مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية معطلة بانتظار زيارة ماكرون

TT

مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية معطلة بانتظار زيارة ماكرون

تتلازم الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان في 22 و23 الجاري مع تصاعد وتيرة الاشتباكات السياسية والقضائية في ضوء ادعاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس بتهم الإهمال والتقصير وتحديد مواعيد للاستماع إلى أقوالهم وسط معلومات أولية تفيد بامتناعهم عن الحضور وترجيحات عن إحجام دياب عن استقبال القاضي فادي صوان في مكتبه على خلفية عدم مراعاة الأصول في تبليغهم للحضور إلى قصر العدل، ما يفتح الباب أمام السؤال عن رد فعله بعد اتهامه من قبل المشمولين بدعوته للمثول أمامه بالاستنسابية والانتقائية في ملاحقاته الأحادية لهم.
ويعود ماكرون إلى بيروت لتفقّد الوحدة الفرنسية العاملة في القوات الدولية عشية حلول عيد الميلاد، ويمكن في هذه المناسبة ألا يقتصر اجتماعه على رئيس الجمهورية ميشال عون وإنما يتجاوزه للقاء أطراف رئيسية معنية بتشكيل الحكومة في حال استمرت العراقيل التي تحول دون ولادتها في محاولة منه للوقوف على أسباب تعثّرها وصولاً إلى التدخّل لرأب الصدع باتجاه تعويم المشاورات لتأليفها.
وتأتي الزيارة الثالثة لماكرون لبيروت في ظل ارتفاع منسوب التوتّر بعد أن أُصيبت حكومة تصريف الأعمال بأعطال قاتلة ليست محصورة بادعاء القاضي صوان على رئيسها وإنما في إصرار الأخير على رفض تعويمها بما يسمح بانعقاد جلسات مجلس الوزراء في إشارة إلى امتناعه عن الاستجابة لرغبة عون بضرورة التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال بحسب ما نُقل عن في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع.
كما أنها تأتي في ظل عدم قدرة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري على تهيئة الظروف المواتية لإخراج المشاورات من التأزُّم، رغم أن الحريري كان أشار في نهاية اجتماعه الأخير بعون إلى أن أجواء اللقاء اتسمت بإيجابية، وهذا ما لم يعكسه الأخير في البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي الذي ورد فيه أنه تقدّم من الرئيس المكلف بطرح متكامل لإعادة النظر في توزيع الحقائب على الطوائف من دون أن يقترن طرحه بلائحة بأسماء الوزراء.
واعتبرت مصادر مقربة من رؤساء الحكومة السابقين بأن ما طرحه عون يتجاوز الأصول الدستورية والأعراف المتّبعة في تشكيل الحكومة وعزت السبب لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه توخى من الطرح الذي تقدم به نسف التشكيلة المتوازنة التي طرحها الحريري وتضم 18 وزيراً.
ولفتت إلى أن توقيع عون والحريري على مراسيم تشكيل الحكومة لا يعني تجاوز صلاحية الأخير بتأليفها وإن كان يحق لعون أن يبدي ملاحظاته بإدخال تعديلات على التوزيعة الوزارية المقترحة بدلاً من أن يبادر إلى إسقاطها واستبدالها بتشكيلة يغلب عليها الطابع الحزبي لتأمين حصوله على الثلث الضامن أو «المعطل» كما تقول المعارضة.
وأكدت المصادر نفسها أن عون يستمر في تجاوز الأصول وصولاً إلى مصادرة الصلاحيات العائدة لرئيس الحكومة، وهذا ما فعله عندما ترأس الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع وصدرت عنه قرارات تنفيذية، مع أن دوره يقتصر على إعداد التوصيات ورفعها إلى مجلس الوزراء مجتمعاً للنظر فيها.
ورأت أن عون أراد أن يستعيض عن حكومة تصريف الأعمال باتخاذ المجلس الأعلى للدفاع كبديل للسلطة الإجرائية وتحويله إلى حكومة بديلة تتيح له أن يحكم البلد برأس واحد، وهذا ما يكمن في تعطيله الجهود الرامية للإسراع بتشكيل الحكومة لإنقاذ المبادرة الفرنسية باعتبارها الوحيدة لوقف الانهيار في ظل تعذّر وجود مبادرات دولية وإقليمية أخرى.
وقالت هذه المصادر إن عون ليس في وارد تحويل النظام إلى نظام رئاسي بل بات يصر على أن يحكم البلد برأس واحد، وبالتالي لن يبقى في الميدان إلا رئيس الظل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وأكدت أن الحريري يرفض الدخول في سجال مع عون رغبة منه في الإبقاء على المبادرة الفرنسية قيد التداول من جهة وفي التريُّث إلى حين عودة ماكرون إلى لبنان الذي يفترض من خلال مواكبته اليومية أن يكون على علم بالأسباب التي ما زالت تعيق ولادة الحكومة.
واتهمت عون - باسيل بوقوفهما وراء زرع الألغام بغية إعاقة مهمة ماكرون الذي سيقرر ماذا سيفعله لإنقاذ مبادرته وتعبيد الطريق أمام ولادة حكومة مهمة تلقى دعماً دولياً يؤمن لها شبكة أمان سياسية، وهذا ما لا يحبّذه عون بحسب معارضيه الذين يتهمونه بأنه يعيق تنفيذ المبادرة الفرنسية لقطع الطريق على إخضاع لبنان لرقابة دولية تشرف مباشرة على تنفيذ المشروع الإصلاحي الذي من دونه لا يمكن للبنان الانتقال من التأزم إلى التعافي المالي والاقتصادي.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.