موريتانيا تفرض حظر تجول جزئياً لمواجهة موجة عنيفة من الفيروس

حذرت مواطنيها من خطورة الوضع وطلبت دعماً دولياً

TT

موريتانيا تفرض حظر تجول جزئياً لمواجهة موجة عنيفة من الفيروس

فرضت السلطات الموريتانية، أمس (الأحد)، حظر تجول جزئياً على عموم البلاد، للوقوف في وجه موجة ثانية عنيفة من جائحة «كورونا»، بينما قالت الرئاسة في بيان موجّه إلى الرأي العام إن الوضع الصحي في البلاد أصبح «مقلقاً»، في ظل ارتفاع أعداد المصابين وتزايد الوفيات بشكل ملحوظ. وسجلت السلطات الصحية الموريتانية خلال الأيام الأخيرة آلاف الإصابات بالفيروس في البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين، كما سجل ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الوفيات، إذ وصلت في غضون أسبوع لقرابة 50 وفاة بسبب الفيروس.
وكان الدكتور سيدي ولد الزحاف، المنسق الوطني لمواجهة جائحة «كورونا» المستجد، قد وجه «نداء إلى المواطنين» في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس (السبت)، في نواكشوط، قال فيه إن «منحنى الإصابات في تصاعد، والحالات الجديدة في تزايد، بما في ذلك الحالات المعقدة التي تحتاج الحجز الصحي». وأضاف ولد الزحاف، وهو المسؤول الممسك بملف الجائحة منذ مارس (آذار) الماضي، أن «نسبة الأسرة الطبية المشغولة وصلت إلى 60 في المائة، وفي حال استمرت الوتيرة على هذا النحو فسنصل لقدرتنا القصوى، وبالتالي قد نشهد مشاكل في استقبال المرضى والتكفل بهم». وخلص ولد الزحاف إلى مخاطبة المواطنين قائلاً: «في النهاية تدارك الأمر يتوقف علينا جميعاً، كما أن تزايد الحالات يرجع لسلوك كل واحد منا».
في غضون ذلك، فرضت وزارة الداخلية الموريتانية حظر التجول الجزئي مساء أمس، ابتداء من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً، من دون أن تحدد الفترة التي سيبقى فيها حظر التجول سارياً، مكتفية بتوجيه طلب إلى المواطنين بضرورة «الالتزام والتقيد بالضوابط المطبقة في مثل هذه الظروف». وسبق أن أغلقت السلطات الموريتانية المؤسسات التعليمية في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمدة عشرة أيام، قبل أن تمدد إغلاقها حتى الرابع من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأطلقت حملة توعية وتعقيم في الأسواق والأماكن العامة.
وسجلت موريتانيا في أقل من شهر أكثر من ستين وفاة بسبب الفيروس، وقرابة ثلاثة آلاف إصابة مؤكدة، وتشير توقعات المسؤولين إلى تضاعف هذه الأعداد في حالة لم تنجح الإجراءات في تسطيح المنحنى والحد من تزايد عدد الإصابات، خصوصاً تلك التي تحتاج إلى رعاية صحية في المستشفيات.
من جانبها، أعلنت الرئاسة الموريتانية أن البلاد تشهد «ارتفاعاً مقلقاً» في عدد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، مشيرة إلى أن قرار حظر التجول الجزئي يأتي «تعزيزاً للجهد الوقائي والاحترازي العام الذي هو لحد الآن أقوى أسلحتنا في وجه الجائحة».
وأعلنت الرئاسة الموريتانية أنه بالإضافة إلى حظر التجول الجزئي، فقد تقرر أيضاً إنهاء الدوام في الإدارات والمكاتب عند الساعة الرابعة مساء، بالإضافة إلى «الصرامة» في التقيد بعدد ركاب السيارات الخاصة وسيارات النقل الحضري، وفرض ارتداء الكمامات على جميع الركاب.
وبخصوص صلاة الجمعة فقد أعلنت الرئاسة الموريتانية أن «وزارة التوجيه الإسلامي بعد التشاور مع رابطتي العلماء والأئمة ستعلن عما يتقرر»، في ظل توقعات بتعليق صلاة الجمعة إذا استمر منحنى المصابين في التصاعد، وربما إغلاق المساجد. وسجلت موريتانيا، منذ مارس (آذار) الماضي، 10780 إصابة مؤكدة بالفيروس، من ضمنها 8022 مصاباً شُفوا من المرض، وتوفي 222 مصاباً، فيما توجد أمس 2536 إصابة نشطة في البلاد، من ضمنها 40 مصاباً وضعهم الصحي «حرج»، و95 مصاباً عندهم أعراض خفيفة، و2401 من دون أي أعراض.
ولا تزال المصالح الصحية الموريتانية تواجه نقصاً في الفحوصات، إذ يصل معدل الفحوصات اليومية إلى قرابة 1500 فحص، بالإضافة إلى نقص حاد في غرف الإنعاش وأجهزة التنفس، إذ تصل القدرة الاستيعابية في البلاد إلى قرابة مائة سرير إنعاش فقط. وأمام هذه الوضعية اجتمع وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بأعضاء السلك الدبلوماسي في البلاد، وأبلغهم أن الوضع الوبائي في البلاد وصل إلى «مستويات مقلقة»، وناقش معهم الدعم الذي يمكن أن تحصل عليه موريتانيا لمواجهة هذا الوضع الصعب، وتعهد بعض السفراء بتقديم الدعم المطلوب.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.