جيمس جيفري: لم نرتكب «أخطاء أوباما»... ومنعنا قيام «جنوب لبنان» في سوريا

المبعوث الأميركي السابق قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «متأكد من عدم عودة النظام إلى إدلب»

جيمس جيفري في جنيف أكتوبر الماضي (رويترز)
جيمس جيفري في جنيف أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

جيمس جيفري: لم نرتكب «أخطاء أوباما»... ومنعنا قيام «جنوب لبنان» في سوريا

جيمس جيفري في جنيف أكتوبر الماضي (رويترز)
جيمس جيفري في جنيف أكتوبر الماضي (رويترز)

قال جيمس جيفري المبعوث الأميركي السابق للملف السوري والتحالف الدولي ضد «داعش»، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إنه «نصح» إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن بالاستمرار بالسياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب في سوريا، لأنها «ناجحة، أولاً لأننا لم نقم بأي من أخطاء إدارة باراك أوباما، واستخدمنا جميع عناصر القوة التي في حوزتنا بما فيها القوة العسكرية». وأضاف: «لم نجلس ونحن نرى (خطوطاً الحمراء) يتم تجاوزها أمام أعيننا ولا نرد عندما استخدم النظام السلاح الكيماوي» في نهاية 2013.
وأضاف جيفري، أن بلاده تقدم «الدعم الضروري» لإسرائيل في جهودها لمنع «تموضع» إيران في سوريا وأن «الإسرائيليين نجحوا بمساعدة منا بمنع إيران بإقامة وضع ثانٍ مثل (جنوب لبنان) في جنوب سوريا ومنع تهديد إسرائيل ودول أخرى بنظام صاروخي طويل المدى»، لافتاً إلى وجوب خروج إيران وقواتها من سوريا في «أي تسوية نهائية».
وقال المبعوث الأميركي السابق، رداً على سؤال أن روسيا «في خضم المستنقع السوري»، مضيفاً أن الروس «يدركون أنهم في المستنقع. لكن حتى لو كنت في مستنقع، وهذا حصل معنا في فيتنام (...)، فإن الأمر يأخذ وقتاً كي تدرك ذلك وتتصرف على هذا الأساس. حصل هذا مع السوفيات في أفغانستان وحصل مع إيران في جنوب العراق في الثمانينات. الأمر يأخذ سنوات»، لافتاً إلى أن أميركا «ستواصل الضغط إلى أن يدركوا ذلك» ويوافقوا على تسوية في سوريا.
وعن إدلب، قال جيفري إنه «متأكد أن النظام لن يعود إلى إدلب بسبب الجيش التركي. لديه حوالي 20 ألف جندي، وربما 30 ألفا هناك، ولديهم (الأتراك) القدرة على منع النظام من الذهاب إلى إدلب»، لافتاً إلى حصول أنقرة على دعم من أميركا و«حلف شمال الأطلسي» (ناتو) وأوروبا لوجودها في شمال غربي سوريا.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، مساء الجمعة:
> كيف تقرأ الوضع في سوريا حالياً؟ هناك ثلاث «مناطق نفوذ»، ما هي الفروقات بينها وما هي نقاط التقاطع؟
- هناك منطقة تحت سيطرة نظام الأسد مع كثير من التحديات (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) وبعض التحديات من «داعش». وهناك شمال غربي سوريا التي هي تحت سيطرة تركيا وفصائل معارضة. هناك أيضاً، شمال شرقي سوريا تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من أميركا، وهناك أيضاً قاعدة «التنف». الانقسام الحقيقي هو بين منطقة تحت سيطرة الأسد ومناطق أخرى ليست تحت سيطرته، وليس هناك مجال لتكون تحت سيطرته.
> لا تظن أن قوات الحكومة ستعود إلى إدلب في أي وقت قريب؟
- لا، لا أظن ذلك.
> لماذا؟
- بسبب الجيش التركي لديه حوالي 20 ألف جندي، وربما 30 ألفاً، هناك ولديه القدرة على منع النظام من الذهاب إلى إدلب.
