لجنة «سقوط الموصل» تبدأ عملها بصمت وتحدد مهلة شهرين لإنجاز مهامها

برلماني عن نينوى: لا أتوقع أن تكشف الحقائق التي نسعى جميعا إلى التوصل لها

نازحات إيزيديات في مخيم بجبل سنجار أول من أمس (أ.ف.ب)
نازحات إيزيديات في مخيم بجبل سنجار أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

لجنة «سقوط الموصل» تبدأ عملها بصمت وتحدد مهلة شهرين لإنجاز مهامها

نازحات إيزيديات في مخيم بجبل سنجار أول من أمس (أ.ف.ب)
نازحات إيزيديات في مخيم بجبل سنجار أول من أمس (أ.ف.ب)

من المتوقع أن تبدأ اللجنة التحقيقية بسقوط الموصل عملها الأسبوع الحالي، بعد انتخاب هيئة رئاستها المكونة من رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي، والنائبين أحمد الجبوري وشاخوان عبد الله، في وقت أعلن فيه رئيس اللجنة (الزاملي) أن اللجنة سوف تمتنع خلال هذه الفترة عن الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام عن سياقات عملها طوال مهلة الشهرين المقبلين. وكانت لجنة سقوط الموصل قد جرى اختيارها من قبل البرلمان العراقي الأسبوع الماضي، وتضم 26 عضوا من كتل مختلفة، من بينهم 6 برلمانيين من محافظة نينوى. وقد واجهت اللجنة انتقادات حادة بسبب كونها خضعت للمحاصصة، ولكون الضغوط السياسية التي تتعرض لها من شأنها أن تجعل مهمتها دفاعا عن المتهمين في سقوط الموصل، ومن بينهم مسؤولون سياسيون وعسكريون كبار، بدلا من كشف الحقيقة.
وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى عز الدين الدولة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الآلية التي جرى من خلالها اختيار أعضاء اللجنة غير صحيحة، وهو ما يجعلني لا أتوقع لها أن تكشف الحقائق التي نسعى جميعا إلى التوصل لها». وأضاف أن «اللجنة تضم أعضاء يحملون اختصاصات لا علاقة لها بمجريات التحقيق، وغير مطلعين على الأحداث والأمور التي شهدتها المحافظة قبل أكثر من نصف عام». وأشار إلى أن «من شأن ذلك أن تؤثر هذه الاختيارات على مجريات التحقيق وتغطي على شخصيات قد تدان أو تتهم بسقوط المحافظة». وحذر من «تسييس لجنة التحقيق، وأن تكشف بكل وضوح عن جميع المدانين بسقوط الموصل لكي ينالوا جزاءهم العادل».
من جهته، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كاظم الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمل اللجنة التحقيقية الموسعة التي شكلها البرلمان أخيرا سوف تكمل ما كانت قد بدأته لجنة الأمن والدفاع التي تولت عملية التحقيق في سقوط الموصل خلال الفترة الماضية، والتي استضافت عددا من كبار القادة المسؤولين عن مجريات الأحداث هناك، وفي مقدمتهم قائد القوات المشتركة الفريق عبود كنبر، وقائد القوات البرية الفريق علي غيدان، وقائد عمليات نينوى الفريق مهدي الغراوي».
وردا على سؤال بشأن ما قيل عن تعرض اللجنة السابقة إلى ضغوط سياسية، نفى الشمري ذلك قائلا إن «اللجنة كانت قد مارست عملها بشكل طبيعي، وتوصلت إلى الكثير من المعلومات والحقائق، وكانت تستعد حتى لاستدعاء مسؤولين كبار، من بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة».
وأوضح الشمري أن «عمل لجنة سقوط الموصل لن يقتصر على الحيثيات التي أدت إلى سقوط الموصل ومن بعدها صلاح الدين والكثير من المدن والمحافظات، بل سيكون ذلك بمثابة مدخل لمراجعة مسيرة القوات المسلحة طوال عقد من السنوات؛ لأن ما حصل لم يكن في الواقع ابن يومه، بل هناك تراكمات حصلت خلال الفترة الماضية أدت إلى ما أدت إليه».
ومن جهته، عد عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد مدلول الجربا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القضية الأهم التي نتمنى على اللجنة مراعاتها هي الحيادية والمهنية؛ لأن قضية الموصل متشعبة وهناك جهات كثيرة يمكن أن تكون طرفا فيها، وبالتالي إذا توفرت الحيادية والمهنية فإن من شأن اللجنة أن تنجز عملها خلال المدة المحددة لها».
وكان رئيس اللجنة القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي انتقد زيادة عدد اللجان التحقيقية بأحداث سقوط الموصل، وأكد أن زيادة عددها حولها إلى «لجنة محامين للدفاع عن شخصيات معينة». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أن «اللجنة الخاصة بالتحقيق في سقوط مدينة الموصل قررت في أول اجتماع لها تشكيل هيئة رئاسة لوضع الأسس والضوابط التي سنتبعها في سير خطوات التحقيقات مع بعض الشخصيات الأمنية والمدنية، للكشف عن المتورطين والمقصرين عن الأسباب التي أدت إلى سقوط نينوى بيد (داعش)». وأضاف الزاملي أنه «جرى الاتفاق على منع أعضاء اللجنة من الإدلاء بأي تصريحات صحافية أو إعلامية لحين اكتمال التحقيقات وتقديم التقرير النهائي إلى مجلس النواب من أجل المحافظة على سير العملية التحقيقية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».