الراعي يدعو إلى عدم تعطيل مسار التحقيق بانفجار المرفأ

TT

الراعي يدعو إلى عدم تعطيل مسار التحقيق بانفجار المرفأ

أعرب البطريرك الماروني بشارة الراعي عن أمله بألا تعطل ردود الفعل السياسية والطائفية والقانونية مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الصيف الماضي، معتبراً أن الانقسام الطائفي «لا مبرر له»، إثر الانتقادات لادعاء المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال و3 وزراء آخرين، واتهامات له بـ«الانتقائية».
وأمل الراعي، أمس: «ألا تخلق ردود الفعل انقساماً وطنياً على أساس طائفي لا نجد له مبرراً، خصوصاً أننا جميعاً حريصون على موقع رئاسة الحكومة وسائر المواقع الدستورية والوطنية والدينية». وأكد أن «الحرص على هذه المواقع لا يُفترض أن يتعارض مع سير العدالة، لا بل إن مناعة هذه المواقع هي من مناعة القضاء الذي يحميهم جميعاً فيما هم خاضعون له ككل مواطن عادي. فالعدالة هي أساس الملك، ولذا نحن لا نغطي أحداً. ولا نتدخل في شأن أي تحقيق قضائي».
وأثار ادعاء صوان على دياب و3 وزراء سابقين آخرين هم علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، موجة انتقادات واتهامات بـ«الانتقائية» بسبب عدم شمول الاستدعاءات شخصيات أخرى كان أدرجها في رسالته إلى البرلمان في وقت سابق، وبينهم وزراء العدل السابقون القريبون من «التيار الوطني الحر». وتضامن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان مع دياب، دفاعاً عن موقع رئاسة الحكومة.
وقال الراعي إن «جميع الناس، وأولهم المسؤولون، هم تحت سقف العدالة والمحاكم المختصة. أما هيبةُ المؤسسات وما تُمثلُ فيجب أن تكون قوة للقضاء». وشدد على أنه «لا يوجد أي تناقض بين احترام المقامات الدستورية والميثاقية التي نحرص عليها وبين عمل القضاء، خصوصاً أن تحقيق العدالة هو ما يصون كل المقامات والمرجعيات».
ولا تزال خطوة صوان محط انتقادات. وغداة إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه يرى في هذه الخطوة «خطأً في الشكل، إلا أنّها لا تستحقّ ردّة الفعل التي شهدنا عليها في الساعات الأخيرة»، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنيس نصار في تصريح إذاعي إن «نظرية الاستهداف السياسي موجودة دائماً لحرف الأنظار عن المسؤولين الحقيقيين»، مستغرباً «رفع المتاريس الطائفية ضد التحقيق الجاري في أكبر جريمة بتاريخ لبنان». ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى «الإدلاء بإفادته في حال لم يكن لديه أي شيء يخفيه»، مؤكداً أن «دياب فشل في مهمته كرئيس حكومة، ولكن ذلك لا يعني أنه فاسد».
وفي مقابل انتقاد قوى سياسية لخطوة القاضي صوان وفي مقدمها «تيار المستقبل»، ورؤساء الحكومات السابقة و«حركة أمل» و«حزب الله»، يؤيد «التيار الوطني الحر» القرار. ورأت هيئته السياسية، أول من أمس، أن «اللجوء إلى التجييش الطائفي والمذهبي للرد على الأخطاء أو الشوائب يشكل إساءة لضحايا الانفجار ومقاربة فئوية لجريمة أصابت اللبنانيين جميعاً من دون تمييز».
وفي سياق متصل، بالقضاء أيضاً، أعرب الراعي، أمس، عن قلقه «من طريقة مكافحة هذا الفساد، إذ بدت كأنها صراع بين مؤسسات الدولة وسلطاتها ومواقعها على حساب الشفافية والنزاهة، وعلى حساب دور القضاء وصلاحياته». وقال إن «قضاء لبنان منارة العدالة»، داعياً «السياسيين والطائفيين والمذهبيين» إلى أن يرفعوا أياديهم عنه «ليتمكن هو من تشذيب نفسه والاحتفاظ بالقضاة الشرفاء والشجعان فقط الذين يرفضون العدالة الكيدية والمنتقاة والانتقامية أو العدالة ذات الغرف السوداء، المعنية بتدبيج ملفاتٍ وتمريرها إلى هذا وهذه وذاك». وقال إن «كرامة الناس، أكانوا من العامة أو من المسؤولين، ليست ملك السلطة والإعلام وبعض القضاة».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».