> هل تقول لأهل إدلب إن دمشق لن تعود إلى إدلب في أي وقت قريب؟
- إنني متأكد من أن تركيا بدعم من أميركا والاتحاد الأوروبي و«حلف شمال الأطلسي» (ناتو) لن تسمح بذلك.
> أي دعم تقدم أميركا لتركيا في إدلب؟
- قدمنا الدعم الدبلوماسي، وتحدثنا مع الأتراك حول ذلك والدعم اللازم. كما أن الرئيس دونالد ترمب قال هذا بوضوح في سبتمبر (أيلول) 2018، إضافة إلى الرسالة التي نقلها السفير ديفيد ساترفيلد إلى حلف «ناتو» لدعم لتركيا في مارس (آذار) العام الماضي.
> أنت تترك منصبك بعد حوالي ذلك سنوات. هل تظن أن النظام السوري أقوى حالياً مما كان عندما تسلمت منصبك أم أقوى لأنه وسع مناطق سيطرته؟
- أضعف اقتصادياً. انظر ما يحصل لقيمة الليرة السورية. انظر إلى الانقسام في النخبة الحاكمة، ووضع (رجل الأعمال وابن خال الرئيس السوري) رامي مخلوف. أيضاً، فإن داعمي النظام روسيا وإيران وخصوصاً الأخيرة تحت ضغط العقوبات الأميركية. أيضاً، العقوبات الأميركية ستزداد تشدداً على النظام. النظام ضعيف سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
> تقول إن لأميركا أدوات عدة للإبقاء على دمشق في «صندوق العزلة»، إحداها العقوبات. لكن سوريين يقولون إن العقوبات تضر بالناس والمواطنين أكثر من المستهدفين؟
- العقوبات تضرب بالنظام وتعرقل قدرته على اتخاذ القرار والأعمال العسكرية. في المقابل، فإننا نحن قدمنا أكثر من 12 مليار دولار أميركي لدعم السوريين. ربما هناك بعض التأثير على السكان، لكن يجب ألا ننسى أن السبب الرئيسي لمعاناة السوريين هو قرار نظام الأسد والفساد والرشاوى. هذا ليس بسبب العقوبات.
> لكن العقوبات لم تؤد إلى مرونة أو تنازلات سياسية؟
- لأن الأسد يفضل الاعتماد على روسيا وإيران. وطالما هناك هذا الدعم، سيستمر في موقفه.
> سأعود لموضوع روسيا بعد قليل. لكن ماذا عن شمال شرقي سوريا. عدد القوات وأهدافكم هناك؟
- هناك قوة صغيرة تدعم «قوات سوريا الديمقراطية» لهزيمة «داعش». لكن عبر وجودنا هناك في الأرض ووجودنا الجوي أيضاً، نريد أن نحرم الأسد وروسيا وإيران من السيطرة على الأراضي هناك، إضافة إلى التنف.
> بالنسبة إلى التنف. هل تقدم أي دعم لوجيستي للغارات الإسرائيلية في سوريا؟
- قاعدة التنف تعمل هناك للسيطرة على تلك الرقعة الجغرافية ومحاربة «داعش». بإمكان سؤال الإسرائيليين حول الدعم.
> ذكرت قبل أيام أنك حاولت إنجاز صفقة بين «وحدات حماية الشعب» الكردية وتركيا في شمال شرقي سوريا. ما هي التفاصيل؟
- لم أتحدث عن اتفاق بين «الوحدات» وتركيا، بل بين «حزب الاتحاد الديمقراطي» من جهة و«المجلس الوطني السوري» (الكردي) وقوات البيشمركة المدعومة من (الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق) مسعود بارزاني. أجروا مفاوضات وهي مستمرة. نأمل أن هذا سيؤكد لتركيا أن «حزب العمال الكردستاني» وفرعه السوري، «الوحدات»، لن يهيمن على جميع الأكراد.
