التحالف الداعم للحكومة التونسية يدفع نحو تعديل وزاري

TT

التحالف الداعم للحكومة التونسية يدفع نحو تعديل وزاري

يدفع التحالف البرلماني الداعم لحكومة هشام المشيشي في تونس باتجاه إجراء تعديل وزاري تصبح من خلاله الحكومة سياسية، بدل حكومة الكفاءات التي أعلن المشيشي عن تشكيلها قبل نحو 100 يوم.
وتختلف أهداف الائتلاف الثلاثي الداعم للحكومة، المكون من «حركة النهضة» وحزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، فحزب «قلب تونس» يدفع، من خلال تصريحات رئيسه نبيل القروي، نحو تعديل وزاري عميق يغير صبغة الحكومة الحالية، ويلاقي هذا الحزب رفضاً من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي يصنفه ضمن قائمة الفاسدين، في إشارة إلى قضايا التهرب الضريبي وتبييض الأموال المتعلقة برئيسه، ويرفض مشاركته في مبادرات الحوار السيسي لحل الأزمة، وهو ما يجعل حزب «قلب تونس» يسعى إلى «الإطاحة بمن يعتقد أنهم وزراء الرئيس» في حكومة المشيشي.
ويساند «ائتلاف الكرامة» الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف فكرة التعجيل بإجراء تعديل حكومي، على أمل أن يحصل الحزب على حقائب وزارية، بعد أن دعم حكومة المشيشي وأنقذها، إلى جانب «النهضة» و«قلب تونس»، من السقوط في اللحظات الأخيرة عند التصويت على نيلها الثقة في بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وخلافاً لحزب «قلب تونس»، فإن «حركة النهضة» لا تبدو -وفق مراقبين- مستعجلة لإجراء تعديل وزاري عاجل، وترجح قياداتها حسم ملف التعديل في شهر مارس (آذار) المقبل، في انتظار الحسم في مبادرة الحوار السياسي التي طرحها اتحاد الشغل (نقابة العمال) على الرئيس التونسي، وطلب منه الإشراف على الحوار، وتعيين أعضاء «هيئة حكماء» تتولى مهمة الإعداد لهذا الحوار.
ولا يعترض المشيشي على إجراء تعديل وزاري، وأكد في تصريحات سابقة أن «التحوير الوزاري سيكون على أساس التقييم، ومدى النجاح في تحقيق الأهداف»، وأضاف أنه لا عقدة له في هذه المسألة، وإذا استوجب الأمر التعديل فإنه سيقدم على ذلك.
وفي السياق ذاته، دعا حسونة الناصفي، رئيس كتلة «الإصلاح الوطني» الداعمة للحكومة، إلى إقرار تعديلات ومراجعات على تركيبة الحكومة، وانتقد بعض وزراء حكومة المشيشي، بقوله: «إنهم عجزوا عن حل بعض الملفات العالقة، ولم يتمكنوا من إدارة الأزمات، بل هناك من كان وراء تلك الأزمات». وتساند كتلة «الإصلاح» تعديلاً وزارياً يعطي جدوى لعمل الحكومة ويحسن أداءها، لا تحويراً يغير الأشخاص فحسب.
ويرى المحلل السياسي التونسي بسام الحمدي أن أحزاب الائتلاف البرلماني الداعم للحكومة طوعت قانون المالية لسنة 2021 لتحقيق أهداف سياسية، واستعماله ورقة ضغط على رئيس الحكومة، من أجل استجابة المشيشي لمطالب «ترويكا انتخابات 2019»، وهي تتعلق أساساً بتعيين أسماء من قياداتها في تركيبة الحكومة، لكسب نفوذ في السلطة التنفيذية يتساوى ونفوذها على المستوى البرلماني.
ويؤكد الحمدي أن «حركة النهضة» وحلفاءها حققوا مكاسب سياسية مهمة خلال الآونة الأخيرة: أولها تجنب منح سلطة التحكم في المجال الاقتصادي لرئيس الجمهورية، وثانياً رد الجميل لمن منحهم التمويل المالي خلال الانتخابات، وثالثاً إحراج حكومة المشيشي بالتصديق على قانون مالية لا يتضمن أي إجراءات اجتماعية قد تطفئ الاحتقان الاجتماعي المتوقع انفجاره في عدد من مناطق البلاد.
وفي غضون ذلك، عد زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب» المعارضة، أن إسقاط نواب الأغلبية الحاكمة في البرلمان فصولاً من ميزانية 2021، وتمرير أخرى غير شعبية، يعد «فضيحة لم يشهدها البرلمان من قبل، ويدل على وجود عملية بيع وشراء وسمسرة»، على حد قوله.
وأضاف في كلمة ألقاها بمقر البرلمان أمس، خلال وقفة احتجاجية انتظمت لمساندة الاعتصام الذي ينفذه نواب الكتلة الديمقراطية، أن اعتصامهم الذي ينبذ العنف، ويطالب رئاسة البرلمان بإدانته، متواصل داخل البرلمان، مؤكداً أنه سيتم الإعلان عن مفاجآت كبيرة.
وأشار إلى أن الاعتصام ليس فقط على خلفية ممارسة العنف ضدهم بالبرلمان، وإنما أيضاً من أجل تصحيح المسار، والوقوف ضد «العصابات» التي تستهدف تونس، على حد تعبيره، وهو «اعتصام ضد ميزانية التجويع»، وللدفاع عن المرأة التونسية، وعن المعطلين عن العمل وعمال الحضائر، ومن أجل التونسيين الذي ينتفضون في مختلف ولايات تونس.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.