تصريحات وزير الإسكان السعودي تنعكس على مؤشرات السوق

عقاريون: تدخلات الوزارة بقرارات صارمة أكثر نفعا وأقل تكلفة منها كمنافس

تصريحات وزير الإسكان السعودي تنعكس على مؤشرات السوق
TT

تصريحات وزير الإسكان السعودي تنعكس على مؤشرات السوق

تصريحات وزير الإسكان السعودي تنعكس على مؤشرات السوق

انعكست تصريحات وزير الإسكان السعودي، في مجلس الشورى، على تسجيل القطاع انخفاضا جديدا في الطلب على العقارات، بعدما أكد أن الأسعار فوق الواقعية بأضعاف كثيرة، حيث أشار المؤشر العقاري إلى انخفاض مبيعات الأراضي السكنية التي دخلت دائرة جديدة من الركود، كما أن حركة المبيعات الأسبوعية تراجعت إلى ما يقارب 10 في المائة، مما يعني أن السوق لا تزال تسجل المزيد من الانخفاضات التي لا يعرف مداها.
وأوضح متخصصون أن تصريح الوزير شويش الضويحي هو بمثابة الإعلان عن ضرورة التوقف عن التعاطي بهذه الأسعار، كما أنه الحديث الأول لمسؤول حكومي يؤكد أن الأسعار ارتفعت إلى مستويات جنونية، قاطعا بذلك التكهنات التي تقول إنها ارتفاعات طبيعية تحدث مع زيادة الطلب والسكان، مما يفتح التكهنات حول فقاعة عقارية على وشك الانفجار في ظل تنامي العزوف بمستويات أكبر في كل أسبوع.
وقال ياسر المريشد، المستشار العقاري لعدد من القطاعات المالية، إن «تصريحات الوزير كلمة حق يجب أن تقال منذ زمن بعيد، فالقطاع ما زال يعتبر غير مهتم بتاتا بانخفاضات الطلب، بل حتى وصولها إلى مستويات قياسية، حيث يعتبر كثير من المستثمرين أن الأسعار الحالية في السوق واقعية وليست مبالغا فيها نتيجة ارتفاع الطلب والانفجار السكاني الذي تعيشه السعودية، إلا أنه عند قياس حركة السوق وهي المؤشر الحقيقي لعطاء السوق نجد أنها ضعيفة، وبالتالي يجب أن تنخفض الأسعار نتيجة قاعدة العرض والطلب، التي لا تعمل بها السوق العقارية منذ سنوات طويلة». وأضاف «من المفترض أن تقف الجهات المختصة عند أول ارتفاع غير مبرر في السوق، ولا يقتصر حديثها عند نسبة الارتفاع، فقياس الارتفاع والانخفاض متروك للإعلام والمختصين، ودور الجهات الحكومية هو التحرك بجدية للسيطرة الأسعار وليس تركها تتمادى ومن ثم التباكي عليها».
ويعتقد المريشد أن المضاربة بين التجار هي المسبب الرئيسي وراء هذه الزيادة التي تجاوزت أضعاف القيمة الحالية للعقار، وأن من واجبات المسؤولين عن القطاع السكني الآن حل المشكلة والقضاء عليها، خصوصا أنها من صميم عملهم.
يشار إلى أن وزارة العدل كشفت عبر رصدها أن نحو 94.0 في المائة من قيمة صفقات السوق العقارية ليست سوى مضاربات على أراض بيضاء لا بناء عليها ولا تطوير، وأن نشاط شركات التطوير جاء أقل مما كان مأمولا؛ فلم تتعد قيمة صفقاتها من السوق سقف 4.7 في المائة. كما كشفت أن حجم الثروات المدارة في السوق وصل خلال 2014 إلى نحو 449.7 مليار ريال، تركز نحو 94.0 في المائة من تلك السيولة المدارة على شراء وبيع أراض زراعية وقطع أراض، فيما لم يتجاوز نصيب المنتجات الإسكانية منها 4.7 في المائة من إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية (21.3 مليار ريال فقط).
