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في القطاع.


وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.