تقرير: الدول الغنية تخزن لقاحات «كورونا» أكثر من حاجة سكانها

ممرضة تمسك بعبوة لقاح «كورونا» في أحد مستشفيات لندن (رويترز)
ممرضة تمسك بعبوة لقاح «كورونا» في أحد مستشفيات لندن (رويترز)
TT

تقرير: الدول الغنية تخزن لقاحات «كورونا» أكثر من حاجة سكانها

ممرضة تمسك بعبوة لقاح «كورونا» في أحد مستشفيات لندن (رويترز)
ممرضة تمسك بعبوة لقاح «كورونا» في أحد مستشفيات لندن (رويترز)

عندما تلقت البريطانية مارغريت كينان أول جرعة لقاح ضد فيروس كورونا الأسبوع الماضي، بدت نهاية الجائحة تلوح في الأفق، لكن الأمر قد يستغرق أشهراً صعبة، حسبما أورد تقرير إخباري.
وذكرت شبكة «إن إن» الأميركية، اليوم (الأحد)، أن طرح أول لقاح في وقت قياسي والموافقات القياسية المحتملة من اللقاحات الأخرى، يمثل نقطة تحول بالنسبة للبلدان الغنية، لأنها يمكنها تحمل تكلفة اللقاحات، لكن بالنسبة لمسؤولي الصحة العامة في العالم النامي، فإن هذا تذكير قاسٍ ومزعج لحقيقة مفادها أن السباق لإنهاء هذا الوباء القاتل سيفصل بين من يملكون في العالم ومن لا يملكون.
وعدت الشبكة الأميركية أن تخزين لقاح «كورونا» يرمز إلى حقيقة مريرة وهي عدم المساواة، والتي تجعل الكثيرين يشعرون بـ«السخرية» إزاء التضامن العالمي.
وتتسابق البلدان الغنية بشكل محموم على لقاح منذ شهور. تُظهر قاعدة البيانات المحدثة باستمرار - والتي يقوم بجمعها مركز الابتكار الصحي العالمي في جامعة دوق بولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة - صفقات ثنائية بمليارات الدولارات من بلدان قليلة للقاحات الناشئة.
وتابع التقرير أن العديد من البلدان والكتل الإقليمية لديها لقاحات متفق عليها مسبقاً ويمكن أن تغطي أكثر بكثير من مجموع سكانها.

* محاولات تأمين لقاح للفقراء
وقال التحالف الشعبي للقاحات، وهو هيئة مراقبة دولية للقاحات تضم منظمة العفو الدولية و«أوكسفام»، الأسبوع الماضي إن الدول الغنية اشترت ما يكفي من جرعات لقاح «كوفيد - 19» لتحصين سكانها ثلاث مرات.
وقامت الحكومة الكندية وحدها بتأمين ما يكفي من اللقاحات لتطعيم مواطنيها خمس أو حتى ست مرات، رغم أنه قد لا تتم الموافقة على استخدام جميع اللقاحات المرشحة التي طلبتها مسبقاً.
وقال التحالف الشعبي للقاحات، إن ما يقرب من 70 دولة، من ذوات الدخل المنخفض، ستكون قادرة فقط على تطعيم شخص واحد من بين كل 10 أشخاص.
ويعتبر البروفسور غريغوري هاسي من جامعة كيب تاون، وهو عضو في اللجنة الوزارية لتقديم المشورة لحكومة جنوب أفريقيا بشأن الوصول إلى لقاح لمواجهة فيروس كوفيد - 19: «إنه لأمر مخيب للآمال أنه رغم النية لتحقيق العدالة في جميع أنحاء العالم، فإن قومية اللقاح هي السائدة».
وفي حديث لشبكة «سي إن إن»، قال رئيس المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، جون نكينغاسونغ، إن عدم قدرة البلدان الفقيرة على الحصول على اللقاحات سيكون «كارثيا».
وتابع نكينغاسونغ: «اللحظة التي تحدثنا عنها جميعاً، عن التضامن والتعاون العالمي، هي الآن. الاختبار الحقيقي هو الآن في الواقع. فليس من الأخلاقي أن تملك بلدان معينة جرعات زائدة عن حاجتها من اللقاحات، في حين تعاني بلدان أخرى في العالم من عدم وجود جرعات من اللقاحات».
ويأتي هذا التحذير رغم تعهد الشركة المصنعة للقاح أسترازينيكا، المصنعة للقاح طورته جامعة أكسفورد، بتوفير 64 في المائة من جرعاتها لمواطني الدول النامية.
وتلتزم أسترازينيكا بإتاحة اللقاح على أساس غير ربحي للعالم النامي. ومن المتوقع أن يكون أرخص من الأنواع الأخرى، ويمكن تخزينه في درجات حرارة الثلاجة، مما يسهل توزيعه في جميع أنحاء العالم.
وتقود منظمة الصحة العالمية وتحالف «غافي» العالمي لإنتاج الأمصال واللقاحات برنامج «كوفاكس»، الذي يهدف للمساعدة على شراء ملياري جرعة من اللقاحات المعتمدة وتسليمها بحلول نهاية عام 2021. إلا أن دولاً تمكنت من تأمين إمداداتها من خلال اتفاقات ثنائية، من بينها الولايات المتحدة، أعلنت أنها لن تنضم إلى «كوفاكس».
وتُتخذ خطوات لضمان عدالة توزيع اللقاحات في جميع أنحاء العالم. وقد نجح تحالف (غافي) في تأمين 700 مليون جرعة من اللقاحات لتوزيعها على 92 دولة ذات دخل منخفض، فيما تغيب الولايات المتحدة وروسيا بشكل ملحوظ عن التوقيع على الاتفاق، وفقاً لـ«سي إن إن».