وفي السياق ذاته، قال فيصل المشاري، وهو مستثمر عقاري «منذ عقود وسوق العقار السعودية تسير دون توجهات أو على دراسات واقعية أو خطط أو حتى خطوات ثابتة في التوزيع لتغطية تنامي الطلب، خصوصا في السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود أي طلب». وتوقع أن يشهد القطاع العقاري خلال الفترات المقبلة مزيدا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال، خصوصا أن القطاع الآن يعيش حالة من التعرية بعد تصريحات الوزير التي كشفت الحقيقة في شجاعة نادرة من مسؤول كبير.
وأكد المشاري أن القطاع يسير نحو الهبوط في الأداء دون تفريق في أذرعه الاستثمارية، إلا أن هناك فروعا عقارية تهوي بسرعة أكبر مثل الفيلات السكنية التي سجلت معدلات جديدة من الانخفاض لم تحققها منذ سنوات طويلة، وهي العلامة الفارقة في هذا العزوف، وهي التي سحبت السوق إلى القاع باعتبارها من القطاعات النشطة في أوقات سابقة، وبالتحديد خلال فترة منح القروض العقارية بتوسع، موضحا أن مؤشرات العدل أصبحت واضحة ولا تدع مكانا للتكهنات أو التلاعب، خصوصا أن القطاع السكني يعيش معدلات قياسية من التدني وهو الشيء الذي يجب تداركه في ظل توسع الحاجة إلى المساكن في ظل انتظار انفجار الفقاعة العقارية.
وتبين النشرات ربع السنوية التي تطلقها مؤسسة النقد العربي السعودي أن نسبة الزيادة السنوية في القروض العقارية للأفراد إلى قيمة الصفقات العقارية على الوحدات السكنية، قد ارتفعت من 92.0 في المائة خلال 2013، إلى 132.5 في المائة حتى نهاية الربع الثالث من 2014. ولعل هذا ما يفسر كثيرا الأثر الكبير الذي تركه تطبيق أنظمة التمويل العقاري أخيرا، ودوره الملموس في تراجع صفقات السوق العقارية طوال الأشهر القليلة الماضية.
من جهته، أكد ريان العنزي، المستشار العقاري، أن تقليم أظافر السوق من المنتفعين غير الشرعيين وكف يد الجشع الحاصل في القطاع، أهم من توفير الأراضي والفيلات، حيث إنه في حال توافر أسعار مناسبة للشراء فإن الأغلبية العظمى تستطيع الشراء، وتتبقى نسبة صغيرة يمكن معالجتها ببرامج وزارية ذات قوانين صارمة لذوي الدخول المحدودة.
وأوضح أن منافسة القطاع الخاص في المشروعات ليست من مصلحة أحد، فالتاجر لن يبيع بأقل من تكلفته، إضافة إلى احتساب الربح الذي رسمه لنفسه، إلا أن ضبطه بقوانين صارمة سيلزمه بالبيع بأسعار أقل أو التعرض لعقوبات عقارية من أجل ضخ المزيد من الوحدات بأسعار مناسبة، خصوصا أن هناك انخفاضا مسجلا في قيمة العقارات، مما يستدعي تدخل وزارة الإسكان عبر فرض قرارات صارمة للمستثمرين العقاريين وضمهم تحت مظلة «الإسكان» كي تستطيع السيطرة على الأسعار والسوق، تماما كما تفعل مؤسسة النقد العربي السعودي مع البنوك التجارية، حيث استطاعت السيطرة بقرار واحد وهو تطبيق ضوابط جديدة للقرض العقاري.
وكما يبدو فإن ارتفاع مستوى الشفافية حول أداء السوق العقارية، بفضل مؤشرات العدل والمؤشرات الأخرى الاقتصادية، أدى إلى توافر المعلومات لدى أغلب أفراد المجتمع والتي تسهم كثيرا في رفع مستوى الوعي والمعرفة بمجريات السوق العقارية، التي كانت شبه غائبة بالكامل عن المهتمين والمواطنين طوال الأعوام الماضية، الأمر الذي كان ينعكس سلبا في جهل الكثير من الحيثيات المتعلقة بقراراتهم؛ شراء وبيعا، في السوق الشائكة «العقارية»، أو حتى قياس الحركة الحقيقية للقطاع.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.