سياسيون: المواجهة العسكرية في ليبيا «مرهونة» بالخيارات الدولية

جلسة لمجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي يوم 6 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
جلسة لمجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي يوم 6 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

سياسيون: المواجهة العسكرية في ليبيا «مرهونة» بالخيارات الدولية

جلسة لمجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي يوم 6 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
جلسة لمجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي يوم 6 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

سيطرت أجواء التوتر المتصاعد بين «الجيش الوطني الليبي»، بقيادة المشير خلفية حفتر، وتركيا على اهتمامات وأحاديث الليبيين في الأيام الماضية، بعدما طغت على ما يجري في أروقة السياسة وطاولات التفاوض، خاصة نتائج جولات ملتقى الحوار السياسي الليبي، على الرغم من وصوله إلى مرحلة مهمة. ويقول سياسيون ليبيون إن تركيا تريد -كما يبدو- «إفشال» الحوار السياسي، مشيرين إلى أن «المواجهة العسكرية على الأراضي الليبية (مرهونة) بالخيارات الدولية».
وقال علي التكبالي، عضو مجلس النواب بطبرق، إن «تركيا تريد إفشال المفاوضات كافة على جميع الأصعدة، وفي مقدمها المسار العسكري (اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5)، وليس فقط الملتقى السياسي، فحادث السفينة (التي أوقفها الجيش الوطني قبالة سواحل شرق ليبيا، ثم أفرج عنها) هو أحدث محطات هذه الاستفزازات، لا أولها ولا آخرها، والجميع يستشعر تحركاتها (تركيا) بالجنوب الليبي، ومحاولاتها تسميم العلاقة بين القبائل والجيش هناك».
وأوضح التكبالي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يستبعد قيام تركيا بتوجيه ضربة عسكرية، ولو محدودة، سواء عبر تحريك حلفائها من السياسيين بحكومة الوفاق أو قادة الميليشيات المسلحة بالغرب»، قائلاً: «باستثناء وزير الداخلية فتحي باشاغا الذي يأمل في الفوز برئاسة الحكومة الليبية المقبلة، لا توجد مصلحة لبقية قيادات حكومة الوفاق الأخرى في الاستقرار، والانتقال لمرحلة جديدة تقودها شخصيات جديدة، بما فيهم رئيس الحكومة الحالي فايز السراج الذي حاول الظهور كأنه مترفع عن المناصب، ولا وزير الدفاع صلاح النمروش الذي عين قبل أشهر يريد ذلك، ولا أمراء الميليشيات بطبيعة الحال».
وتابع: «إذا نجح الموالون لتركيا من أعضاء البرلمان في إزاحة رئيس البرلمان الحالي عقيلة صالح، واستبدال شخصية (إخوانية) به، ستجمع تركيا بذلك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».
وكان التوتر بين الجيش الوطني وأنقرة قد أخذ منحنى تصاعدياً خلال الأيام الماضية، إثر تهديدات وزارة الخارجية التركية باستهداف قوات «الجيش الوطني»، وعدها أهدافاً مشروعة، وذلك على خلفية احتجازه لسفينة شحن تركية كانت متجهة إلى مدينة مصراتة غرب البلاد. وأفرجت القيادة العامة للجيش الوطني عن السفينة أول من أمس.
وبدوره، أكد طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بطبرق، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الترقب الدائم بين الليبيين لأي تصعيد عسكري محتمل من قبل تركيا ليس فقط لاستمرار تهديداتها لبلادهم، وإنما أيضاً لإدراكهم أنها تريد إفشال العملية السياسية، والتشويش على إنجازات اللجنة العسكرية المشتركة، والعودة إلى أجواء الفوضى، لاستمرار سيطرتها على ثروات البلاد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.