الجيش الإسرائيلي ينسى أربعة جنود وراء الحدود مع سوريا والأردن

مع تنامي نشاطه في الجنوب الشرقي للجولان

TT

الجيش الإسرائيلي ينسى أربعة جنود وراء الحدود مع سوريا والأردن

في الوقت الذي يتنامى فيه النشاط الإسرائيلي في الجنوب الشرقي للجولان، حيث تسيطر ميليشيات إيرانية من جهة وميليشيات داعشية من جهة أخرى، كشف النقاب في تل أبيب أن فرقة من الجيش الإسرائيلي دخلت إلى هذه المنطقة للقيام بـ«عمليات صيانة للحدود»، ونسيت وراء الحدود أربعة جنود من عناصرها، ولم تكتشف فقدانهم إلا بعد 50 دقيقة. وقد عادت وانتشلتهم وأعادتهم إلى قواعدهم سالمين.
وقد وقع الحادث في منطقة الحمة، على مثلث الحدود بين إسرائيل وسوريا والأردن، حيث يقيم الجيش سياجاً مزدوجاً، ليترك منطقة حرام تابعة لإسرائيل ولكنها لا تستخدم إلا في حالات الضرورة القصوى. وفي هذه الحالة، دخلت قوة من الجيش الإسرائيلي مسنودة بالدبابات لتنفيذ عمليات صيانة في أجهزة الرصد المزروعة في المنطقة الحرام. وبعد انتهاء العملية، انسحبت القوة الإسرائيلية وأغلقت البوابة الحديدة الإلكترونية وراءها. وبعد 50 دقيقة، اكتشف قائد القوة أن هناك ثلاثة جنود وجندية من سلاح الهندسة لم يعودوا. ثم وجدوا داخل سيارة عسكرية يحملون أسلحتهم وينتظرون إخراجهم. وتمت إعادتهم إلى قواعدهم سالمين.
واعتبر خبراء عسكريون هذا الحدث خطيراً لأن الجنود المذكورين كانوا مكشوفين أمام ميليشيات حزب الله من جهة وداعش من جهة ثانية، وهم ليسوا من العناصر ذات الخبرة القتالية، ولذلك فقد بوشر بالتحقيق في الحادث.
يذكر أن هذه المنطقة تشهد في الشهور الأخيرة حراكاً كبيراً للميليشيات، تصل إلى حالة الفوضى، حيث يفقد النظام السوري سيطرته. وحسب تقرير أعده مدير عام معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، الجنرال أودي ديكل، فإن هذا الوضع يتطلب تدخلاً إسرائيلياً هناك. وقال إن الجنوب السوري، بات «ساحة خلفية لإيران ورافعة لمهاجمة إسرائيل، في حال أرادت طهران القيام بعمليات مثل الرد على اغتيال عالمها النووي، محسن فخري زادة. وأكد أن هناك لاعبين كثيرين في هذه المنطقة، لديهم مصالح متناقضة، ولكن تجمع غالبيتهم مصلحة العداء لإسرائيل، هم: قوات النظام، وميليشيات محلية مدعومة من إيران، وحزب الله اللبناني، وقوات روسية وسكان محليون «سنة ودروز» معارضون لنظام بشار الأسد ولديهم كميات كبيرة من الأسلحة.
وأضاف التقرير أن روسيا كانت قد تعهدت للولايات المتحدة وإسرائيل والأردن، في عام 2018، بإبعاد القوات الإيرانية عن هذه المنطقة، مقابل عدم تدخل هذه الدول. وخلافاً لمناطق سورية أخرى تم طرد سكانها، فإن هذا لم يحدث لسكان جنوب سوريا، الذين كانوا مع المعارضة، وبعد اتفاقيات التسوية بينهم وبين النظام بوساطة روسيا، جرى تجنيدهم لقوات الأمن المحلية الخاضعة للنظام مقابل تعهد بعدم الانتقام منهم. وتقسم هذه المنطقة إلى ثلاث محافظات: درعا، ويسكن فيها مليون نسمة تخضع لـ«وجهاء محليين» كانوا ينتمون في الماضي لقوات المعارضة، وهنا يبدو حضور قوات النظام ضعيفا، ولكن توجد ميليشيات موالية لإيران وفيلق يخضع لتأثير روسي، ثم محافظة القنيطرة، ويسكنها 90 ألف نسمة، ويبرز فيها حضور حزب الله، ومحافظة السويداء التي يسكننها 1.5 مليون نسمة، وتسيطر عليها قوات معظمها من الطائفة الدرزية، وبدأ يتنامى فيها حضور متزايد لمؤيدي إيران. ويلاحظ حتى تنامي المنافسة بين روسيا وإيران، «رغم أنهما شريكتان في التحالف الداعم للأسد». وفي الوقت ذاته، يشير التقرير إلى أن نظام الأسد يتخذ عملياً سياسة «الحياد السلبي» حيال هذه المنافسة، ويسمح بالصراعات المحلية بين اللاعبين المختلفين من أجل منع تموضع جهة قوية واحدة في هذه المنطقة».



