دعوة لعقد «مؤتمر للإنقاذ» في تونس وتلويح باحتجاجات اجتماعية واسعة

قبل أيام من الاحتفال بذكرى الثورة

مواطن قرب ساحة لتخليد ذكرى محمد البوعزيزي الذي أدت حادثة إشعاله النار بنفسه إلى تفجير الثورة التونسية في ديسمبر عام 2010، في مدينة سيدي بوزيد بوسط تونس (أ.ف.ب)
مواطن قرب ساحة لتخليد ذكرى محمد البوعزيزي الذي أدت حادثة إشعاله النار بنفسه إلى تفجير الثورة التونسية في ديسمبر عام 2010، في مدينة سيدي بوزيد بوسط تونس (أ.ف.ب)
TT

دعوة لعقد «مؤتمر للإنقاذ» في تونس وتلويح باحتجاجات اجتماعية واسعة

مواطن قرب ساحة لتخليد ذكرى محمد البوعزيزي الذي أدت حادثة إشعاله النار بنفسه إلى تفجير الثورة التونسية في ديسمبر عام 2010، في مدينة سيدي بوزيد بوسط تونس (أ.ف.ب)
مواطن قرب ساحة لتخليد ذكرى محمد البوعزيزي الذي أدت حادثة إشعاله النار بنفسه إلى تفجير الثورة التونسية في ديسمبر عام 2010، في مدينة سيدي بوزيد بوسط تونس (أ.ف.ب)

أطلقت شخصيات سياسية ومنظمات حقوقية واجتماعية تونسية مجموعة من المبادرات السياسية الهادفة إلى عقد «مؤتمر وطني للإنقاذ»، موضحة أنه لا يستهدف الشرعية ومنظومة الحكم في البلاد بقدر ما يهدف إلى إنجاح الحوار الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وكذلك بهدف إنقاذ تونس من أزمتها الاجتماعية والاقتصادية المستفحلة. ولوحت نحو 20 منظمة وطنية بتنظيم احتجاجات شعبية واسعة مع حلول الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة في تونس التي تصادف يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وأعلنت شخصيات سياسية، من بينها الحبيب الصيد رئيس الحكومة السابق، وخميس الجهيناوي الوزير السابق للخارجية، وأحمد نجيب الشابي المعارض السياسي البارز لنظام زين العابدين بن علي، أنها مستعدة للمساهمة في تذليل العقبات التي تعترض الفترة التي تسبق الحوار السياسي، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية بخصوص مبادرة الحوار التي قدمها نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، للرئيس التونسي قيس سعيد، والتي تجري حالياً مشاورات في شأن من سيشرف عليها.
وفي هذا الشأن، يستعد ائتلاف «صمود»، وهو ائتلاف مستقل، لإعلان مبادرة وطنية تحت عنوان «نداء من أجل المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ». وأكد هذا الائتلاف استعداد عدد من الشخصيات الوطنية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والجهات التي تعرف موجة من الاحتجاجات الاجتماعية، للمشاركة في هذا المؤتمر المزمع الإعلان عنه في العاصمة التونسية بعد غد الثلاثاء.
وقال حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف «صمود»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأطراف الداعمة لهذه المبادرة ستقدم خلال مؤتمر صحافي آليات هذه المبادرة الوطنية، وستفصح عن أهدافها. وأضاف أنها ستطرح مختلف الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية، وتدعو أهم الفاعلين والخبراء للتفاعل من أجل «إصلاح منظومة الحكم» و«تطوير منوال التنمية» في تونس.
وخلال هذا المؤتمر الصحافي، سيقدم شوقي الطبيب، الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مداخلة حول «دواعي إطلاق المبادرة السياسية»، فيما يقدم محمد فاضل محفوظ، أستاذ القانون الدستوري، «تفاصيل هذه المبادرة وبرنامجها» الهادف إلى «إنجاح المسار الديمقراطي» في تونس.
على صعيد متصل، عبر عدد من قيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) عن استغرابهم لتواصل صمت الرئيس التونسي قيس سعيد تجاه المبادرة التي قدمها الاتحاد إليه منذ أكثر من أسبوع، وأكدت أن سعيد لم يسع إلى تفعيلها أو الإعلان الرسمي عن رفضها أو عدم تبنيها. وكان الرئيس التونسي، قد وافق بصفة أولية على قبول هذه المبادرة، إلا أنها لا تعد موافقة نهائية لوضعها تحت إشرافه، لذلك دعت قيادات الاتحاد إلى إطلاق المفاوضات بشكل رسمي من خلال تشكيل «هيئة الحكماء» التي نصت عليها المبادرة، وإعلان برنامج واضح للحوار بين مختلف الأطراف السياسية والنقابية والحقوقية.
وفي هذا السياق، قال نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، في كلمة تأبين النقابي التونسي الراحل بوعلي المباركي، أمس، إن اتحاد الشغل ملتزم بتعديل البوصلة نحو الفكر التقدمي الذي يبني ولا يهدم، معتبراً أن الاتحاد يبقى قوة اقتراح مهمة في تونس و«لا ينافسه أحد في ذلك». وأكد الطبوبي التزام مختلف الأطراف التي ستساهم في الحوار السياسي المزمع تنظيمه «بالدفاع عن الدولة الوطنية الاجتماعية التي تتسع لكل أبنائها الذي يؤمنون بحق الاختلاف».
كانت أحزاب تونسية ممثلة في البرلمان، على رأسها «حركة النهضة» (الحزب الإسلامي)، قد أبدت تحفظات على مبادرة اتحاد الشغل؛ خصوصاً لاشتراطها «عدم تحمل مسؤوليات داخل الدولة، وعدم الترشح للانتخابات المقبلة»، معتبرة ذلك تلميحاً إلى تبكير الانتخابات عن موعدها المقرر في 2024.
وبشأن الأطراف السياسية والاجتماعية التي ستشارك في هذا الحوار، اعتبر عماد الخميري رئيس الكتلة البرلمانية لـ«النهضة»، في تصريحات سابقة، أن جدية المشاورات تكمن أساساً في مشاركة كل الحساسيات والتيارات دون استثناء أو إقصاء، وأن تشمل كل من له تمثيل في البرلمان التونسي، بما في ذلك «ائتلاف الكرامة» المرفوض من قبل اتحاد الشغل، وحزب «قلب تونس» المرفوض من قبل رئاسة الجمهورية لاتهامه بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال.
يذكر أن اتحاد الشغل قاد نهاية 2013 إلى جانب نقابة المحامين و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» ومجمع رجال الأعمال، جلسات الحوار الوطني الرباعي التي أدت في نهاية المطاف إلى خروج «حركة النهضة» من السلطة، وتشكيل حكومة تكنوقراط ترأسها مهدي جمعة، مهمتها الأساسية تهيئة البلاد لانتخابات 2014. وتخشى قيادات «النهضة»، المتزعمة المشهد السياسي حالياً، من تكرار هذا السيناريو.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».