أطلقت شخصيات سياسية ومنظمات حقوقية واجتماعية تونسية مجموعة من المبادرات السياسية الهادفة إلى عقد «مؤتمر وطني للإنقاذ»، موضحة أنه لا يستهدف الشرعية ومنظومة الحكم في البلاد بقدر ما يهدف إلى إنجاح الحوار الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وكذلك بهدف إنقاذ تونس من أزمتها الاجتماعية والاقتصادية المستفحلة. ولوحت نحو 20 منظمة وطنية بتنظيم احتجاجات شعبية واسعة مع حلول الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة في تونس التي تصادف يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وأعلنت شخصيات سياسية، من بينها الحبيب الصيد رئيس الحكومة السابق، وخميس الجهيناوي الوزير السابق للخارجية، وأحمد نجيب الشابي المعارض السياسي البارز لنظام زين العابدين بن علي، أنها مستعدة للمساهمة في تذليل العقبات التي تعترض الفترة التي تسبق الحوار السياسي، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية بخصوص مبادرة الحوار التي قدمها نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، للرئيس التونسي قيس سعيد، والتي تجري حالياً مشاورات في شأن من سيشرف عليها.
وفي هذا الشأن، يستعد ائتلاف «صمود»، وهو ائتلاف مستقل، لإعلان مبادرة وطنية تحت عنوان «نداء من أجل المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ». وأكد هذا الائتلاف استعداد عدد من الشخصيات الوطنية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والجهات التي تعرف موجة من الاحتجاجات الاجتماعية، للمشاركة في هذا المؤتمر المزمع الإعلان عنه في العاصمة التونسية بعد غد الثلاثاء.
وقال حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف «صمود»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأطراف الداعمة لهذه المبادرة ستقدم خلال مؤتمر صحافي آليات هذه المبادرة الوطنية، وستفصح عن أهدافها. وأضاف أنها ستطرح مختلف الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية، وتدعو أهم الفاعلين والخبراء للتفاعل من أجل «إصلاح منظومة الحكم» و«تطوير منوال التنمية» في تونس.
وخلال هذا المؤتمر الصحافي، سيقدم شوقي الطبيب، الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مداخلة حول «دواعي إطلاق المبادرة السياسية»، فيما يقدم محمد فاضل محفوظ، أستاذ القانون الدستوري، «تفاصيل هذه المبادرة وبرنامجها» الهادف إلى «إنجاح المسار الديمقراطي» في تونس.
على صعيد متصل، عبر عدد من قيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) عن استغرابهم لتواصل صمت الرئيس التونسي قيس سعيد تجاه المبادرة التي قدمها الاتحاد إليه منذ أكثر من أسبوع، وأكدت أن سعيد لم يسع إلى تفعيلها أو الإعلان الرسمي عن رفضها أو عدم تبنيها. وكان الرئيس التونسي، قد وافق بصفة أولية على قبول هذه المبادرة، إلا أنها لا تعد موافقة نهائية لوضعها تحت إشرافه، لذلك دعت قيادات الاتحاد إلى إطلاق المفاوضات بشكل رسمي من خلال تشكيل «هيئة الحكماء» التي نصت عليها المبادرة، وإعلان برنامج واضح للحوار بين مختلف الأطراف السياسية والنقابية والحقوقية.
وفي هذا السياق، قال نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، في كلمة تأبين النقابي التونسي الراحل بوعلي المباركي، أمس، إن اتحاد الشغل ملتزم بتعديل البوصلة نحو الفكر التقدمي الذي يبني ولا يهدم، معتبراً أن الاتحاد يبقى قوة اقتراح مهمة في تونس و«لا ينافسه أحد في ذلك». وأكد الطبوبي التزام مختلف الأطراف التي ستساهم في الحوار السياسي المزمع تنظيمه «بالدفاع عن الدولة الوطنية الاجتماعية التي تتسع لكل أبنائها الذي يؤمنون بحق الاختلاف».
كانت أحزاب تونسية ممثلة في البرلمان، على رأسها «حركة النهضة» (الحزب الإسلامي)، قد أبدت تحفظات على مبادرة اتحاد الشغل؛ خصوصاً لاشتراطها «عدم تحمل مسؤوليات داخل الدولة، وعدم الترشح للانتخابات المقبلة»، معتبرة ذلك تلميحاً إلى تبكير الانتخابات عن موعدها المقرر في 2024.
وبشأن الأطراف السياسية والاجتماعية التي ستشارك في هذا الحوار، اعتبر عماد الخميري رئيس الكتلة البرلمانية لـ«النهضة»، في تصريحات سابقة، أن جدية المشاورات تكمن أساساً في مشاركة كل الحساسيات والتيارات دون استثناء أو إقصاء، وأن تشمل كل من له تمثيل في البرلمان التونسي، بما في ذلك «ائتلاف الكرامة» المرفوض من قبل اتحاد الشغل، وحزب «قلب تونس» المرفوض من قبل رئاسة الجمهورية لاتهامه بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال.
يذكر أن اتحاد الشغل قاد نهاية 2013 إلى جانب نقابة المحامين و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» ومجمع رجال الأعمال، جلسات الحوار الوطني الرباعي التي أدت في نهاية المطاف إلى خروج «حركة النهضة» من السلطة، وتشكيل حكومة تكنوقراط ترأسها مهدي جمعة، مهمتها الأساسية تهيئة البلاد لانتخابات 2014. وتخشى قيادات «النهضة»، المتزعمة المشهد السياسي حالياً، من تكرار هذا السيناريو.
دعوة لعقد «مؤتمر للإنقاذ» في تونس وتلويح باحتجاجات اجتماعية واسعة
قبل أيام من الاحتفال بذكرى الثورة
دعوة لعقد «مؤتمر للإنقاذ» في تونس وتلويح باحتجاجات اجتماعية واسعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة