الحوثيون يتولون إدارة معظم مساجد اليمن وتعيين الخطباء

مستشار هادي الذي يمثلهم يستقيل.. ومصرع 15 مسلحا من «أنصار الله» في رداع بالبيضاء

الحوثيون يتولون إدارة معظم مساجد اليمن وتعيين الخطباء
TT

الحوثيون يتولون إدارة معظم مساجد اليمن وتعيين الخطباء

الحوثيون يتولون إدارة معظم مساجد اليمن وتعيين الخطباء

باتت معظم المساجد في العاصمة صنعاء والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن، تخضع بصورة مباشرة لإشراف الجماعة الدينية المتشددة والتي عينت خطباء وأئمة المساجد التي كانت تحظى بنوع من التنوع في الخطاب الديني والمذاهب التي يعتنقها الخطباء والأئمة، وحذر عدد من المراقبين للمشهد في الساحة اليمنية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من خطورة الإقصاء السياسي والديني الذي يمارسه الحوثيون بحق خصومهم والمختلفين معهم سياسيا ومذهبيا. في غضون ذلك، أعلن مستشار الرئيس اليمني عن جماعة الحوثي، صالح الصماد استقالته من منصبه والتواري عن المشهد السياسي، في حين يواصل الحوثيون خوض صراعات ومعارك عسكرية وأمنية وسياسية مع خصومهم على الساحة اليمنية، في الوقت الذي نجا فيه مسؤول حكومي من محاولة اغتيال في شرق البلاد.
وقال الصماد، إنه بذل مساعي خلال الأشهر الماضية لتقريب وجهات النظر بين جماعته التي سماها «الثوار»، من جهة، والرئاسة والحكومة، من جهة أخرى، إلا أن تلك المساعي باءت بالفشل. وأضاف في منشور له في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لقد بذلت كل ما بوسعي خلال الأشهر الماضية للتوفيق بين الثوار من جهة، والرئاسة والحكومة من جهة أخرى، وذلك حرصا منا على تسيير العملية السياسية والخروج بالوطن من محنته فقضيت معظم وقتي في محاولة إقناع الثوار بضرورة غض الطرف أمام التجاوزات في العملية السياسية وإقناعهم بخطورة الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تمر به البلاد وفي نفس الوقت حاولت تقديم النصح للرئيس والحكومة بضرورة طمأنة الثوار بخطوات ميدانية تعزز الثقة بأن هناك توجها جادا لبناء دولة ومحاربة الفساد والقضاء على الاستبداد السياسي من خلال الشراكة في أجهزة الدولة».
وأردف الصماد أن جهوده كان لها دور كبير في إقناع «الثوار» بعدم «التصعيد ومنحوا الرئيس والحكومة والمكونات السياسية فرصة كافية لزرع الثقة وطمأنة الشعب بأن هناك تغييرا في الوضع نحو الأفضل». واتهم القيادي الحوثي الرئاسة والحكومة والمكونات السياسية في الساحة اليمنية بعدم الاستجابة لنصحه، وقال إن ذلك زاد «من احتقان الثوار، والذين لمست منهم إصرارا على فرض الشراكة ومحاربة الفساد وتثبيت الأمن حتى لا تضيع تضحيات الشعب وبدأت ألمس أن الوضع سيخرج عن السيطرة وسيتسع الخرق على الراتق»، حسب تعبيره. وأضاف مستشار هادي المستقيل، والذي أثار جدلا مؤخرا بتصريحاته ومواقفه ضد بعض الأطراف السياسية والقبلية، أنه «مضطر للتواري والابتعاد عن المشهد في هذا الظرف وأتمنى أن تصل الرئاسة والحكومة والمكونات إلى رؤية تضمن الشراكة مع الثوار ويعترفوا بثورة الشعب وتضع حدا للاضطراب السياسي، ولست مستعدا بعد اليوم للتدخل في حل أي إشكال يتعلق بفرض الشراكة أو منعها، فقد بذلت كل ما بوسعي لتلافي أن تصل الأمور إلى هذا الوضع ولكن دون جدوى».
من ناحية ثانية، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن ما لا يقل عن 15 مسلحا حوثيا لقوا مصرعهم، فجر أمس، في انفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم في منطقة قيفة بمديرية رداع في محافظة البيضاء بوسط البلاد. وذكرت مصادر محلية، أن العبوة انفجرت في دورية الحوثيين أثناء مرورها وسط المنطقة، وأعقب ذلك إطلاق نار على من نجا من الانفجار، وتشهد محافظة البيضاء منذ أشهر صراعا مسلحا بين الحوثيين وتنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة، والذي يتخذ من رداع مقرا له، في الوقت الذي لم يتمكن فيه الحوثيون، طوال أشهر، من السيطرة على المديرية رغم محاولاتهم المتكررة والمستمرة واستعانتهم بعدد من المشايخ المقربين منهم.
على صعيد آخر، اقتحم أحد المسلحين الحوثيين قاعة الطعام في معسكر حرس المنشآت بالعاصمة صنعاء وأطلق النار في الهواء، وذلك عندما حاول الاستيلاء على وجبات الغداء الخاصة بالجنود وجرى منعه، وبعد إطلاق النار داخل الصالة تمكن الجنود من إلقاء القبض على المسلح وأودعوه زنزانة المعسكر، وما زال حتى اللحظة، والمسلح الحوثي هو ضمن أفراد الميليشيا الذين فرضهم الحوثيون على بوابات معسكرات الجيش والأمن والوزارات والمؤسسات الحكومية منذ السيطرة على العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول) الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.