جبايات انقلابية في صنعاء تفاقم معاناة اليمنيين

متسوقون في سوبر ماركت في صنعاء قبل أيام قليلة من عيد الأضحى الماضي (أ.ب)
متسوقون في سوبر ماركت في صنعاء قبل أيام قليلة من عيد الأضحى الماضي (أ.ب)
TT

جبايات انقلابية في صنعاء تفاقم معاناة اليمنيين

متسوقون في سوبر ماركت في صنعاء قبل أيام قليلة من عيد الأضحى الماضي (أ.ب)
متسوقون في سوبر ماركت في صنعاء قبل أيام قليلة من عيد الأضحى الماضي (أ.ب)

اضطر مجيب ناصر إلى بيع عربته التي قام بتصميمها قبل سنوات عدة لاستخدامها في بيع البطاطس المسلوقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وأخذ يفكر منذ شهرين في نشاط تجاري لا تطاله الجبايات أو تمنعه الإتاوات من الاستقرار، ويخشى أنه لن يصل إلى نتيجة.

يقول ناصر لـ«الشرق الأوسط» إنه لجأ أكثر من مرة إلى تغيير مواقع عمله؛ هرباً من المشرفين الحوثيين الذين ينتزعون يومياً وأسبوعياً وشهرياً مبالغ كبيرة من دخله، لكنه فوجئ أخيراً بتراكم المبالغ والغرامات التي قُيِّدت عليه؛ نتيجة تنقلاته قبل سداد الجبايات المفروضة عليه، واكتشف أن لدى سلطات الجماعة وسائل رقابة وسجلات منظمة للجبايات.

باعة متجولون في صنعاء يعرضون «الكدم» وهو أحد أنواع الخبز الشهيرة في اليمن (رويترز)

كان ناصر معلماً، اضطره توقف رواتب المعلمين إلى بيع البطاطس المسلوقة، وهي مهنة يزاولها آلاف اليمنيين؛ نظراً لإقبال السكان على تناول هذه الوجبة زهيدة الثمن طوال اليوم، ورغم أنها أصبحت مزدحمة بآلاف العاطلين المقبلين عليها، فإن ذلك الزحام لم يسبب تراجعاً في مداخليهم، كما فعلت الجبايات والإتاوات إلى درجة دفعتهم إلى التخلي عنها.

واشتكى التجار وملاك المحال التجارية والباعة المتجولون في صنعاء ومدن أخرى، خلال الأيام الماضية، من عودة أتباع الجماعة الحوثية لفرض جبايات جديدة عليهم، بعد شبه توقف منذ عيد الأضحى الماضي، الذي يعدّ أحد أهم مواسم الجبايات طوال العام، في الوقت نفسه الذي أقرّت فيه الجماعة زيادة رسوم قطاعات خدمية عمومية.

وأكد عدد من ملاك المحال التجارية أن المسلحين الحوثيين المكلفين جمع الجبايات منهم، يحملون خلال زياراتهم أجهزة كومبيوتر محمولة أو لوحية مُحمّلة بأنظمة وسجلات إلكترونية تتضمن البيانات المالية لمختلف المستهدفين بالجبايات، بمَن فيهم الباعة المتجولون.

وتبعاً لذلك، فإن لدى الجماعة الحوثية القدرة على فرض غرامات على كل مَن ينقل محل نشاطه التجاري أو يفتتح نشاطاً آخر دون أن يبلغها مسبقاً، ويعمل على تصفية ما عليه من مبالغ تم فرضها كجبايات دورية، أسبوعية أو شهرية أو فصلية أو سنوية.

تأجير المساحات العامة

منذ مارس (آذار) الماضي بدأت الجماعة الحوثية تحصيل آلاف الدولارات من الباعة المتجولين وأصحاب البسطات في سوق شرق العاصمة صنعاء بالقوة، نظير إيجار للمساحات التي يشغلونها لممارسة أنشطتهم التجارية.

وكشفت وثيقة أن القيادي في الجماعة نجيب شرف الدين، الذي عينته وكيلاً لأمانة العاصمة لشؤون الاستثمار، كلف أحد أتباعها ويدعى محمد الجبر، مهام مسؤول سوق الزهراوي في حي الصافية؛ لتحصيل الجبايات من الباعة وأصحاب البسطات.