> هل تعتقد أن هناك إمكانية لتفاهمات بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«الوحدات» من جهة وأنقرة من جهة ثانية؟
- دائماً ممكن. كما تعرف التاريخ وفي عامي 2014 و2015، أجروا اتصالات مكثفة في دهوك.
> ماذا عن التطبيع مع دمشق. ما هي شروطكم للتطبيع؟
- تطبيق القرار 2254، أيضاً، في أي تسوية وكجزء من أي تسوية، يجب انسحاب تركيا وأميركا والقوات الإيرانية وعدم توفير ملجأ آمن للإرهابيين والعمل مع المجتمع الدولي ضد الإرهابيين، إضافة إلى تنفيذ جميع الالتزامات المتعلقة بالبرنامج الكيماوي في اتفاق 2013 (الذي أبرم بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف قبل إصداره في القرار الدولي 2118). أيضاً، محاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم الحرب. والعمل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لعودة كريمة وحرة للسوريين إلى بلادهم. هذا ما نتوقعه.
> في حال قبِل الرئيس الأسد هذه الشروط، هل ستقبل أميركا التطبيع والتعامل معه؟
- هذا لا يتعلق بقبول الأسد. هذا يخص مقاربة «خطوة مقابل خطوة». هذا ما قلنا للروس. في حال قبول هذه الشروط، فإننا سنخفف الضغط خطوة بعد خطوة ونرفع العزلة الدبلوماسية والعقوبات.
> حتى من الأسد نفسه؟
- إذا الأسد نفسه بدأ تنفيذ هذه الشروط، فإننا سنبدأ بالرد (بخطوات). نعم صحيح.
> ماذا عن إيران وقواتها في سوريا؟
- الهدف الأول لإيران كان الإبقاء على الأسد في السلطة. ثم، قرر الإيرانيون التموضع في سوريا ضد إسرائيل وضد تركيا والدول العربية والنظام الإقليمي بقيادة أميركا.
> الإسرائيليون يتحدثون عن انسحابات إيرانية. هل تظن أن إسرائيل نجحت بإبعاد إيران عن الجنوب؟
- أعتقد، أن الإسرائيليين نجحوا بمساعدة منا بمنع إيران بإقامة وضع ثانٍ مثل «جنوب لبنان» في جنوب سوريا ومنع تهدد إسرائيل ودول أخرى بنظام صاروخي طويل المدى.
> ما هي طبيعة الدعم الأميركي لإسرائيل في سوريا في هذا السياق؟
- الدعم الضروري.
> نتحدث عن الدعم العسكري والاستخباراتي؟
- الدعم الضروري.
> ماذا عن روسيا. ذكرت مقاربة «خطوة مقابل خطوة» وكنت إلى وقت قريبا من مفاوضات للروس حول سوريا. ما هي قراءتكم لموقفهم ومدى استعدادهم للتسوية في سوريا؟
- أولاً، الروس مقتنعون بأنهم لن يحققوا نصراً عسكرياً في سوريا. ثانياً، يدركون أن الأسد ليس ذا شعبية وليس مؤثراً، لكن الروس لا يزالون لم يتخذوا خطوات للحل السياسي والدبلوماسي. حاولوا دعم مؤتمر اللاجئين الأخير في دمشق، لدعوة المجتمع الدولي. نعرف أن المجتمع الدولي لن يقبل ذلك، لذلك عرقلنا أي مشاركة جدية في هذا المؤتمر كي نظهر لهم أن ذلك (مقاربة روسيا) ليس صحيحا. إذا الروس واصلوا محاولاتهم هذه، فإننا سنواصل إظهار لهم أن هذا لن ينجح. لدينا الوقت.
> ذكرت مرات عدة سابقاً أن دورك أن تغرق روسيا في «المستنقع السوري». كيف؟
- المستنقع، هو عندما يكونوا في وضع يستثمرون مواردهم من دون نجاح ومن دون الخروج (مخرج من الأزمة). لذلك، سيكون عليهم الصراع كي لا يسقطوا أو يغرقوا. في نهاية المطاف، سيقررون اتباع أسلوب آخر، وهو التعاون معنا والمجتمع الدولي.
