معظم نازحي عائلات «داعش» في الهول يرفضون العودة لمناطق النظام

«مجلس سوريا الديمقراطية» لإصلاح إدارات شرق الفرات

سوريون ينتظرون الخروج من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريون ينتظرون الخروج من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

معظم نازحي عائلات «داعش» في الهول يرفضون العودة لمناطق النظام

سوريون ينتظرون الخروج من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريون ينتظرون الخروج من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

تواصل الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا إطلاق محتجزين من عائلات «دواعش» في مخيم الهول وسط رفض ثلثي المعتقلين الذهاب إلى مناطق النظام، ذلك من 22 ألف شخص من حمَلة الجنسية السورية، في وقت أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) خطة عمل لإصلاح وتطوير عمل الإدارات المدنية شرقي الفرات، وشكّلت لجنة متابعة برئاسة مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية، وأمينة عمر رئيسة «مسد»، وعبد حامد المهباش، الرئيس التنفيذي للإدارة الذاتية.
وكان البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد بمدينة الحسكة نهاية الشهر الماضي، بحضور ممثلين من مدن وبلدات منطقة الجزيرة وحوض الفرات، قد أقرّ الخطة، وشملت «ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات النظام الإداري، ووضع خطط لمكافحة الفساد وتفعيل جهاز الرقابة والتفتيش المركزي في مؤسسات الإدارة»، إلى جانب «إصلاح الجهاز القضائي بما يضمن الحفاظ على استقلاليته ونزاهته»، والعمل على «إلزام الأجهزة الأمنية بالقانون وتطوير عملها وأدائها بما يتناسب مع مبادئ حقوق الإنسان». وقال المهباش: «شكّلنا لجنة من أجل تعديل وصياغة ميثاق عمل الإدارة، بما يتوافق مع مخرجات المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات».
في السياق، قال مجلس «مسد»، إنه يسعى لبناء سوريا الجديدة «على أسس المواطنة الحقيقية وفق النظام اللامركزي الديمقراطي»، لافتاً إلى «غياب توافق دولي بين الدول النافذة في الملف السوري تسبب بإطالة عمر الأزمة السورية، فضلاً عن وجود أزمة تمثيل الإرادة السورية بين (المعارضة والنظام): طرف استبدادي دمّر البلاد ويدّعي أحقيته بامتلاك البلد، وطرف معظمه مرتهَن لأجندات إقليمية تعادي مشروع الحل الوطني».
من جانبها، قالت إلهام أحمد، الرئيسة التنفيذية للمجلس، إن المسار الوطني الذي يقوده «مسد» يتقدم على تلك المحادثات الجارية في جنيف من حيث تمثيله لإرادة السوريين والجدية في حل أزمة البلاد. وأشارت إلى سعي المجلس لبناء توافقات وطنية سورية. وأضافت أن «هيئة التفاوض السورية لا تلبّي شروط إحداث اختراق حقيقي في مسار جنيف، هناك حاجة إلى إعادة هيكلة الهيئة؛ حتى تتم عملية تفاوضية حقيقية تُفضي لحل الأزمة المتفاقمة بالبلاد منذ عشر سنوات».
وعن الحوار مع دمشق والعلاقة مع النظام، شددت أحمد، على أن تلك اللقاءات، «لم ترتقِ لمستوى الحوار؛ لأن النظام يتعامل بالعقلية التسلطية ذاتها وغير منفتح للتغير وقبول الآخر».
إلى ذلك، تتواصل عمليات إخراج العوائل السورية من مخيم الهول الواقع أقصى جنوب شرقي الحسكة، وذلك في إطار الاتفاق الذي جرى في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020 بين إدارة المخيم من جانب و«مجلس سوريا الديمقراطية» من جانب آخر، وشهد يوم 16 من الشهر الماضي، إفراج «الإدارة الذاتية» عن 120 عائلة من الموجودين في «دويلة الهول» بريف الحسكة، جلُّهم من أبناء محافظة دير الزور، وذلك بكفالة من شيوخ ووجهاء العشائر. ويقدَّر عدد الدفعة الجديدة المفرَج عنها بنحو 515 شخصاً، كما خرجت 90 عائلة من مخيم الهول في أقصى ريف الحسكة الشرقي، تحت إشراف «الإدارة الذاتية»، مساءً بتاريخ 24 الشهر المنصرم، وتتألف العائلات مما يزيد على 350 شخصاً، من أهالي مدينة دير الزور وريفها.
ووفقاً لمصادر «المرصد»، فإن نحو 22 ألف شخص من حمَلة الجنسية السورية لا يزالون ضمن مخيم الهول، وتستعد إدارة المخيم لإخراجهم على دفعات خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، إلا أن نحو 16 ألفاً منهم من مناطق النظام السوري، وهو ما يشكل عائقاً كبيراً لإخراجهم، حيث يتم التفاوض مع الأمم المتحدة لتأمين ضمانات لهؤلاء كي لا يتم التعرض لهم وملاحقتهم من أجهزة النظام الأمنية، ولا سيما أن غالبيتهم الساحقة من عوائل عناصر تنظيم «داعش»، كما أن عدداً كبيراً من الذين خرجوا مؤخراً من «دويلة الهول» إلى مناطقهم، توجهوا إلى مخيمات ضمن مناطق «قسد» في الحسكة، لأسباب عديدة، أبرزها عامل الخوف لديهم من انتقام أهالي المناطق منهم بسبب أنهم من عوائل عناصر تنظيم «داعش»، بالإضافة لأن الكثير منهم تدمرت منازلهم بفعل العمليات العسكرية السابقة.
وفي سياق متصل، تعمل إدارة المخيم على إخراج عوائل عناصر من التنظيم من الجنسية العراقية، عبر تفاوض مع الحكومة العراقية، وسط مخاوف من العراقيين الموجودين في المخيم من ملاحقة «الحشد الشعبي» والانتقام منهم، وبخاصة أن البعض منهم لا يزالون يحملون فكر تنظيم «داعش».
يأتي ذلك، تزامناً مع تسليم مزيد من الأطفال الأجانب لممثلين عن حكومات بلادهم، ففي 12 الشهر الماضي، سلمت الإدارة الذاتية نحو «30» طفلاً من حمَلة الجنسية الروسية، برفقة أمهاتهم، لممثلين عن مفوضية حقوق الطفل الروسية، وذلك في مبنى دائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في مدينة القامشلي.



مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
TT

مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)

تصاعدت الأزمة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة، ودخلت مرحلة غير مسبوقة من التوتر على خلفية موقف الأخيرة من اعتقال جماعة الحوثيين العشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، إذ ترى الحكومة أن ردة فعل المنظمة الأممية لا ترقى إلى مستوى الحدث، وأن إيقاف النشاط الأممي في مناطق سيطرة الجماعة هو الخطوة المطلوبة.

وذكرت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي - ومنذ واقعة الاعتقالات - أبلغ الأمم المتحدة بضرورة اتخاذ مواقف قوية تضمن إطلاق سراح الموظفين المعتقلين وعدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، إلا أنها فوجئت بالمواقف الأممية التي لم تتجاوز التصريحات فقط، بعد أن كان الجانب الأممي وعد بتأمين إطلاق سراح المعتقلين خلال ثلاثة أيام لكن ذلك لم يتم، بل رد الحوثيون بتوسيع نطاق الاعتقالات.

الحوثيون اعتقلوا موظفاً يمنياً في مكتب المبعوث الأممي غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وأوضحت المصادر أن الجانب الحكومي أبلغ الأمم المتحدة بوضوح أنه سيتخذ خطوات تصعيدية في حال لم تتفاعل المنظمة مع الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذا الخصوص منذ يومين، وعبر فيها عن الاستياء من الطريقة التي تعاملت بها المنظمة مع حملة الاعتقالات.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن الجانب الحكومي أبلغ مدير مكتب الأمم المتحدة في اليمن عدم رضاه عن ذهاب المدير إلى صنعاء والبقاء هناك لأكثر من أسبوعين، إذ رأت الحكومة في هذه الخطوة رسالة خاطئة للحوثيين، وتظهر تساهلاً من المكتب الأممي تجاه محنة الموظفين اليمنيين المعتقلين لدى الجماعة.

وأكدت المصادر أن النقاشات كانت صريحة، وتم تنبيه المكتب إلى أن المعتقلين يواجهون خطر التعذيب، أو الإحالة إلى محاكم غير عادلة، وسيواجهون أحكاماً بالإعدام.

وطالبت الحكومة اليمنية الجانب الأممي، حسب المصادر، بتحركات فعلية، ومواقف مختلفة عن الموقف الذي ظهر منذ واقعة الاعتقالات، وأكدت أن ما وصفته بـ«التساهل» الأممي والدولي دفع الحوثيين إلى توسيع رقعة الاعتقالات، إذ بلغ عدد المعتقلين 67 شخصاً.

