الزياني يشدد على دعم «حقوق المغرب في صحرائه»

قنصلية للبحرين في العيون ولهايتي في الداخلة

وزيرا الخارجية المغربي والبحريني خلال افتتاح قنصلية البحرين في العيون أمس (أ.ف.ب)
وزيرا الخارجية المغربي والبحريني خلال افتتاح قنصلية البحرين في العيون أمس (أ.ف.ب)
TT

الزياني يشدد على دعم «حقوق المغرب في صحرائه»

وزيرا الخارجية المغربي والبحريني خلال افتتاح قنصلية البحرين في العيون أمس (أ.ف.ب)
وزيرا الخارجية المغربي والبحريني خلال افتتاح قنصلية البحرين في العيون أمس (أ.ف.ب)

قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، إن كل ما يمس البحرين يمس المغرب، مشيراً إلى أن العلاقات المغربية - البحرينية هي علاقات خاصة ومتميزة وقائمة على الصفاء والإخاء والتضامن الدائم.
جاء ذلك في كلمة له بمناسبة افتتاحه أمس رفقة نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني القنصلية العامة لمملكة البحرين في العيون، كبرى مدن الصحراء المغربية.
وعَد بوريطة افتتاح القنصلية البحرينية في العيون دليلاً أكيداً ولا محيد عنه للتضامن الموصول بين المملكتين. وأوضح أن التضامن «ليس شعاراً دبلوماسياً بل هو واقع ملموس رأيناه في مجموعة من المحطات»، مشيراً إلى أن المغرب لم يتوان من جانبه عن الوقوف بجانب مملكة البحرين في كل ما يمس استقرارها ووحدتها خاصة أمام التدخلات الإيرانية، مشدداً على أن كل ما يمس البحرين يمس المغرب.
واعتبر بوريطة أيضاً افتتاح القنصلية العامة البحرينية «تجسيداً للموقف الثابت لمملكة البحرين إزاء مشروعية حق المغرب في صحرائه، ولمنطق التضامن والدفاع عن وحدة التراب المغربي التي كانت البحرين دائماً مدافعة عنها في كل الملتقيات والاجتماعات الدولية».
وكان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد أبلغ الملك محمد السادس، في اتصال هاتفي جرى بينهما يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بقرار مملكة البحرين فتح قنصلية عامة لها بمدينة العيون. وأصدر عاهل البحرين، الأحد، مرسوماً ملكياً يقضي بإنشاء قنصلية عامة لبلاده في العيون. ودعا المرسوم، الذي نشرته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، وزير الخارجية البحريني لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتنفيذ هذا المرسوم وتفعيله.
من جهته، قال وزير الخارجية البحريني إن افتتاح القنصلية العامة لمملكة البحرين في العيون، يشكل «مرحلة تاريخية» في العلاقات الوطيدة بين المملكتين. وأضاف الزياني أنه «يشكل مرحلة تاريخية تأتي لتكريس الدعم الكامل لمملكة البحرين وتضامنها الراسخ مع المغرب تأكيداً لحقوقه التاريخية والمشروعة على صحرائه».
وأوضح وزير الخارجية البحريني أن البلدين يرسيان اليوم «لبنة إضافية في صرح علاقاتهما الوطيدة والراسخة»، مشيراً إلى أن بلاده «ستظل دوماً إلى جانب المغرب» في الدفاع عن وحدته الترابية وصون سيادته على كامل ترابه. كما أبدى ارتياحه لتميز الأواصر الثنائية التي تشكل مثالاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول الشقيقة، معرباً عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون متعدد الأبعاد مع المغرب، وفق توجيهات العاهل البحريني.
وأشار الزياني إلى أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة ثمّن عالياً الاعتراف الأميركي الداعم للسيادة التامة والكاملة للمغرب على صحرائه والافتتاح المرتقب لقنصلية عامة للولايات المتحدة بالداخلة، معتبراً القرار «خطوة تاريخية» من شأنها حفز الشراكة الاستراتيجية بين المملكتين.
كما أكد الزياني الموقف الثابت للبحرين والمغرب النصير للقضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن البلدين لا ينفكان عن نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين.
بدورها، عرفت مدينة الداخلة، ثاني أكبر مدن الصحراء، أمس الاثنين، افتتاح القنصلية العامة لجمهورية هايتي. وبذلك أصبح عدد القنصليات التي افتتحت في الصحراء المغربية 18 قنصلية على أن يرتفع عددها قريباً إلى 20 مع افتتاح قنصلية الأردن في العيون، والقنصلية الأميركية بالداخلة.
وافتتحت في العيون حتى الآن قنصليات 10 دول هي: جزر القمر، والغابون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية ساو تومي وبرينسيب، وكوت ديفوار، وبوروندي، وزامبيا، ومملكة استواني، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين.
وفي الداخلة، افتتحت قنصليات ثماني دول هي: غامبيا، وغينيا كوناكري، وجيبوتي، وليبيريا، وغينيا الاستوائية، وغينيا بيساو، وبوركينا فاسو، وهايتي.
وقال بوريطة، أمس الاثنين في الداخلة، إن توالي فتح القنصليات، بالإضافة إلى ما يمثله من دعم لمغربية الصحراء، يجعل من الداخلة مركزاً قنصلياً ودبلوماسياً مهماً ونقطة ربط بين أفريقيا جنوب الصحراء وشمالها.
وأبرز بوريطة، في تصريح للصحافة عقب افتتاح قنصلية عامة لهايتي بالداخلة، إن «الجميع يرى في مدينة الداخلة مركزاً مهماً بالنظر إلى موقعها الجغرافي والإمكانيات التي تتيحها، وكذلك آفاق النمو التي تتوفر عليها». وأضاف أنه «بعد افتتاح قنصلية هايتي، الذي يأتي في إطار النهج الذي خططه الملك محمد السادس فيما يخص تأكيد مغربية الصحراء، قد نشهد خلال هذا الأسبوع افتتاح قنصلية أو اثنتين في الداخلة، بالإضافة إلى عزم الولايات المتحدة فتح قنصلية لها بالمدينة».
وأشار بوريطة إلى أنه «سيتم فتح قنصليات أخرى في إطار نهج تكريس مغربية الصحراء بالاعتراف الدولي والمواقف الدولية الثابتة».
من جهته، أكد سفير جمهورية هايتي في كندا، ويبير آرثوس، أن افتتاح هذه التمثيلية الدبلوماسية يكتسي أهمية كبرى، من حيث أنه يجسد دعم جمهورية هايتي لمغربية الصحراء، كما يشكل فرصة للتقارب بين الشعبين المغربي والهايتي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.