اتفاق بين قيادات حوثية على تحصيل الجبايات من الباعة المتجولين في إحدى أسواق صنعاء (إكس)

وبموجب الاتفاق بين شرف الدين والجبر، يلتزم الثاني بتوريد ما يزيد على 4700 دولار شهرياً (2.5 مليون ريال يمني) إلى خزينة المدينة التي يسيطر عليها الأول، بعد أن يعمل على استقطاع مستحقاته والفريق العامل معه. وأشرف على الاتفاق القيادي الحوثي حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة صنعاء.

ووفقاً لمصادر مطلعة؛ فإن هذا المبلغ يزيد على المبلغ الذي كان يتم تحصيله سابقاً بأكثر من الضعفين، إذ كان يتم توريد نحو 1500 دولار شهرياً فقط (800 ألف ريال)، قبل مارس (آذار) الماضي.

وفي سياق آخر، ذكرت مصادر في جامعة صنعاء أن إدارة الجامعة المعينة من الجماعة الحوثية رفعت رسوم السكن الطلابي إلى أكثر من 500 في المائة بالتزامن مع بدء العام الجامعي الجديد، ووصل المبلغ المفروض على كل غرفة إلى نحو 57 دولاراً (30 ألف ريال يمني) بعد أن كان أقل من 10 دولارات (5 آلاف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 530 ريالاً.

وكان السكن الطلابي في جامعة صنعاء، قبل هذه الزيادة، خدمة شبه مجانية للطلاب القادمين من الأرياف والمناطق النائية، ويتم تحصيل رسوم رمزية مقابل خدمات النظافة وتوفير المتطلبات الضرورية.

الجبايات الحوثية المفروضة على الباعة والتجار والمحلات تضاعف الأسعار (رويترز)

وأثارت هذه الزيادة استياءً بين طلاب الجامعة والأوساط الأكاديمية، حيث يُنظر لها بوصفها جزءاً من مخطط تحويل الجامعات اليمنية والمؤسسات التعليمية إلى مصادر للإيرادات والجبايات على حساب الخدمات العلمية والتعليمية التي تواجه الإهمال والتدهور، بحسب المصادر.

وتوقّعت المصادر أن يضطر عشرات الطلاب إلى مغادرة السكن الجامعي نظراً لعدم مقدرتهم على دفع تلك المبالغ، خصوصاً مع زيادة كبيرة في رسوم مختلف الخدمات التعليمية والكتب والمستلزمات الدراسية، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغلاء الأسعار الذي يشمل مختلف نواحي الحياة.

ابتزاز باسم المستهلكين

يواجه ملاك المخابز في صنعاء خطر الإفلاس بعد فرض جبايات جديدة عليهم، مع إجبارهم على بيع الخبز بالتسعيرة السابقة نفسها ودون تغيير في أحجام أو أوزان الأرغفة.

وأفادت مصادر تجارية بأن الجماعة الحوثية كلفت، عبر قطاع التجارة الذي تسيطر عليه، فرقاً للنزول الميداني اليومي للرقابة على أوزان وأحجام الأرغفة وأسعارها، وتحصيل غرامات فورية على أي مالك مخبز يتم اتهامه بارتكاب مخالفة، حيث تحدث مشادات واشتباكات شبه يومية بين ملاك المخابز وأفراد فرق الجبايات الحوثية.

عامل في مخبز في صنعاء حيث يواجه ملاك المخابز حملات جباية حوثية تهددهم بالإفلاس (أ.ف.ب)

ويعاني ملّاك المخابز مما يسمونه «الابتزاز» الذي يمارسه أتباع الجماعة المكلفين جمع الجبايات، والرقابة على الأوزان والأسعار، تحت مبرر حماية المستهلك من الاستغلال بمنع رفع سعر الخبز، إذ يتم إجبارهم على البيع بالتسعيرة المُقرَّة، بينما تتسبب الجبايات والغرامات في إلحاق الخسائر بهم، دون مراعاة لحقوقهم في تحقيق الأرباح.

وفرضت الجماعة الحوثية، العام الماضي، تسعيرة جديدة للخبز أقل من التسعيرة السابقة، تحت مبرر انخفاض أسعار القمح، إلا أنها وفي موازاة ذلك زادت من فرض الجبايات على ملاك المخابز تحت مسميات متعددة، ومن بينها جبايات لدعم المقاتلين في الجبهات ودعم الاحتفالات بالمناسبات الخاصة بالجماعة، بالإضافة إلى المساهمة في تمويل نظافة الشوارع، وصيانة الطرقات.