وأشارت الحكومة اليمنية إلى أن الحوثيين تجاهلوا كل الدعوات، ولا يزالون حتى اللحظة يرفضون الإفصاح عن أماكن احتجاز المعتقلين، أو السماح لهم بالتواصل مع أسرهم، وأن هناك مخاطر حقيقية على حياتهم جراء التعذيب الذي يتعرضون له أثناء عملية الاستجواب.

أكثر من لقاء

عقد الجانب الحكومي اليمني، حسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أكثر من لقاء مع مسؤولي الأمم المتحدة، وكذا المنظمات الإغاثية الدولية، وعبَّرَ خلال هذه اللقاءات عن الأسف إزاء المواقف «الضعيفة» تجاه الممارسات الحوثية التي بدأت منذ أربعة أعوام واستهدفت حينها أكثر من 20 من الموظفين اليمنيين لدى سفارة الولايات المتحدة وموظفين آخرين لدى مكاتب الأمم المتحدة، وامتدت إلى العاملين لدى منظمات دولية وتعذيبهم في المعتقل حتى الموت، كما حصل مع مسؤول السلامة في منظمة «حماية الطفولة» هشام الحكيمي، ومن بعده الخبير التربوي صبري الحكيمي، وصولاً إلى هذه الحملة الأخيرة.

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة سابقة للمبعوث غروندبرغ (إ.ب.أ)

المصادر أكدت أن الجانب الحكومي يتوقع أن تراجع الأمم المتحدة مواقفها وتستدرك مخاطر عدم اتخاذها مواقف رادعة وواضحة تجاه الحوثيين، وقالت إنه يعتقد أن تعليق عمل المكاتب الرئيسية للأمم المتحدة في صنعاء إلى حين إطلاق سراح الموظفين، وتقديم الحوثيين التزامات واضحة بضمان أمن وسلامة العاملين في المكاتب الأممية والمجال الإنساني بشكل عام، خطوة مهمة سيكون لها تأثير واضح، وسترغم الحوثيين على إطلاق سراح هؤلاء الأبرياء.

واستشهدت المصادر بالخطوة التي اتخذها برنامج الأغذية العالمي عندما قرر وقف توزيع المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ نهاية العام الماضي عندما أراد الحوثيون فرض قوائم المستفيدين بعيداً عن الآلية التي يتبعها البرنامج، وقالت إن هذا الموقف الشجاع أرغم الحوثيين على سحب اعتراضهم ووقف تدخلاتهم في تحديد المستفيدين من المساعدات التي يقدمها البرنامج.

اعترافات باطلة

علقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على المقاطع الجديدة التي نشرتها وسائل إعلام الحوثيين التي تتضمن ما يسمى بـ«اعترافات» أشخاص تم اعتقالهم تعسفياً ومختفين منذ عام 2021، ووصفتها بأنها «وسيلة لتبرير اعتقالات الحوثيين الأخيرة».

وقالت نيكو جعفراني، مسؤولة ملف اليمن في المنظمة، إن الدليل المعروض في تلك الاعترافات المسجلة «ليس دليلاً على التجسس»، إذ يعترف شخصان باستضافة ورش عمل كانت مختلطةً بين المشاركين من الذكور والإناث. و«يعترف» آخر بتقييم احتياجات الأقليات في اليمن.

اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين تشكل تهديداً حقيقياً لمجتمع العمل الإنساني (أ.ف.ب)

‏وأضافت جعفراني أن الاعترافات تفتقر إلى المصداقية، وتقوض الحق في محاكمة عادلة، خصوصاً أن فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة قد وثق ومعه آخرون استخدام الحوثيين للتعذيب للحصول على اعترافات، إذ وجد الفريق في عام 2020 أن الحوثيين قاموا بتعذيب 14 رجلاً وصبي واحد، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي لانتزاع الاعترافات.

‏وشددت المسؤولة في «هيومن رايتس ووتش» في تعليقها على أن تلك «الاعترافات» والاتهامات لا معنى لها، خصوصاً وأنها تأتي في سياق المطالب المرهقة من قِبَل الحوثيين للمنظمات غير الحكومية، إذ يشترط موافقتهم المسبقة على كل تفاصيل برامج الأمم المتحدة أو المجتمع المدني المقترحة، وهو ما يعني أن البرامج التي يزعمون أنها جزء من جهود التجسس قد تمت الموافقة عليها من قبلهم مسبقاً.