خطة مصرية لتطوير المتاحف المتخصصة

من أبرزها «النسيج» و«التماسيح» و«التحنيط» و«الموازييك»

TT

خطة مصرية لتطوير المتاحف المتخصصة

في اتجاه مصري جديد وصفه أثريون بأنّه «نقطة تحوّل مهمة» بدأت وزارة السياحة والآثار خطة طموحة لتطوير المتاحف النوعية أو المتخصصة بهدف تسليط الضوء على محطات ومسارات مختلفة لتطور الحضارة المصرية، وإبراز التقدم العلمي والفني الذي وصلت إليه البلاد قديماً في مجالات الطب والعمارة والفنون.
واستحدثت وزارة السّياحة والآثار إدارة جديدة تحت اسم «الإدارة العامة للمتاحف النوعية» تعمل على ضمّ المتاحف النوعية المصرية كافة، لفتح آفاق جديدة للتعاون مع مثيلاتها في دول أخرى لتبادل الخبرات، كما تسعى مستقبلاً إلى تدشين متاحف جديدة بنفس المفهوم وفق مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «المتاحف النوعية ليست متاحف عادية، فلها خصوصية وتفرد مستمَد من طبيعة مقتنياتها المتخصصة، ومع كبر واتساع الحضارة المصرية والمقتنيات الأثرية وتشعب موضوعاتها كان لزاماً ضم هذه المتاحف في إدارة واحدة لما لها من طبيعة خاصة ومنتج أثري وسياحي مختلف، بما يسهم في تسليط المزيد من الضوء على تفرد مقتنياتها وموضوعاتها، ويسهم في إبراز مسارات مختلفة لجميع مناحي تطور الحضارة المصرية».
وبدأت خطة التطوير مرحلتها الأولى بضم خمسة متاحف إلى الإدارة الجديدة استناداً إلى التعريف الأثري للمتحف النوعي بأنّه «متحف متخصص يركز على موضوع واحد ويبرز أدق تفاصيله»، وهي: متحف النسيج المصري في القاهرة، ومتحف التحنيط في الأقصر (جنوب مصر)، ومتحف التماسيح في كوم أمبو (جنوب مصر)، ومتحف إيمحتب في منطقة سقارة بالجيزة، ومتحف الموازييك في مدينة الإسكندرية، وهو متحف جديد من نوعه لا يزال تحت الإنشاء.
ويربط بين المتاحف التي تم اختيارها للمرحلة الأولى أنّها تُبرز ملامح مختلفة للتطور النوعي للحضارة المصرية، حسب الدكتور أشرف أبو اليزيد، المشرف العام على الإدارة العامة للمتاحف النوعية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المتاحف الخمسة التي اُختيرت للمرحلة الأولى تعكس تنوعاً في إبراز جوانب ومسارات مختلفة لتطور الحضارة المصرية وبراعتها في مجالات متنوعة من العلوم والطب والفنون والعمارة، فبينما يُبرز متحف النسيج المصري الذي يعدّ الأول من نوعه في الشرق الأوسط بتخصّصه النوعي النادر وتفرد مقتنياته، تفاصيل تطور فنٍّ من أقدم الفنون الإنسانية، يبرز متحف التحنيط التطور والتفوق الطبي الذي تحقق بشكل غير مسبوق في الدولة المصرية القديمة، وهو ما ينطبق أيضاً على متحف التماسيح الذي يؤهله تخصصه النادر ومقتنياته الفريدة لمكانة مميزة بين متاحف العالم». ويضيف أنّ «مقتنيات متحف إيمحتب تعد توثيقاً لتطور فن العمارة وبداية استخدام بلاطات القيشاني (السيراميك) الملونة، إذ يُعد إيمحتب أشهر مهندس معماري في التاريخ المصري، وهو مَن صمَّم هرم زوسر».
وتعتزم وزارة السياحة والآثار نقل متحف النسيج من موقعه الحالي في شارع المعز التاريخي بقلب القاهرة الفاطمية إلى قاعة خاصة داخل المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، حسب أبو اليزيد.
فيما يعدّ متحف الموازييك «تحت الإنشاء» في مدينة الإسكندرية نموذجاً لفكرة المتاحف النوعية المتخصصة التي تسعى وزارة السياحة إلى التوسع فيها، فهو متحف يؤرّخ ويوثّق لتطوّر فن الفسيفساء ليس في مصر فقط، وإنّما في دول البحر المتوسط كلّها، حيث يعكف مركز الدراسات المتخصص التابع للمتحف على إعداد دراسات فنية متنوعة عن مراحل تطور فن الفسيفساء في دول المتوسط.
ويقول مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف إنّ «اختيار مدينة الإسكندرية مكاناً لمتحف الموازييك، يرجع إلى تميزها التاريخي في هذا الفن منذ نشأته، فعلى سبيل المثال في الفترة ما بين القرن الثالث والسابع قبل الميلاد كان الفنانون المصريون يَفِدون إلى روما ودول أخرى لتنفيذ أعمال الفسيفساء التي شكّلت أحد ملامح الحضارة وفنونها في تلك الفترة».
وتسعى الإدارة العامة للمتاحف النوعية إلى ضمّ متاحف أخرى ينطبق عليها التعريف الأثري للمتحف النوعي عبر دراسة حالة كل متحف وتصنيف مقتنياته، ومن بين المتاحف التي يُتوقع أن تُضمّ قريباً، «متحف المركبات الملكية» في منطقة بولاق أبو العلا «وسط القاهرة» و«متحف المجوهرات الملكية» في مدينة الإسكندرية.
ويشير الدكتور أشرف أبو اليزيد إلى أنّ «خطة المرحلة الأولى لتطوير المتاحف النوعية التي ضُمّت تقوم على محورين رئيسيين: الأول توظيف نُدرة المقتنيات وتخصّصها النوعي في خطط تسويقية جديدة تركز على عنصر التخصص وما يمثله من ثراء التعمق في التفاصيل، فيما يركز المحور الآخر على انفتاح كل متحف على بيئته ومحيطه الاجتماعي الذي يربط بين الطبيعة الخاصة لمقتنياته ودوره المجتمعي في البيئة المحيطة به».



مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

طرح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمصر، محمد عبد اللطيف، مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد «شهادة البكالوريا المصرية» بدلاً منه، مقترِحاً تطبيق النظام الجديد بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.

وأوضح الوزير خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، أبعاد النظام الجديد وتفاصيله، ووصفه بأنه «يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين»، كما يعتمد على التعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين، وفق بيان لمجلس الوزراء.

ووجَّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي بمناقشة آليات تنفيذ هذا النظام في المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق.

ويتكون هيكل «شهادة البكالوريا المصرية» المقترحة من مرحلتين، هما المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، والمرحلة الرئيسية (الصفان الثاني والثالث الثانوي)، وفق عبد اللطيف الذي يؤكد أنه يحظى بـ«اعتراف دولي» ويتيح فرصاً متعددة.

الوزير المصري قدَّم مقترحاً لتغيير نظام الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وتتضمن المرحلة الأولى، ممثلة في الصف الأول الثانوي، عدداً من المواد الأساسية تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب، وفق البيان.

وأضاف الوزير أن المرحلة الرئيسية (الصف الثاني الثانوي) ستتضمن المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي مواد اللغة العربية، والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى المواد التخصصية ويختار منها الطالب مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الرياضيات/ الفيزياء»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».

وبخصوص مواد المرحلة الرئيسية (الصف الثالث الثانوي)، فإنها تتضمن في المواد الأساسية لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الأحياء (مستوى رفيع)» و«الكيمياء (مستوى رفيع)»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«إحصاء».

وزير التربية والتعليم المصري خلال طرح النظام الجديد للثانوية العامة (رئاسة الوزراء)

وكان وزير التربية والتعليم المصري الذي تولى الحقيبة الوزارية في يوليو (تموز) الماضي، قد أعلن في أغسطس (آب) عن تغييرات في نظام الثانوية العامة بتخفيض عدد المواد للصف الأول الثانوي من 10 إلى 6 مواد، والصف الثاني الثانوي من 8 إلى 6 مواد، والصف الثالث الثانوي من 7 إلى 5 مواد؛ الأمر الذي أثار جدلاً وقتها.

وسرعان ما تعرَّض مقترح الوزير إلى انتقادات عدة عبر «السوسيال ميديا»؛ إذ اعتبر متابعون وأولياء أمور أن «التغييرات المتتالية خلال السنوات الماضية في نظام الثانوية العامة أضرت بمستقبل الطلاب ولم تفدهم، وأن تغيير استراتيجيات التعليم يتطلب سنوات طويلة».

وبخصوص نظام «البكالوريا» الجديد، أشار الوزير، إلى مجموعة من القواعد العامة التي تخصّ المرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، تضمنت أن الامتحانات تتاح بفرصتين في كل عام دراسي خلال شهري مايو (أيار) ويوليو لمواد الصف الثاني الثانوي، وشهري يونيو (حزيران) وأغسطس لمواد الصف الثالث الثانوي، وأن دخول الامتحان للمرة الأولى يكون مجاناً، وبعد ذلك بمقابل 500 جنيه (الدولار يساوي 50.58 جنيه مصري) عن كل مادة، ويحتسب المجموع لكل مادة من مواد الثانوية السبع من 100 درجة.

الوزير يتابع العملية التعليمية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعدّت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) الدكتورة جيهان البيومي «النظام الجديد مقبولاً إذا كان يستهدف الخروج من فكرة حشو عقول الطلبة بالمعلومات والاعتماد على الحفظ والتلقين فقط، وهو أمر انتهى عصره في كل الدول»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أما الفكرة وآلية تطبيقها فهما ما نحتاج إلى مراجعته ومعالجة أساليب التطبيق؛ وهو ما يستدعي مناقشته مع الوزير ولجنة التعليم وأيضاً الاستماع إلى المناقشات المجتمعية للوصول إلى أفضل الحلول وأفضل تطبيق».

وتعرّض نظام الثانوية العامة في مصر لتغييرات على مدى سنوات، من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيسي (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما «الصفان الثاني والثالث الثانوي»، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط.

وخاض امتحان الثانوية العامة في العام السابق 2024 أكثر من 750 ألف طالب وطالبة في الشعبتين الأدبية والعلمية بشعبتيها (العلوم والرياضة)، وتمثل شهادة الثانوية محطة مفصلية في المسار التعليمي للطلاب، وتحظى باهتمام شديد من معظم الأسر المصرية.

ويتوقع أن يثير المقترح الجديد جدلاً وسعاً في مصر بسبب أهميته لمئات الآلاف من الأسر في جميع المحافظات.