متحف سعودي يجمع أكثر من 60 ألف قطعة في أجواء «المنزل»

أسسه عبد الرؤوف خليل قبل أكثر من 20 عاماً في جدة

TT

متحف سعودي يجمع أكثر من 60 ألف قطعة في أجواء «المنزل»

يستمر متحف «الفنون المنزلية» في جذب زوار مدينة جدة السعودية لأكثر من 20 عاماً منذ إنشائه متميزاً بطريقة غير تقليدية في عرض ومزج مقتنياته ومعروضاته النادرة.
«الشرق الأوسط» تجولت في المتحف الذي يضم العديد من القطع التي تعكس تراث جدة الثقافي في العصور القديمة، وتتنوع ما بين الأثاث والملابس والأدوات المستخدمة.
الراحل عبد الرؤوف حسن خليل، مؤسس المتحف، اهتم كثيراً على امتداد حياته بدراسة حضارات الأمم، وتميز بسعة أفق وبرحابة علم وعشق كبير للتراث؛ مما أهّله لأن يصبح مرجعية تراثية في جدة حتى وفاته عام 2008.
في مدخل متحف الفنون المنزلية تستقبل الزوار الساحة الخارجية، بمجسماتها الحجرية والجصية المصنوعة بدقة عالية والموزعة بين جنبات الساحة، ويتوسطها مجسّم للحرمين الشريفين ونماذج أخرى تعود لأشهر الأماكن الأثرية في جدة، وجميعها تملك طابعاً عربياً إسلامياً مميزاً.
يتكون المتحف من طابقين، وكل طابق مختص بعرض بعض التحف والمُجسمات، ويحتوي على مجموعة من قطع الأثاث الأثري الذي يصل عمرها إلى ما يزيد على 70 سنة، إضافة إلى بعض المقتنيات التي تعود للقرن السابع الميلادي والعصر الحجري والبرونزي كان قد جمعها مالك المتحف.
ويحتوي المتحف على نماذج للمعالم الأثرية للسعودية، وقطعة نادرة من الكسوة الأولى للكعبة الشريفة يمتد عمرها إلى أكثر من 100 عام، ويوجد به العديد من الصالونات وبعض أنواع المجالس القديمة المتنوعة جغرافياً، ومنها الأندلسية والإسلامية والأوروبية. كما يعرض المتحف الملابس الخاصة بالعروس التي كانت ترتديها قديماً في منطقة الحجاز، وبعض الملابس الأخرى الخاصة بالنساء.
ويذكر المهندس يوسف كيكي، المشرف العام على المتحف، لـ«الشرق الأوسط»، أنه يوجد بالمتحف أكثر من 60 ألف قطعة تنوعت بين لوحات وقطع أثرية وأثاث وطراز معماري وأزياء قديمة، وأن سبب تسمية المتحف بالفنون المنزلية جاء «بسبب عرض الطريقة المُثلى لتنظيم المنازل والقصور في كثير من المجتمعات الغربية والشرقية، كما يعرض بعض التصميمات الداخلية للمنازل ذات الأذواق المتنوعة».
ويضيف كيكي «أما على صعيد جمع التحف المعروضة، فقد أنفق عبد الرؤوف خليل أكثر من 45 سنة في عمليتي الجمع والرصد. وقد تم الانتهاء من إنشاء المتحف وافتتاحه في عام 1999، حيث يتوافد إليه الكثير من السياح الأجانب والسكان المحليين سنوياً، وأصبح مكاناً لمحبي فنون الديكور والمفروشات، إضافة إلى استقباله طلاب هندسة العمارة والآثار بشكل مستمر لدراسة وحضور المحاضرات فيه».
وبينت فايزة الزهراني، مرشدة المتحف، بأن «المتحف يحتوي على لوحات طبق الأصل لمستشرقين فرنسيين، مثل لوحة (راقصات جزائريات) للفنان شانسيريو، ولوحة (نسوة من الجزائر) للمستشرق دولاكروا، إضافة إلى وجود لوحات تشكيلية للفنان اللبناني العالمي هرير، ولوحات لأشهر الفنانين السعوديين، مثل فوزية عبد اللطيف وأحمد المغلوث».



محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.