> هل تعتقد أن روسيا حالياً في عمق «المستنقع السوري»؟
- نعم إنهم في خضم المستنقع. أظن. نعرف أنهم يدركون أنهم في المستنقع. لكن حتى لو كنت في مستنقع، وهذا حصل معنا في فيتنام، فإن الأمر يأخذ وقتاً كي تدرك ذلك بعمق وتتصرف على هذا الأساس. حصل هذا مع السوفيات في أفغانستان، وحصل مع إيران في جنوب العراق في الثمانينات (خلال الحرب بين الطرفين). الأمر يأخذ سنوات.
> كم من الوقت ستأخذ روسيا كي تدرك أنها في «المستنقع» وتغير منهجها؟
- لا أعرف. سنواصل الضغط إلى أن يدركوا ذلك.
> قررت ترك منصبك مبعوثاً للملف السوري. ما هي نصيحتكم للفريق الجديد للملف السوري في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن؟
- استمروا في هذه السياسة الناجحة القائمة على الضغط. هي ناجحة، أولاً لأننا لم نقم بأي من أخطاء إدارة باراك أوباما التي ارتكبتها في سوريا. ناجحة لأننا استخدمنا جمع عناصر القوة التي في حوزتنا بما فيها القوة العسكرية. لم نجلس ونحن نرى «خطوطنا الحمراء» يتم تجاوزها أمام أعيننا ولا نرد عندما استخدم النظام السلاح الكيماوي (في نهاية 2013). لم نتخل عن التحالف الدولي (ضد داعش). استعملنا الأمم المتحدة. والأهم، لدينا سياسة، تدعمها جميع الأطراف في المنطقة، بما فيها أوروبا. هذه بداية ممتازة لهم (الفريق الجديد) كي يستمروا فيها.
> تقصد الإمساك بالضغط والعزلة عبر الأدوات العسكرية والدبلوماسية؟
- لا. انتظر. كل هذا مربوط أيضاً بحل سياسي (تسوية). هذا يعني أننا لا نقرر (لا نحكم) كيف ستكون الحكومة السورية. أي، نريد الاستجابة للقرار 2254. نحن لا نقول إنه على الأسد أن يغادر (الحكم). لا نقول إنه على روسيا أن تغادر (سوريا). نقول، إنه على إيران أن تغادر، لكن كجزء من التسوية النهائية في سوريا. أيضاً، أميركا ستغادر. تركيا ستغادر. إسرائيل ستغادر. هذا هو عرضنا.
> إذن، أميركا تقبل سوريا بوجود روسيا وبخروج إيران. صحيح؟
- تماماً.
> بوجود الأسد؟
- إذا كان الأسد يغير سياسته. نعم.
> أنت التقيت مع الفريق الجديد للملف السوري في إدارة بايدن. ماذا أخبرتهم؟
- لا أتحدث عن مضمون اتصالاتي الدبلوماسي الداخلية.
> مثلاً؟
- أنا أخبر كل شخص ما أخبرتك به للتو...
> هل تعتقد أن الإدارة الأميركية الجديدة ستواصل ذات السياسة للإدارة السابقة؟ هناك حديث عن استثمار أكثر بالعملية السياسية والتفاوض مع الروس؟
- سنرى ما سيقوم به الفريق الجديد.
> بالنسبة للسوريين الموجودين خارج سوريا. ماذا تقول لهم؟ متى تظن أن التسوية ممكنة وعودتهم قريبة؟
- لا أستطيع إعطاء تاريخ.
> كم سنة؟
- لا أستطيع القول.
> لكن هل تعتقد أنهم سيعودون إلى بلادهم؟
- أنا متفائل. في حياتي أكيد. وكل تقديري لكل الشعب السوري.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.