*مسؤولية أخلاقية
في الأسبوع الماضي، صرح الدكتور أنتوني فاوتسي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، والذي قال إنه كان يتحدث بصفته الشخصية، إن بلاده تتحمل «مسؤولية أخلاقية»، لضمان توزيع لقاحات «كوفيد - 19» بشكل عادل، فيما يدعو الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى حد كبير الذي يدعو الأميركيين إلى الحصول على اللقاحات أولاً.
وأردف التقرير أن الحصول العادل على اللقاحات ليس بالضرورة مجرد مسألة أموال. وقال متحدث باسم «غافا» لشبكة «سي إن إن» إن التحالف جمع أكثر من ملياري دولار لشراء لقاحات لأفقر البلدان ويحتاج إلى جمع أكثر من 5 مليارات دولار بحلول نهاية العام المقبل.
وتابع: «تظل أولويتنا تأمين التمويل اللازم لضمان حصول هذه البلدان على وصول سريع إلى لقاحات كوفيد - 19 المرشحة من خلال مرفق (كوفاكس)، لكن لا يمكن للمال شراء اللقاحات التي تم بيعها بالفعل».

* صفقات ثنائية «نظرية»
وأبرم المساهمون الرئيسيون في «كوفاكس»، مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا، بعضاً من أكبر الصفقات الثنائية مع شركات الأدوية. ويجادل التحالف الشعبي للقاحات بأن هذه الصفقات يمكن أن تقوض اتفاقية «كوفاكس» التي تمول من قبل تلك الدول.
في الواقع، تعد كندا واحدة من أكبر الجهات المانحة لبرنامج «كوفاكس» للسماح بالوصول العادل للقاح إلى البلدان الفقيرة.
في مقابلة يوم الجمعة، قالت وزيرة التنمية الدولية الكندية كارينا غولد إن بلادها بحاجة إلى «أخذ احتياطاتها»؛ لأن معظم اللقاحات لا تزال قيد التطوير، وبالتالي فتلك الاتفاقات الثنائية «نظرية فقط».
وقالت غولد: «لقد أبرمنا اتفاقيات مع عدد من شركات اللقاحات المختلفة، تماماً كما يفعل برنامج (كوفاكس)، مع الاعتراف بأن كل هذه اللقاحات قد لا تكون ناجحة»، مضيفة أن الحكومة ملتزمة بالوصول العادل والميسور التكلفة إلى لقاح.
وأردفت: «نحن لسنا دولة معزولة عن العالم. لدينا أصدقاء وعائلة وشركاء أعمال في كل منطقة من مناطق العالم. نريد فقط إعطاء الكنديين اللقاح وجعلهم آمنين، لكننا لا نريد الانفصال عن العالم».
وفي سياق متصل، قال الدكتور ريتشارد ميهينغو، منسق التحصين وتطوير اللقاحات في منظمة الصحة العالمية في منطقة أفريقيا، إنه يفهم أن البلدان بحاجة إلى ضمان تلقيح مواطنيها، لكنه وصف الصفقات الثنائية بأنها «حقيقة محزنة». وقال: «جمع الأموال شيء، والوصول إلى المنتج شيء آخر. التمويل لا يكفي إذا لم يكن هناك عرض. هذا يعقد الوضع».
وتهدف منظمة الصحة العالمية بإعطاء اللقاح إلى 20 في المائة من السكان في منطقة أفريقيا بحلول نهاية عام 2020. لكن التغطية الأكثر جدوى قد تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات.
يعتقد ميهينغو أن التأثيرات على الصحة العامة قد تكون شديدة إذا تفاقم الفيروس في المناطق التي تفشل في تأمين لقاح، وقال إنه بينما تقوم الدول الغنية بتلقيح مواطنيها، فمن المحتمل أن تصبح اللقاحات ضرورية للسفر والدراسة والتجارة.
وأشار التقرير إلى أن التأثير طويل المدى لأي تأخر في التطعيم في البلدان الفقيرة سيؤدي إلى توسيع نطاق التفاوتات العالمية.


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.